أضحت مشاكل الطلاق التي تحصي الجزائر الآلاف منها سنويا لا تعد ولا تحصى، ويبقى الضحايا الأولون الأطفال بالنظر إلى ما يفرزه القرار الصعب في نفسياتهم بعد تشتت الأسرة وغياب دور الأب بين عشية وضحاها، بحيث تزداد مشاكلهم النفسية بعد وضع حد للحياة الزوجية والنطق بالطلاق وانتهاء العلاقة الزوجية، لاسيما وأنهم أصبحوا وسيلة تحريض وعادة ما تستغل براءتهم وانعدام تمييزهم في خلق بعض الصراعات والمناوشات بين الزوجين المطلقين مما يؤدي إلى انعكاسات سلبية خطيرة على نفسياتهم ومزاجهم وربما تدهور مستواهم الدراسي. نسيمة خباجة تعيش بعض العائلات في إحباط ومعاناة مستمرين بعد حصول الطلاق خصوصا وأن تلك الخطوة لا توقف بعض الصراعات وإنما تزداد وتيرتها بسبب وجود أبناء يبقون همزة وصل بين الزوج وطليقته، وذلك مربط الفرس ورأس المشكل، بحيث بات هؤلاء الأبرياء كالكرة التي يتم تقاذفها بين الأبوين لانتقام كلاهما من الطرف الآخر، وتبدأ الصراعات مباشرة بعد استكمال إجراءات الطلاق دون أدنى محافظة على نفسية الأطفال مما يؤثر على نشأتهم وتكوين شخصيتهم. مطلقات فوق القانون بحيث تسند حضانة الأطفال حسب الشرع والقانون إلى الأم بعد الطلاق، على أن يكون للأب الحق في رؤية أبنائه كحق شرعي مكفول له قانونا كل أسبوع، ويتبع إجراء الحضانة بالنفقة على الأبناء الذي يقع على كاهل الأب من أجل رعاية الأبناء من طرف الأم، إلا أن نهاية العلاقة بالطلاق ينتج نوع من العداوة والانتقام لدى البعض وتحرم بعض النسوة المطلقات الأب من ذلك الحق المكفول له قانونا، ويكون الأبناء وسيلة الأم في ذلك عن طريق التحريض وإدخالهم في اللعبة واستغلال براءتهم من طرف أقرب الناس إليهم، وذلك ما يكشفه الواقع في الكثير من المرات، ويصلح نعت هؤلاء المطلقات بمطلقات فوق القانون بسبب استعمالهم مختلف الأساليب من اجل حرمان الأطفال من أبيهم، وبعد ارتكاب ذنب تحطيم أسرة يستمر البعض في ارتكاب الأخطاء دون مراجعة حساباتهم، وهي الأمور التي تؤدي إلى تيه الأطفال بين الأب والأم وتعكر نفسياتهم وشعورهم بالإحباط في كل مرة، ما يجسده انعزالهم وإصابة الكثير منهم بأمراض التوحد كمرض شائع بين الأطفال ضحايا الطلاق نتيجة الأوضاع التي يتجرعونها من أقرب الناس إليهم. عيّنات من الواقع ولرصد ما يحدث بغرف الأحوال الشخصية عبر المحاكم، اقتربنا من البعض منها والتي باتت تظهر ممتلئة بأزواج اختاروا وضع حد للحياة الزوجية التي أضحت حسبهم لا تطاق، ففي حين يرمي الزوج بالأسباب على الزوجة ترمي هي بكل الأثقال عليه، ويبقى للقاضي وحده الفصل في تلك القضايا جد المعقدة التي أضحت سيناريو متكرر بالمحاكم، وعادة ما تكون نهاية تلك المآسي النطق بالطلاق ولا تنتهي الآفة عند ذلك الحد بل تستمر المعاناة حتى بعد الطلاق بسبب المعركة التي تدخل فيها بعض المطلقات ويمسكن مطلقيهم من اليد الموجعة بحرمانهم من رؤية فلذات أكبادهم، حيت تحوّل بعض المطلقات وللأسف الأطفال إلى سلاح فتاك لأجل محاربة الزوج وزعزعة مشاعره. وفي استطلاعنا التقينا بعينات يندى لها الجبين، بحيث يحرم بعض الأزواج من حقهم في الأبناء مباشرة بعد الطلاق ويعيشون أحلك أيامهم، بحيث وبعد تشتت الأسرة يتشتت الأبناء ويتحولون إلى كرة يتم تقاذفها بين الأب والأم دون أدنى رحمة بهم ويستغل ضعفهم في تلك السلوكات والأفعال المملاة عليهم. عينة لأحدهم يباشر إجراءات الطلاق بعد أن استحال عليه الاستمرار في الحياة الزوجية والمصيبة أن العلاقة أثمرت بنت وولد لا يقوى على فراقهما، إلا أنها مشيئة القدر، وبعد علم زوجته أنهما نقطة ضعفه استغلتهما لإحباط معنوياته والزيادة في حزنه، بحيث وحسب ما أعلمنا به استغلت براءتهما لتحريضهما عليه وتشويه صورته أمامهما من اجل الوصول إلى هدفها والاستحواذ عليهما ومنعته حتى من الحق في أخذهما ومحاولتها هدم علاقة الأبوة بينه وبين طفليه، وهي الأمور التي جعلته لا يندم في لحظة من قطع العلاقة الزوجية معها بالنظر إلى كيدها العظيم. نفس ما يعيشه آخر الذي حرم من حقه في رؤية ابنته بعد طلاقه من زوجته وكانت تفتعل الأسباب لحرمانه من فلذة كبده والتذرع في كل مرة بمرض الطفلة أو أي سبب آخر لأجل منعه من حقه في رؤيتها واحتار كثيرا من إدخال البراءة في مشاكل تكبر عنها، فبعد أزمة الطلاق وغياب الأب تزيد الأم من أزمة الطفلة خصوصا وان سنها حاليا هو ثماني سنوات وتعرف ما يدور حولها. النفقة كابوس يهدد الأزواج النفقة ذلك المشكل العويص الذي يتخبط فيه العديد من الأزواج، ولطالما هدد الحبس الكثير منهم بل منهم من القي عليه القبض بزنزانة المحكمة، بعد تماطله عن دفع نفقته للأطفال بسبب العسر المادي الذي يتخبط فيه بعض الأزواج وواجب النفقة الذي يواجههم مباشرة بعد الحكم بالطلاق، وكم من مطلقة جعلتها وسيلة تهديد للزوج مما حولها إلى كابوس يهدد حرية الأزواج ولا تتفهم بعض المطلقات حتى حالات الإعسار التي ربما يكون عليها الزوج السابق وتجعلها مطية لإعلان الحرب عليه، ويتذوق الكثيرون مراراة تلك الأعباء التي فرضت عليهم نتيجة الطلاق وكم منهم يجد نفسه رب لعائلتين بعد إعادة الزواج، والمعيشة الصعبة قد تؤدي به إلى التأخر في بعض المرات عن مستحقات الأبناء لتسارع الزوجة إلى إجراءات رفع دعوى الامتناع أو التماطل في دفع النفقة، ويكون البعض في صراع دائم ولا تنتهي مشاكل الطلاق منذ بدايته وصولا إلى مشاكل النفقة، وكثيرا ما نجد هذه العراقيل في العلاقات الزوجية التي انتهت بالطلاق وأفرزت أطفال ضحايا الطلاق، بحيث تجعل بعضهن الطلاق كوسيلة لتضخيم النفقات على الزوج التي يحكم بها القاضي وفق قدرة الزوج، وتحاول الزوجة في كل مرة فرض سيطرتها بتضخيم مبلغ النفقة وكأنها بذلك تحاول أن تعاقب الزوج على فعلته التي اقترفها في حقها والتي تكون بسبب ظروف قاهرة أجبرت الزوج على اختيار أسوء الحلين واتخاذ قرار التطليق بعد استحالة استمرار الحياة مع من اختارها في الأول زوجة له، إلا أن تغير الظروف أجبره على التطليق في آخر المطاف. معدلات الطلاق في تزايد يجمع الكل على ارتفاع معدلات الطلاق قي الجزائر والتي فاقت تسجيل 40 ألف حالة سنويا تفرز بدورها الآلاف من الأبناء المشتتين بين الأب والأم والعديد من الآفات الاجتماعية الأخرى مما يوجب دق ناقوس الخطر والوقوف عند مسببات الظاهرة التي هي في تزايد مستمر، فمن جهة نجد قلة فرص الزواج وتأخر سن الزواج لدى الكثيرين ومست الآفة الجنسين معا بسبب الظروف الاجتماعية الراهنة، ومن جهة أخرى يقابلنا فشل العلاقات الزوجية التي يكون مصيرها الطلاق مما يبرهن أن الأسس التي باتت تبنى عليها الأسر هي بعيدة كل البعد عن التأهيل لتلك الخطوة المهمة والتي من الواجب أن تبنى على أسس صلبة ومتينة من اجل مقاومة كل العواصف التي قد تؤثر على العلاقة في المستقبل وتفادي الوقوع في أبغض الحلال عند الله فالطلاق على الرغم من انه حلال يحمل عواقب وخيمة على الأسر وعلى المجتمع بأكمله لاسيما وأن أثمرت العلاقة الزوجية الفاشلة عن أبناء يتذوقون مرارة انفصال الأبوين ويتم إقحامهم جبرا في تلك الصراعات الدائرة بين الأب والأم المنفصلين، مما يؤثر على نفسيتهم وعلى بناء شخصيتهم على حسب ما أكدته المختصة النفسانية (ج. سليمة) التي قالت أن عواقب الطلاق هي جد وخيمة على الأطفال خصوصا وأنهم باتوا الوسيلة المستعملة لدى البعض لضرب الطرف الآخر واستغلال براءتهم وعدم إدراكهم للأمور في أغراض متنوعة، ومن غير اللائق اللجوء إلى تلك الأساليب التي تؤثر سلبا على نفسية الطفل فيمتاز بالعدوانية اتجاه الآخرين بعد انفصال اقرب الناس إليه ومشاهدتهما في حالة حرب دائمة ليكون هو الحكم ولا يدري الاتجاه يمينا أو شمالا بعد أن يقع بين نارين. وختمت بالقول إنه وجب إبعاد الأبناء عن كل تلك الصراعات لحفظ اتزانهم ويكفيهم آفة الطلاق التي هبت عليهم كالعاصفة ومن غير اللائق إقحامهم في نزاعات لا علاقة لهم بها بل يعتبرون ضحاياها.