أصبحت الوسائل الإعلامية في الوقت الحالي متعددة الاستخدامات خاصة مع التطور التكنولوجي الحاصل الذي مس جميع ميادين الحياة، كما اختلفت استعمالاتها من قبل المواطنين الذين تفننوا في البحث عن ما يخدم احتياجاتهم اليومية، ولأن مشكل تأخر الزواج تضاعف بشكل كبير، فإن العديد من الأفراد توجهوا للإعلانات عبر الجرائد بحثا عن فرصتهم التي غابت عنهم على أرض الواقع.. ارتأينا في هذا الشأن أن نتطرق إلى أحد المواضيع التي أصبحت تعالج من قبل وسائل الإعلام، حيث بات يخصص لها صفحات خاصة مما يبرر ذلك الإقبال الكبير على ظاهرة الزواج عن طريق إعلانات الصحف، ويقول القائمون على إعداد صفحات مختلف المواقع والجرائد إن هاتف الخدمة لا يتوقف عن الرنين، بحيث يتم استقبال مئات المكالمات الهاتفية يوميا من الجنسين بحثا عن شريك العمر، هذا من جهة ومن جهة أخرى أبدى المواطنون آراءهم حول الموضوع التي تراوحت بين الرفض والتأييد لفكرة الزواج عن طريق الصحف. من خلال جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا إلى شوارع العاصمة أفادنا بعض المواطنين بآرائهم ومنهم نجد (نوال) التي تزوجت عن طريق هاته المراكز قائلة: (كما يقولون تعددت الأسباب والزواج واحد، لقد تعرفت على زوجي من خلال هاته المراكز وأنا جد محظوظة، وبالنسبة لي لا يوجد فرق فهذه الوسائل ما هي إلا سببا ليبقى كما نقول المكتوب هو الأسبق)، في السياق ذاته أجاب السيد (مروان) موظف بإحدى المؤسسات الحكومية برأيه من خلال قوله :(لا عيب في نشر مثل هذه الإعلانات بالجرائد قصد بناء علاقات جدية بل هي وسيلة تساعد الشباب على عثورهم على فتيات أحلامهم لأن الكثير من الشباب لا يستطيع اكتشاف الفتاة المتخلقة في الشوارع أو الأماكن العمومية فهذه الإعلانات تسهل لهم مهمة البحث عن شريكات ويبقى هذا رأيي الخاص). من جهته أفادنا (فؤاد) الذي يبلغ من العمر 27 سنة أنه تعرف على خطيبته بعد نشر إعلانها في إحدى الجرائد الوطنية وبالطبع وجد فيها كل المواصفات التي كان يتمنى أن تتحلى بها شريكة حياته، فيما يضيف أن طلب الزواج المنشور يمنح للشباب وجود مواصفات النصف الثاني التي يريدونها وتوفير الوقت الكثير عندهم خاصة أولئك الذين شغلوا أوقاتهم في الدراسة والعمل. في الاتجاه المعاكس رصدنا آراء مواطنين آخرين ممن كانوا ضد فكرة الزواج من وسائل الإعلام بمختلف أنواعها واعتبروها مضيعة للوقت نتيجة استعمال بعض الشباب هذه الوسائل بهدف التلاعب بمشاعر الفتيات اللواتي يرغبن في الزواج، والبعض الآخر استعملها ذريعة للسطو والاحتيال ثم الانسحاب والبعض الآخر اعتبرها تقليلا من احترام المرأة والرجل ونعتوا أولئك الذين يبعثون بمواصفاتهم لتنشر في الجرائد للبحث عن شريك العمر بغير القانعين بقضاء الله وقدره. من جهته علق (عبد الحميد) على تلك الإعلانات التي تتضمن عبارات مختلفة والتي أحطت من رجولة الرجل الذي يمتلك القوامة على المرأة، حيث اعتبر هؤلاء في قمة الانحطاط عندما يسمح الشخص لنفسه أن يتباهى بنفسه وهو يكتب (أنا شاب وسيم بدون عمل أبحث عن زوجة عاملة ولا يهم إن كانت مطلقة وأخرى شابة في الخمسين تملك سيارة ومسكنا تبحث عن رجل حنون لا يتجاوز الأربعين، وأخرى في الثلاثين تبحث عن أي زوج يخلصها من شبح العنوسة..). هي آراء مختلفة تراوحت بين الرفض والتأييد لمثل هذه الطلبات الحساسة التي أصبحت ظاهرة انتشرت بصفة كبيرة مما يعكس واقعا آخر يتخبط فيه الشباب بمجتمعنا الجزائري أو باقي المجتمعات العربية الأخرى، حيث تعددت الوسائل للقضاء أو التقليل من العنوسة التي باتت شبح العصر يهدد الآلاف من المواطنين المقبلين على إتمام نصف دينهم، لكن تبقى مثل هذه المبادرات التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام تخدم فئة معينة خاصة إذا كانت إعلانات تحترم الشروط التي لا تحط من قيمة الشخص وتساهم بطريقة ظريفة في معالجة مشكلة أو أي آفة داخل مجتمعنا الجزائري.