فضلا عن حنينهم للوجه الأصلي للقصبة الذي تغير بفعل التحولات التي طرأت عليها فإن سكان المدينة العريقة أصبحوا اليوم يحنون إلى الروح التضامنية التي كانت راسخة في تقاليدها خلال شهر رمضان المعظم. لقد أصبحت القصبة غريبة على سكانها الأصليين بالنظر إلى التحولات التي شوهت الجوهر الحضاري والثقافي والمجتمعاتي لهذا الحي العتيق. فخلال هذا الشهر الكريم يتذكر بعض سكان القصبة ذلك الجو البهيج الذي كان يسبق ويرافق هذه الفترة المتميزة من السنة ويتأسفون لزوال الروح الجماعية التي كانت تصنع فرحة وابتهاجا لديهم. يقول تشيكن عمر الذي أقام بشارع عبد الرحمان عرباجي (مارنغو سابقا) أن (كافة سكان الحي كانوا يتعاونون في عملية التنظيف لاستقبال شهر رمضان المعظم). وأضاف أنه يغتنم فرصة إحالته على التقاعد للعودة إلى هذا الحي الذي غادره منذ بضعة سنوات قصد استحضار ذكريات طفولته. يتذكر تلك اليوميات التي كان يميزها تعاون سكان الحي ويتحدث عن القدوم الأسبوعي للمنظفين (السياقين). ويبقى تنافس الجيران لدعوة شخص معوز لمائدة الفطور من بين أجمل الذكريات التي مازالت راسخة في ذهنه. كما يتذكر تلك السهرات الرمضانية التي كانت تقام في الشوارع حول كأس من الشاي وقلب اللوز يقدمها أحد الجيران. ومن جهتها تحدثت السيدة ميمي التي تحاول الحفاظ على بعض التقاليد من خلال أحفادها عن المرحوم بوعلام تيتيش الذي كان يحيي ليلة 27 من شهر رمضان قائلة إنه كان يصعد ويعزف على آلة الزرنة من (المسجد الكبير) بساحة الشهداء إلى غاية سيدي عبد الرحمان رفقة عدد كبير من السكان. الشباب يستعيد الذاكرة الجماعية تعد استعادة الرموز والذاكرة الجماعية (للقلب النابض) للعاصمة الموضوع المفضل لجمعية (أصدقاء أرزقي) (منحدر فالي سابقا) حسبما أشار إليه رئيس الجمعية لونيس عودية الذي أكد على ضرورة إشراك الشبان في رد اعتبار القصبة. وألح المتحدث على النظافة التي يعتبرها بمثابة إحدى القيم التي ينبغي ترسيخها لدى الشباب لأنها على حد قوله تعكس أكثر من أي شيء آخر درجة (تحضر) المجتمع. تسهر الجمعية على استعادة قيم أخرى كانت متواجدة في الماضي على غرار التعاون والتضامن واحترام الآخر وغيرها. يندرج مسعى لونيس آيت عودية في أفق رد اعتبار جوانب من الثقافة الخاصة بهذه المدينة-الرمز التي تعد بمثابة عناصر (مهيكلة) لهويتنا. وقد تم في هذا الصدد إطلاق عمل جواري موجه للشبان منذ بضعة سنوات قصد وضعهم ضمن معالم الماضي هذه التي تكتسي أهمية بالنسبة لمستقبلهم.