"وان تو ثري" تهزّ العالم ليلة ليست كباقي الليالي التي عاشها الملايين من الجزائريين ليس بداخل أرض الوطن، بل في العديد من بقاع العالم. فمن مدن لوس أنجلس إلى طوكيو مرورا بباريس ولندن وبرلين ونهاية بالدوحة ودبي وتونس والرّباط، الكلّ احتفل بتأهّل منتخبنا الوطني إلى مونديال البرازيل على حساب المنتخب البوركينابي بالفوز عليه بهدف يتيم، كان كافيا ليقود مسجّله مجيد بوفرة (الخضر) للمرّة الثانية على التوالي والرّابعة إلى المونديال. إعداد: كريم مادي لم يخطئ من أطلق على رياضة كرة القدم محبوبة الجماهير ومعشوقة الجميع، فهي الرياضة التي يعشقها الصغير والكبير، الرجال والنّساء، وكم هو جميل ذلكم الانتصار الذي صنعه أمسية أوّل أمس منتخبنا الوطني، والأجمل من كلّ هذا أن توحّد هذه الانتصارات كلّ الجزائريين حتى أولئك المقيمين في أقصى بقاع العالم كنيوزيلندا ومنطقة الكيبك بكندا وفي بلد الأرض المتجمّدة إيسلندا وروسيا وفي قلب القارّة الخامسة أستراليا وفي أرض الحجاز والشام والمغرب العربي ودول أوروبا ودول الساحل الإفريقي. كلّ جزائري في هذه الأماكن وغيرها ممّن يعيش فوقها إخواننا الجزائريون احتفلوا وكلّ واحد بطريقته الخاصّة بنشوة الفوز التاريخي الذي حقّقه منتخبنا الوطني على حساب بوركينا فاسو المؤهّل إلى المونديال. احتفالات الجزائريين في قطر والسعودية والإمارات وعمانوالكويت أدهشت الخليجيين أوّل محطة نقف عندها بخصوص أفراح الجزائريين بتأهّل منتخبنا الوطني إلى مونديال (السامبا) تكون في دول الخليج العربي ممثّلة بقطر، المملكة العربية، السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتّحدة، عمان والبحرين. فرغم أن نهاية اللّقاء في هذه الدول كانت تقريبا في منتصف اللّيل إلاّ أن ذلك لم يمنع جاليتنا المقيمة في هذه الدول من ترك بيوتها والخروج إلى كبريات الساحات العمومية القريبة من مقرّ سكناهم، والكلّ يهتف بحياة الجزائر وبحياة المنتخب الوطني. فحسب الصور الرّائعة التي نقلتها أكثر من قناة فضائية خليجية بخصوص أفراح الجزائريين في هذه المنطقة فإنها كانت محلّ إعجاب ليس الخليجيين فحسب، بل الأجانب المقيمين في هذه الدول. ففي دولة الإمارات العربية المتّحدة وحسب قناة أبو ظبي فإن مئات الجزائريين جابوا أهمّ شوارع الإمارات السبعة. فقدت شهدت إمارة أبو ظبي التي يسكن بها أكبر عدد من الجالية الجزائرية تدفّق أعداد ائلة من الجزائريين شباب وشابّات، الكلّ يتغنّى ويهتف بحياة منتخبنا الوطني. وغير بعيد عن دولة الإمارات، في قطر والسعودية والكويت شهدت كبريات مدن هذه الدول خروج عشرات الجزائريين إلى الشوارع والأماكن العمومية للاحتفال بالفوز العظيم لمنتخبنا على حساب بوركينا فاسو. فمثلا في المملكة العربية السعودية التي يوجد بها أكبر عدد من الجالية الجزائرية عبّر أبناء وطننا العزيز خاصّة المقيمون في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وجدّة عن فرحتهم الغامرة بهذا التأهّل بخروجهم إلى الشوارع وشكّلوا لوحدهم في مكّة المكرّمة طابورا كبيرا من السيّارات، خاصّة بعد أن انضمّ إليهم المئات من السعوديين الذين وقفوا مشدوهين وهم يشاهدون الجزائريين يعبّرون بطريقهم المختلفة عن حبّهم للجزائر ولمنتخبنا الوطني. جاليتنا في لبنان وسوريا والأردن حوّلوا اللّيل إلى نهار بعد منطقة الخليج العربي نحطّ رحالنا بأرض الشام ممثّلة ف لبنانوالأردن، حيث لم تختلف أفراح جالياتنا المقيمة في هاتين الدولتين عن تلك الأفراح التي صنعها نظراؤهم في دول الخليج العربي. ففي العاصمة اللّبنانية بيروت التي يقطنها حوالي 800 جزائري، ورغم العمل الإجرامي الذي هزّ أحد المباني القريبة من القنصلية الإيرانية، والذي أودى بحياة 24 مواطنا، فضّل البعض من جاليتنا قضاء أكثر من ساعتين بعد نهاية المباراة خارج بيوتهم وهم يجوبون شوارع بيروت. وقد وجد هؤلاء استحسانا من طرف الأمن اللّبناني الذي سهّل لهم السير دون أن يعترض أيّ أحد سبيلهم. في الجارة الأردن، وفي العاصمة عمان احتفالات الجزائريون كانت رائعة، وهو المشي جماعات حاملين الرّايات الوطنية بطريقة تعبّر عن تمسّك هؤلاء بالوطن الأمّ وبالمنتخب الوطني. وقد قابل الأردنيون خاصّة النسوة منهم أفراح جالياتنا بأرضهم بالزغاريد التي زادت أجواء أفراح الجزائريين جمالا. التونسيون والمغاربة شاركوا الجزائريين أفراحهم من أرض الشام نحطّ بكم بتونس والمغرب الأقصى، ففي هاتتين الدولتين شارك المئات من الجزائريين أفراح جاليتنا المقيمة في المغرب وتونس. فرغم برودة الجو التي تشهدها العديد من المدن التونسية كسوسة وصفاقص وقابس والمهدية وجندوبة وتونس العاصمة، إلاّ أن ذلك لم يمنع جاليتنا المقيمة في كلّ هذه المدن من الاحتفال بنشوة الفرح، لكن قليلين منهم ممّن فضّلوا الاحتفال خارج بيوتهن، لكن الذي فضّل الاحتفال في الخارج وجد تجاوبا كبيرا مع التونسيين الذين شاركوا أفراح الجزائريين. ونفس الشيء صنعه المغاربة، حيث حملت الصور التي بثّتها القناة الفضائية (ميدي 1) والقناة المغربية الرياضية أجواء فرحة الجزائريين في كبريات المدن المغربية، وعلى وجه الخصوص الدار البيضاء والمحمّدية ومراكش ومكناس وفاس ووجدة المدينة الواقعة على الحدود الغربية للجزائر. حيث صنع مئات الجزائريين عبر هذه المدن أجواء رائعة ذكّرت المغاربة بعزّ أيّام منتخبنا، الأيّام التي قهرنا فيها المنتخب الألماني في مونديال إسبانيا عام 1982. وبغض النّظر عن إقدام أحد (أعداء الجزائر) على تدنيس العلم الجزائري مؤخّرا، إلاّ أن هذا لم يؤثّر على تمسّك المغاربة بحبّهم للجزائر، حيث شارك الكثيرون منهم الجزائريين المقيمين في كبريات المدن المغربية أفراحهم بتأهّل منتخبنا إلى مونديال البرازيل. لكن أهمّ الأفراح كانت بمدينة الجديدة، كيف لا وقد قاد المدرّب الجزائري عبد الحقّ بن شيخة فريق نادي الجديدة لأوّل مرّة الاثنين الماضي لانتزاع كأس المغرب وضد حامل الكأس الرّجاء البيضاوي. أفراح جاليتنا في فرنسا كانت أكثر من رائعة من المغرب الشقيق نطير بكم إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط، وبالضبط إلى فرنس التي يقيم فيها أكبر عدد من جاليتنا المغتربة في دول العالم، والتي يقدّر عددها بحوالي مليوني جزائري غالبيتهم يقيم بمدينة مارسيليا. لنبدأ جولتنا عبر التراب الفرنسي من مدينة مارسيليا، حيث فضّل الجزائريون الاحتفال بعد نهاية مباراة فرنسا وأوكرانيا، وكم كان المشهد رائعا بعد تأهّل منتخب (الديكة) إلى المونديال رفقة المنتخب الجزائري حتى أنه خيّل لكلّ من تابع تلك الصور التي بثّتها العديد من القنوات الفرنسية والأجنبية من مدينة مارسيليا وكأنه يشاهد صورا من قلب الجزائر العاصمة، في أحياء باب الوادي وبلكور وساحة الشهداء. وبما أن الجزائريين المقيمين في هذه المدينة يعشقون المنتخب الوطني راح الآلاف منهم يجوبون أهمّ شوارع هذه المدينة الجميلة، ولم تمنع لا برودة الطقس ولا نزول الأمطار من خروجهم رفقة الفرنسيين إلى أهمّ الساحات العمومية في جلّ المدن الفرنسية للاحتفال بالتأهّل التاريخي لمنتخبنا الوطني والمنتخب الفرنسي. أفراح الجزائريين لم تقتصر على مدينة مارسيليا، بل كانت حاضرة في مدن ليّون ونانت وليل وستراسبورغ ومونبوليي، لكن تبقى تلك الصورة التي تناقلتها وكالات الأنباء الأجنبية، والتي التقطتها إحدى القنوات الفضائية الفرنسية بباريس عن عجوز يفوق عمرها التسعين عاما لبست الرّاية الوطنية وفي يدها راية كبيرة كتبت عليها (أحبّك يابلدي الجزائر) أروع صورة معبّرة عن تمسّك المغتربين ببلدهم الأمّ وفرحتهم بانتصاراته. الكلّ في مدن فرنسا تغنّى بالجزائر وبمنتخبنا الوطني والكلّ ردّد (وان تو ثر فيفا لالجيري). فما أجمل مثل هذه العبارات والكلمات الصادرة من شباب الكثيرون منهم وللأسف لم يسبق وأن وطأت أقدامهم أرض الجزائر الحبيبة. الجزائريون في إيطالياوألمانيا وإسبانيا لم يناموا اللّيل كلّه نبقى في القارّة العجوز أوروبا، لنطير بكم ودون تأشيرة إلى إيطاليا، ففي بلد (البيتزا) وبرج (إيفيل) وفريق (السيّدة العجوز) اليوفي، والتي يوجد بها عدد لا بأس به من الجزائريين خاصّة الشباب منهم (الحرّافة)، تناسى هؤلاء مشاكلهم اليومية وما أكثرهم هذه الأيّام بسبب مطاردتهم من طرف البوليس الإيطالي. أقول بالرغم من هذه المعاناة إلاّ أن الجزائريين المتواجدين في مدن إيطاليا وخاصّة في ميلانو وتورينو ونابولي ومدينة الحبّ والجمال فلورنس شاركوا في أفراح تأهّل الجزائر المونديال البرازيلي. يقول أحد الجزائريين المقيمين في مدينة ميلانو للقناة الفضائية الإيطالية الأولى: (أنا جزائري وأحبّ وطني وأحبّ منتخب بلدي، فاتركوني أفرح كما أشاء ولا تمنعوني من التعبير عن حبّي لوطني)، فيما راح زميله وهو شابّ في مقتبل العمر وحسب لهجته أنه من الشرق الجزائري يغنّي بأعلى صوته: (وان تو ثري فيفا لالجيري). نترك إيطاليا لنحطّ بكم بألمانيا، ففي مدن فرانكفورت التي يقيم فيها أكبر عدد من الجالية الجزائرية عبّر الجزائريون عن فرحتهم، لكن ليس بالرّوح بالدم نفديك يا منتخب بالرغم من منعهم من التعبير عن ذلك عبر الشوارع، بل راح الكثيرون منهم يشكّلون حلقات وهم يتحدّثون عن لقاء بوركينا فاسو الذي أسال فيه هذا الأخير العرق البارد للاعبينا، ليس لكونهم أدّوا مباراة كبيرة، بل للطريقة التي لعبوا بها الشوط الأوّل الذي انتهى دون أهداف. القناة الفضائية الألمانية (زي دي اف) بثّت في منتصف نهار أمس بعض الصور المقتطفة لشبّان جزائريين يقيمون في مدن دوسلدورف وكولون وميونيخ وهم يحملون الرّاية الوطنية ويتغنّون بحياة المنتخب الوطني وبلاعبيه. أمّا في مدن مونشنغلادباح وبوخوم وفولسبورغ التي سبق وأن لعب لفرقها الثلاثي الجزائري كريم مطمور وعنتر يحيى وكريم زيّاني، ورغم قلّة عددهم إلاّ أنهم احتفلوا بنشوة الفوز التاريخي لمنتخبنا الوطني إلى المونديال، وحمل الكثير منهم صور اللاّعبين الجزائريين الذين دخلوا تاريخ المونديال وفي مقدّمتهم المدافع مجيد بوفرة. وعلى غرار جاليتنا في ألمانيا المقيمون في تركيا واليونان وحتى في ألبانيا وقبرص احتفلوا هم كذلك، وبما أن عدد هؤلاء قليل مقارنة بفرنسا وإيطاليا فقد فضّل الكثيرون الاحتفال داخل البيوت والاستماع إلى أغاني المنتخب التي تمجّده وتمجّد لاعبيه، والكثيرون تذكّروا وهم يستمعون إلى أغنية جمعاوي الصادق (جيبوها يا لولاد) المجد الذهبي لمنتخبنا ولسان حالهم يقول (ما أجمل سهرة اليوم). فرحة جاليتنا في إسبانيا وإنجلترا لا تزال متواصلة في إسبانيا قضى العديد من الجزائريين ليلة أمس أي بعد نهاية المباراة خارج البيوت من أجل الاحتفال بنشوة التأهّل إلى المونديال، وكيف لا يفرح هؤلاء خاصّة المقيمون في مدن برشلونة وفالنسيا وألميريا وإشبيلية ومدريد بهذا التأهّل التاريخي الذي أعاد لمنتخبنا أيّامه الذهبية وذكّر الجيل الحالي بتلك الأيّام الرّائعة التي صنعهما جيل بلومي وعصاد وفرفاني ومرزقان وفندوز في مدينة خيخون بقهرهم يوم 16 جوان عام 1982 المنتخب الألماني في مونديال إسبانيا، وما أجمل المرء حين تعود به الذاكرة التي تلك الأيّام السعيدة لمنتخبنا الوطني. جاليتنا في إنجلترا احتفلت هي الأخرى بتأهّل منتخبنا إلى العرس العالمي بالبرازيل، حيث صنع شباب الجزائر رغم قلّتهم في مدن ليفربول ومانشستر وفي العاصمة الإنجليزية لندن صورا رائعة وهم حاملين الرّاية الوطنية. وقد نقلت قناة (سكاي سبورت) الإنجليزية بعض الصور من احتفالات الجزائريين بهذا التأهّل التاريخي وهم يحملون الرّاية الوطنية، بعضهم فضّلوا وضعها على أعلى سيّاراتهم والبعض الآخر وضعها على شرفات المنازل. جاليتنا في أمريكاوكندا وطوكيو وأستراليا تحتفل على طريقتها الخاصّة قبل أن نعود بكم إلى الجزائر نقوم بجولة استطلاعية بأمريكاوكندا واليابان وأستراليا، حيث امتدّت فرحة جاليتنا المقيمة في المهجر إلى هذه الدول. ففي مدن الولايات المتّحدة الأمريكية كلوس أنجلس وكاليفورنيا ونيويورك ووشطن عاش الجزائريون لقاء بوركينا فاسو على الجمر، فحسب الصور التي بثّتها قناة الجزيرة من بعض هذه المدن لجزائريين التفّوا جميعهم وراء شاشات التلفزيون وهم يتابعون اللّقاء على المباشر وكأنهم يتابعون لقاء نهائيا في كأس العالم طرفها منتخبنا الوطني، وكم كان المشهد رائعا بعد إعلان الحكَم السنغالي ديارا بادارا نهاية المباراة بفوز منتخبنا بهدف يتيم وزنه يساوي ذهبا، لتعمّ فرحة عارمة وجوه الجميع. نفس الفرحة نقلتها إحدى القنوات الفضائية العربية عن جزائريين مقيمين في كندا، فرغم البرودة الشديدة التي تميّز هذا البلد خلال هذه الأيّام إلاّ أن ذلك لم يمنع الجزائريين المقيمين في هذا البلد البارد شأنه شأن روسيا وإيسلندا من التعبير عن فرحتهم العارمة بتأهّل منتخبنا إلى المونديال. فرحة صنعها كذلك الجزائريون المقيمون في اليابان وأستراليا، فرغم قلّتهم إلاّ أنهم لفتوا أنظار الجميع بالطريقة الجزائرية بحملهم الرّاية الوطنية ووضعها على سيّاراتهم أو على شرفات مكان إقامتهم للتعبير عن حبّهم ليس للمنتخب الوطني فحسب، بل للجزائر ككلّ. ومن أستراليا نعود بكم إلى أرض الوطن ونقول لكم دامت أفراحنا وكلّ يوم والجزائر بخير.