صيادلة يرفعون شعار الربح الاقتناء العشوائي للدواء هو سلوك فرض نفسه في الآونة الأخيرة وصار أغلب المرضى أطباء لعللهم، بل ويتواصون بأنواع من الأدوية المتداولة، بحيث صار اللجوء إلى الطبيب من أجل الفحص والاعتماد على وصفة طبية معلومة سلوكا غائبا لدى العديد من المرضى، بحيث يحاولون القضاء على آلامهم باعتماد أدوية قد لا تجدي نفعا في حال تناولها لوحدها وتحتاج إلى مرافقة مضادات حيوية أخرى لا يعلمها إلا الطبيب بعد حصول الكشف، مما حوّل اقتناء الأدوية إلى شبه (قضيان يومي) للمواطنين لا يكلفهم إلا وطء أقرب صيدلية بشارع ما وتوضيح اسم الدواء ليُقدّم إليهم من طرف الصيدلي من غير إشكال مادام أن بعض الصيادلة لا يهمهم حاليا سوى تسويق الدواء وبيع أكبر كمية منه. نسيمة خباجة يجذبنا عادة الاكتظاظ الذي تشهده الصيدليات وبعد أن كان بالأمس الزبائن يصطفون ويمسكون بالوصفات في أياديهم لانتظار أدوارهم، ابتعد زبائن اليوم عن ذلك السلوك، فنصف الواطئين إلى الصيدليات تخلو أياديهم من الوصفات وحلت محلّها القصاصات الورقية التي تدون فيها أسماء مختلف الأدوية لغير المتعلمين، أما المتعلمون فيتلفظون بأسماء الدواء، من دون أن ننسى حضور قصاصات باسم الدواء التي يقصها المريض من الدواء مباشرة بعد انتهائه ويركض بها إلى الصيدلي لاقتنائه، هي سلوكات على الرغم من غرابتها أضحى المرضى يلتزمون بها ونسوا خطوة اللجوء إلى الطبيب بغرض أخذ وصفة معلومة بعد الخضوع إلى الفحص الطبي كخطوة ملزمة وجب عدم إهمالها لكن مرضى اليوم تحولوا إلى أطباء لعللهم فهم يصفون الأدوية لعللهم ويتواصون فيما بينهم ببعض أسماء الأدوية المتداولة والتي قد تشفي أعراضا وتحمل بعض التأثيرات الجانبية على صحة المرء بصفة سلبية. مضادات زكام قد تؤدي إلى السكتة الدماغية ونحن في فترة الإصابة بمرض الزكام الذي زار البعض وعرف بحدّته في هذا الموسم فرض الأمر لجوء الكثير من المصابين بأعراض الزكام إلى الصيدليات لطلب أنواع من أدوية الزكام التي تعرضها الصيدليات، ويحفظها الزبائن عن ظهر قلب منها المستوردة ومحلية الصنع على غرار رومافاد، قريباكس، هومكس، اموكسيلين.... وغيرها من الماركات الأخرى التي يسهل حفظها بالنظر إلى شيوعها بين أوساط المجتمع، وأضحى المصاب بالزكام سواء كان خفيفا أو قويا لا يطرق باب الطبيب بل يطرق باب الصيدلي لاقتناء بعض الأدوية من دون وصفة ومن دون الشعور بمخاطر الخطوة، فقد تنفع تلك الأدوية لأعراض وتهلك جوانب أخرى من صحة المرء، لكن الظاهرة تتواصل وصار نصف الزبائن الذين يلجون الصيدليات يلجونها من دون اصطحاب وصفة، وعادة ما تكون الأدوية المطلوبة هي أدوية مخففة للآلام وأعراض الزكام كالسعال والعطاس من دون أن ننسى مسكنات ألم الرأس المطلوبة جدا على مستوى الصيدليات. اقتربنا من السيد إسماعيل عون مساعد بصيدلية بالعاصمة لاستفسار تلك الأمور التي باتت ظاهرة شائعة أدت بالمريض إلى الاستغناء الكلي عن الطبيب إلا في المراحل الصعبة، وإقباله على اقتناء الأدوية التي قد تكون ماركاتها طبق الأصل للوصفة الأولى التي دونت من طرف الطبيب بعد عام، أي يمكث المريض على تناول نفس الأدوية دون فحص أو كشف طبي يبين مدى تطور مراحل المرض أو اختلاف الأعراض، فأجابنا بتأكيد السلوكات التي يراها تتراوح بين الخطورة والاعتيادية، فبالنسبة للأدوية العادية كمسكنات الرأس قال إنه من العادي اقتنائها من طرف المريض، لكن أشار أن مسكنات الزكام كان من الأحسن اللجوء إلى طبيب من أجل الكشف واستقدام وصفة كاملة خصوصا وأن العديد من المرضى نجدهم يتنقلون من دواء إلى آخر خلال فترة قصيرة بسبب عدم جدوى الدواء الأول، فمن المعلوم أن القضاء على فيروس الزكام يستدعي الخضوع إلى مجموعة من المضادات الحيوية المتكاملة وليس أخذ دواء واحد وجعل الشفاء به، إلا أن الصورة تتكرر ولا يكون بوسع الصيدلي إلا الاستفسار عن بعض الأعراض لتقديم الدواء الشافي من دون إفرازت سلبية خصوصا وأن المسؤولية تقع على الصيدلي في حال حدوث أي طارئ لاسيما وأن بعض أدوية الزكام، والتي تباع بدون وصفة تحتوي على مواد قد تؤدي إلى مفعول ضار فيما إذا استعملت بجرعات عالية أو لفترة طويلة، ومنها ما تم سحبها من الأسواق بعد وقوع حوادث وفاة سببها السكتة الدماغية بسبب تأثير بعض أنواع الأدوية ذات المفعول القوي وعدم ملاءمتها مع المريض وإذا لاحظ المريض وجود تغيرات مزعجة بعد أخذ الدواء، مثل الشعور بالدوار أو الاضطراب المعوي الحاد عليه الإيقاف الفوري للدواء. فرار من تكاليف الكشف والوصفات الطبية اقتربنا من بعض المرضى بصفتهم المعنيين الأولين للوقوف على مشكل امتناعهم عن الذهاب إلى الطبيب والاكتفاء بالمسكنات والمضادات الحيوية المتداولة فكانت آراؤهم متباينة. أحد المواطنين الذي وجدناه يطلب دواء مضادا للسعال قال إن تكلفة الدواء الذي لا يتجاوز سعره 170 دينار لا تكلفه ما قد يكلفه كشف عام ب 1000 دينار وقائمة من الدواء التي قد لا تخرج عن 2000 دينار ما دفعه إلى اقتناء محلول للسعال بأقل من 200 دينار وتكفيه الأعباء الأسرية الأخرى ولا يحبذ إضافة أعباء أخرى. أما الشيخ فوضيل الذي كان يمسك بقصاصة دواء قصها من العلبة واحتفظ به وهي اسم لمرهم يستعمل للتخفيف من آلام الروماتيزم، اقتربنا منه وسألناه عن سر اندفاعه لاقتناء دواء من دون وصفة فقال إنه بوصفة فاحترنا للأمر إلا أنه قدم تفسيرا، إذ قال إنه زار الطبيب منذ حوالي ستة أشهر ونفاد المرهم في الشهر الأول جعله يقتني في كل مرة نفس المرهم طيلة المدة، لاسيما وأنه يباع من غير وصفة، وما حيرنا هو قيامه بذلك من غير معرفة تطور مراحل مرضه أو تراجعها عن الأول، أو ربما حاجته إلى مراهم ذو مفعول أقوى، أما الصيدلي فأجاب أن المرهم هو مسموح ببيعه من غير وصفة ولا تتعدى مسؤوليته في تسليم الدواء وفقط. ولم يسلم حتى الأطفال الصغار من تزويدهم بأدوية من دون الاعتماد على وصفات على الرغم من حساسيتهم المفرطة وسرعة تأثرهم بالأدوية، بحيث تفاجأنا لإحدى السيدات وهي تطلب دواء لتخفيف الحمى عن طفلها وبعد أن اقتربنا منها قالت إنها تعودت على استعمال نفس الدواء لإنزال الحمى لابنها وإن حدث ولم ينفع الدواء تجبر على أخذه للطبيب كخطوة أخيرة عوض أن تكون أولى الخطوات. بحيث تعرض حتى أدوية الصغار للبيع من دون وصفة وهي الخاصة بالحمى والإسهال والسعال وغيرها من الأعراض الأخرى التي تصيب الأطفال الصغار. صيادلة هدفهم الأول تسويق الأدوية حققت مضادات الزكام مبيعات مهمة في هذه الفترة وتفنن الصيادلة في عرض أهم الأنواع من مضادات الزكام من دون أن ننسى المسكنات الأخرى ومراهم تخفيف الروماتيزم وآلام المفاصل فهي كلها أنواع يكثر عليها الإقبال من طرف المرضى ولا يسعى طالبوها إلى وطء أي صيدلية والتفوه باسم ماركة الدواء ليسارع الصيدلي الخطوات من أجل جلبها من الرفوف، ويسارع أيضا في التلفظ بالسعر أو بالمقابل وكأنه صار الهدف الأول، مما يؤكد البزنسة الحاصلة في الأدوية بحيث صار الهم الوحيد لبعض الصيادلة تسويق وبيع الدواء دون أدنى حساب لصحة المريض، والظاهرة التي سردها علينا جل الزبائن بل وعشنا مواقفها على المباشر أثناء جولتنا عبر بعض الصيدليات تتلخص في عرض بعض الصيادلة للأدوية المستوردة التي يرتفع ثمنها على الزبون بغية تحقيق مداخيل معتبرة على حسابه، بحيث لا تهمهم الآثار الجانبية للدواء على صحة المريض ويؤكدون نفعه للزكام أو السعال أو أي عارض آخر أخبرهم به المريض وكأنهم يقومون بالتشهير لسلعة ما وليسوا في خضم تأدية واجب إنساني قبل أن يكون نشاطهم مهنة حرة تتعلق مباشرة بصحة المرضى التي من الواجب الحفاظ عليها من طرف أهل الاختصاص، مادام أن المرضى يعللون في كل مرة بالظروف المزرية التي يتخبطون فيها والتي دفعتهم دفعا إلى تحريم وطء العيادات الطبية ودفع مبالغ خيالية تليها مبالغ أخرى تخص الوصفات الطبية بسبب عوزهم وظروفهم، ووجدوا ولسوء الحظ من ينتهز ظروفهم ويستغلها ليبيع ويشتري في صحة الغير ويرفع شعار الربح على حساب الصحة العامة.