تجددت المظاهرات بالعاصمة السودانية أثناء تشييع جثمان أحد قتلى الأحداث، وهتف المتظاهرون مطالبين برحيل النظام، ونددوا بما سموه استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، بينما صدرت دعوات من داخل النظام ومن خارجه للإصلاح وتدارك الأمور قبل استفحال الأزمة. وقال شهود إن الشرطة السودانية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المحتجين الذين وصفوا الرئيس عمر حسن البشير بالقاتل، ورددوا هتافات تدعو للحرية وإسقاط نظام البشير. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على الحشد عدة مرات. ونظمت هذه المظاهرة في أحد الأحياء الراقية في الخرطوم، بعد تشييع صلاح مدثر الذي قتل الجمعة الماضي خلال مظاهرة في الخرطوم بحري، وهو صيدلي ينحدر من عائلة ثرية معروفة. وذكرت مصادر رسمية أن عدد قتلى المظاهرات ارتفع إلى 34، ووصل عدد الجرحى المدنيين إلى300، فضلا عن نحو مائة مصاب من عناصر الأمن، كما اعتقل نحو 600 شخص. من جانبه، قال وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد إن قواته تتعامل بمهنية عالية مع المتظاهرين في السودان، لكنه أضاف أن لجوء المتظاهرين إلى العنف وإتلاف الممتلكات دفعها للتصدي لهذه الممارسات. وحمّل الوزير الجبهة الثورية -وهي فصائل التمرد السودانية- مسؤولية العنف الذي صاحب المظاهرات في المدن السودانية، وقال إن لديهم أدلة كافية على ذلك. وفي غضون ذلك، حذر أعضاء بارزون في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان الرئيس البشير من التمسك بالإجراءات التي اتخذتها حكومته، والعنف الذي مارسته الشرطة وقوات الأمن ضد المحتجين السلميين. وقالت جماعة الإصلاح داخل الحزب الحاكم في بيان إن الإجراءات الاقتصادية التي طبقتها الحكومة مؤخرا أحدثت آثارا قاسية على المواطنين دون مبررات مقنعة، مشيرا إلى إصرار الحكومة على تطبيق الإجراءات، غير مبالية بآثارها ومدى قدرة المواطنين على تحملها. ودعت الجماعة -التي ضمت غازي صلاح الدين مستشار الرئيس البشير سابقا، ووزير الرياضة السابق حسن عثمان رزق، وعضو مجلس قيادة الثورة السابق صلاح الدين محمد أحمد كرار، والعميد المتقاعد محمد ود إبراهيم- إلى تشكيل ؟؟؟؟؟ _ من القوى ؟؟؟؟؟؟ لمعالجة الموضوعات السياسية الهامة، ومن بينها الإطار السياسي الذي تحل فيه الأزمة الاقتصادية. وعلى صعيد ردود الأفعال الدولية، نددت الولاياتالمتحدة في بيان خطي بقمع المحتجين، واتهمت السلطات السودانية باستخدام القوة المفرطة، وعبرت عن انزعاجها من التقارير التي تحدثت عن اعتقال نشطاء أو احتجازهم، وفرض قيود على خدمات الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول. وقالت منظمة العفو الدولية -ومقرها لندن- والمركز الأفريقي لدراسات العدل والسلام بنيويورك، نقلا عن شهود وأقارب قتلى وأطباء وصحفيين، إن خمسين شخصا على الأقل قتلوا بالرصاص في الصدر أو الرأس. أما منظمة هيومن رايتس ووتش -ومقرها نيويورك- فقالت في بيان منفصل إنها تأكدت من أن عدد القتلى أعلى من الرقم الرسمي، لكنها لم تذكر رقماً محدداً. "هوت دوغ".. كلمة ألهبت السودانيين انتقلت مطالب السودانيين خلال خمسة أيام فقط من الاحتجاج على رفع دعم الحكومة السودانية لسعر المحروقات إلى المطالبة ب "قلع" الرئيس عمر البشير، الذي وقع في (زلة لسان) ربما تكون قاتلة سياسياً. قال البشير قبل أيام في مؤتمر صحافي إنه صاحب الفضل في تعريف السودانيين بوجبة "الهوت دوغ"، وترجمها البعض تعمداً بوجبة "الكلب الساخن"، وكانت هذه المزية كافية لتثير حفيظة قطاع واسع من السودانيين. ومنذ توليه السلطة عام 1989 لم يواجه الرئيس السوداني حركة شعبية عنيفة مثل هذه الأيام، رغم اعتياد الحكومة على الاحتجاجات الاجتماعية في السنوات الأخيرة، لكن (الخرجة) السياسية غير الموفقة للرئيس عمر البشير الأسبوع الأخير، كانت سبباً في انفجار غير متوقع. ومما قاله البشير في مؤتمر صحافي: (أتحدى لو فيه زول (رجل) سمع بالهوت دوغ قبل حكومة الإنقاذ)، وكان هذا التحدي كافياً ليخرج الآلاف من السودانيين إلى الشارع. وظهر فيديو للبشير وهو يتبرأ مما نسب له، وقال إنه لا يعرف أصلا ما معنى (الهوت دوغ)، لكن هذا لم يشفع له خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي. ولليوم الخامس يواصل السودانيون غزو الشارع رفضاً لسياسة الحكومة، ورفضاً لاستفزازات الرئيس عمر البشير، ورفع متظاهرون في كبرى المدن السودانية شعارات سياسية تطالب برحيله، وليس بالتراجع عن رفع أسعار المحروقات. وعلى الأرض، يقول نشطاء سودانيون ارتفع سقف المتظاهرين بعد رؤية الدم يسيل، وبعد معاينة قمع قوات الشرطة لأهاليهم.