حط وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مجددا رحاله في الشرق الأوسط، محاولا إبقاء نفَس الحياة في مفاوضات يتفق طرفاها على أنها متعثرة في أحسن الأحوال. وأجرى كيري أولا أمس محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس حول عملية السلام في الشرق الأوسط، والترتيبات الأمنية التي أعدتها الإدارة الأمريكية في إطار التسوية الدائمة بين الطرفين. وأكد كيري في ختام اجتماعاته مع نتنياهو أن موضوع الاحتياجات الأمنية لإسرائيل يتصدر سلم الأولويات في المفاوضات مع الفلسطينيين وأنه لا خلافات بين واشنطن وتل أبيت في هذا الموضوع، وأشار إلى أنه والمستشار الخاص لوزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط الجنرال جون آلن عرضا على الجانب الإسرائيلي عدة مقترحات تتعلق بترتيبات التسوية الدائمة. ووفق تسريبات صحفية، فإن الأفكار الأمنية الأمريكية تعالج سبعة مواضيع تتعلق بغور الأردن والمعابر والأجواء الفلسطينية إضافة إلى منع المقاومة. ورغم إشارة كيري إلى حصول تقدم في جولات المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، فإن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال إن الهوة والصعوبات ما زالت قائمة في المفاوضات، معربا عن أمله بحماية عملية السلام من المستوطنات. وشدد عريقات على أن استمرار عملية السلام بحاجة إلى وقف ممارسات الاحتلال والإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى في تاريخ 29 ديسمبر الجاري المتفق عليه مع إسرائيل. ولم يكشف عريقات عن تفاصيل ما تسرب بشأن الخطة الأمنية الأمريكية. واكتفى بالقول إنه تم استعراض بعض الأفكار بشأن الشق الأمني. ورغم إحباط عريقات، رجح مسؤول بمنظمة التحرير الفلسطينية بقاء المفاوضات حتى نهاية الأشهر التسعة المتفق عليها مع إسرائيل والولاياتالمتحدة التي تنتهي في 29 أفريل 2014. خطط أمريكية تنهي فرص الدولة الفلسطينية بينما يتطلع الفلسطينيون إلى دولة مستقلة وذات سيادة، تلوح في الأفق ترتيبات أمنية تجعل من السلطة الفلسطينية مجرد جهاز إداري يشبه البلديات، مقابل سيطرة تامة للاحتلال على الأرض والموارد والمواقع الاستراتيجية. ووفق ما تناقلته صحف إسرائيلية، فإن الإدارة الأمريكية أعدت خطة بشأن الترتيبات الأمنية المنوي تطبيقها في الضفة الغربية في إطار التسوية الدائمة مع الفلسطينيين. وفي ظل ما رشح من معلومات، فإن الخطوط العامة للخطة الأمريكية -حسب محللين وسياسيين- تتعلق بفرض حدود حسب التصور الأمني الإسرائيلي، وليس حسب قرارات الشرعية الدولية. ويوضح مدير المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية هاني المصري، أن الإدارة الأمريكية -حتى قبل بدء كيري في مهمته الجديدة- تعد ترتيبات أمنية سيتم فرضها على خريطة الحدود التي يمكن الاتفاق عليها بالمفاوضات، ويضيف أن الخطة تضمن مطالب إسرائيل بالسيطرة على الأغوار والحدود بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الضم أو الاستئجار لمدة طويلة، إضافة إلى إقامة نقاط إنذار مبكر في المواقع الاستراتيجية والقمم الجبلية والاستيلاء على أحواض المياه، وهو ما يعني القضاء على إمكانية قيام دولة فلسطينية حقيقية، ويقول إن طمأنة إسرائيل بأنها صاحبة اليد العليا إلى الأبد بات هو المرجعية، وليس متطلبات سلام عادل ومتوازن ينسجم مع الحقوق الفلسطينية وقرارات الأممالمتحدة. وفي آخر التطورات، كشف مسؤول فلسطيني أن السلطة الوطنية الفلسطينية رفضت أفكارا طرحها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن ترتيبات أمنية في إطار اتفاق للسلام يحتمل التوصل إليه في المستقبل مع إسرائيل. ولم يصدر رد فوري على الرفض الفلسطيني من الولاياتالمتحدة أو من إسرائيل التي تصر منذ فترة طويلة على الاحتفاظ بكتل استيطانية في الضفة الغربية، وبوجود عسكري على حدود الضفة الغربية مع الأردن في إطار أي اتفاق للسلام. وقال المسؤول -الذي طلب عدم نشر اسمه ورفض الإدلاء بتفاصيل بخصوص المقترحات- إن كيري قدمها لعباس بعد أن بحثها بشكل منفصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأوضح المسؤول الفلسطيني بأنه تم رفض المقترح الأمريكي لأن من شأن مقتضياته أن يؤدي إلى مد أجل الاحتلال.