كشف أمس عبد المالك بوضياف وزير الصحّة والسكان في اللّقاء الجهوي لمدراء الصحّة بولايات الوسط بجامعة المدية عن خطّة عمله في إصلاح مختلف الأخطاء الموصوفة حسبه بالجسيمة والكارثية، والتي أصبح يعاني منها المريض في مختلف المؤسسات الصحّية والمتمثّلة على وجه الخصوص في مظاهر سوء استقبال المرضى مع عدم توفير الأدوية الواجب توفّرها في صيدليات المستشفيات والمصحّات الجوارية، على غرار التلقيحات بكلّ أنواعها. فتح وزير الصحّة النّار على المدراء الولائيين (المقصّرين) وذلك في سياق ردوده العديدة على مداخلات المدراء التنفيذيين على مستوى وزارته أو مدراء المؤسسات الولائية، في جوانب الأكل والعلاج الضرورين في معالجة المرضى، والتي حسبه مبنية على براغماتية التواجد في الميدان، وكذا الوقوف بأكثر إيجابية على هذا القطاع الاستراتيجي بمعنى الكلمة، والذي أصبح هو الآخر يعاني من شتى الأمراض النّاتجة عن البيروقراطية، ملاحظا حسب قوله ظاهرة تغيّب الأطبّاء المختصّين والعوام عن أماكن عملهم اليومي، وأن أغلبهم يغادرون المصحّات العمومية للعمل عند الخواص، ضاربا أمثلة عن كثير من مستشفيات الوطن، وبلغة الحازم أشهر سيف الحجّاج في وجوه المتلاعبين حسبه بالمصابين بمختلف الأمراض منها المزمنة، بقوله: (أوجّه كلامي من المدية إلى كلّ إطارات القطاع: من يريد الالتزام بقانون العمل وبكلّ حذافره أهلا وسهلا به ومن يريد التلاعب بصحّة المواطنين الزواولة فعليه بمغادرة مكان عمله). كما أكّد وزير الصحّة أمام مدراء الصحّة بثماني ولايات بوسط البلاد أنه لا (يحبّذ الكلام الزّائد) ويرغب في العمل الميداني والنتائج في إطار التنظيم والقناعة بتدارك الأخطاء والنقائص الملاحظة، مع ضرورة تخطّيها على أساس أن هذا القطاع يجب أن يكون سياديا لتمكينه من السير إلى الأمام نحو الأفضل، متعهّدا أمام السلطات المحلّية بعاصمة التيطري المدية ومدعويه بأن تقوم مصالحه بأخذ كلّ الإجراءات الموصوفة بالصارمة، والتي على ضوئها سيحاسب كلّ المنتسبين إلى هذا القطاع الحسّاس بما في ذلك الوزير، داعيا ممثّليه بهذه الولايات بمن فيهم مدراء المؤسسات الصحّية إلى محاسبة النفس والنقد الذاتي بدءا من إبداء النيّة في ذلك، مستغربا قيام قطاع الصحّة بباتنة بإرسال نحو 684 وصل طلب دواء على أن ذلك يعني أن هؤلاء المسؤولين همّهم الوحيد هو ملء الأوراق ليس إلاّ، مذكّرا بأن حاجيات أيّ مؤسسة صحّية لابد أن ترصد في إطار المجلس الإداري للمستشفيات حتى لا تصبح الأمور رهينة البحث عن تلقيح ما، مشيرا في ذات السياق إلى أن المؤسسة الصحّية التي لا تحوز على التلقيحات هو دليل قاطع على التقصير على مستوى المدير أو طاقمه، حاثّا المشاركين في هذا اللّقاء بمن فيهم إطارات وزارته على أن يكون العمل في إطار مجموعة العمل والنخبة وإشراك الإعلاميين حتى يتفادى قطاعه الفوضى العارمة في صرف الأغلفة المالية، رافضا مثل هذه الممارسات غير القانونية. في هذا السياق، دعا الوزير معاونيه إلى الخروج إلى الميدان بدل المكوث في المكاتب، وأن التقارير التي وصلته تدلّ كذلك على وجود خللين كبيرين، الأوّل يتمثّل في المشكل التنظيمي والثاني في المشكل التسييري، مذكّرا الحضور بالتوجيهات التي قدّمها لهم خلال اللّقاءات الثلاثة السابقة، والتي قال فيها إنه يجب تنفيذها وعلى كلّ شخص أن يتحمّل مسؤولياته، وأن الذي لم تعجبه هذه التعليمات يجب عليه أن يطبّقها بحذافرها لكون أن الوزير مستعدّ لتحمّل التبعات النّاتجة عنها، وأن الذي لا يطبّقها ستعود عليه بأثر سلبي. وحثّ بوضياف من جهة أخرى مستقبليه على الانصياع لتوجيهاته لكون أن وزارته مستعدّة لتقبّل الملايير من الأعذار دون أن يطول ويستمرّ هذا الواقع المزري، مشيدا بالوثبة النوعية التي أنجزت لكلّ من ولايات تلمسان، عين تموشنت وتيزي وزو لكونها غيّرت وجه القطاع، متوعّدا مسيّري القطاع بأنه سيقيّم ما أنجز بولاية المدية، منبّها في نفس الوقت الحضور إلى أنه حان الوقت لفهم أدوار الصيدلية المركزية للمستشفيات والمعهد الوطني باستور، وأنه ليس عيبا أن نتعلّم، مشيرا في شقّ آخر إلى أنه عيّن على رأس هذه الوزارة من أجل العمل وتبييض صورة القطاع وتفادي حالة الغضب والاحتقان والنقائص فقط، وأن الذي لا يؤمن بخارطة الطريق المرسومة لدفع الصحّة إلى الأحسن من حقّه تقديم الاستقالة.