في معرض حمل اسم (شيك، فن، مقاومة) افتتح في مدينة رام الله بالضفة الغربية، اتخذت قنبلة الصوت الإسرائيلية والسلك الشائك أدوارا أخرى، فمن أداة للقتل ووسيلة للفصل العنصري صارت هذه أدوات فنية تعبر عن إرادة الحياة الفلسطينية في وجه آلة الموت الإسرائيلية. وتوسطت قنبلة الغاز السوداء لوحة مؤطرة لتصبح أصيصا تنبت من تربته وردة، وفي أخرى تصير لعبة بيد طفل أو كرة لمضرب تنس شباكه من أسلاك (الشيك) التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لعزل الفلسطينيين عن أراضيهم المصادرة وراء جدار الفصل العنصري. وتقوم فكرة المعرض أساسا على إعادة تدوير الأسلحة وأدوات العنف التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي ضد نشطاء النضال الشعبي الفلسطيني، وخاصة في القرى المحاذية لجدار الفصل العنصري بالضفة الغربية وخاصة قرية بلعين غرب رام الله. واستعان الفنان الفلسطيني الذي يحمل الجنسية البرازيلية سامي موسى بالتعاون مع الناشط في المقاومة الشعبية محمد الخطيب، بالأسلاك الشائكة والزجاج المكسور خلال الاقتحامات الإسرائيلية وقنابل الغاز لإعادة تدويرها بغرض إظهار رد الفلسطينيين على نهج القتل بالحياة، كما يقول. ويقيم موسى المعرض الأول له في فلسطين بعد عدة معارض في البرازيل، آخرها باستخدام فن الموزاييك. وأحضِرت قنابل الغاز المزروعة بالورود من حقل ضم العشرات منها وتعتني به والدة الشهيدين باسم وجواهر أبو رحمة اللذين قضيا بفعل قنابل الغاز الإسرائيلية أثناء احتجاجات قرية بلعين الأسبوعية. وقال الناشط محمد الخطيب إن لوحات المعرض تحمل رسالة صمود وتحدٍّ من الفلسطينيين، خاصة أنها استعانت أيضا بالأدوات التي يستخدمها نشطاء المقاومة الشعبية وأهالي القرى المهددة بالجدار والاستيطان في نضالهم ضد الاحتلال مثل الحجارة و(المقلاع) وحتى أغصان الزيتون. بالإضافة إلى ذلك لجأ القائمون على تصاميم اللوحات إلى استخدام مقاطع إسمنتية صغيرة من جدار الفصل العنصري وجعلوها أرضية لتصاميم فنية مختلفة منها وجوه متلفعة بالكوفية الفلسطينية أو خلفية لخطوات صغيرة تصعد الجدار وتتجاوزه، أو نافذة تطل منها طفلة فلسطينية لتلتقط زهرة من شخصية حنظلة الشهيرة في رسومات فنان الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي. وتعرّض الخطيب ذاته للاعتقال في سجون الاحتلال عدة مرات بعد اقتحام منزله أكثر من عشرين مرة، وهو من أقدم النشطاء الذين يقاومون بناء جدار الفصل العنصري على أراضي قريته بلعين، حيث صودرت معظم أراضي عائلته مع أكثر من ثلثي أراضي القرية، وتعرض معظم أقاربه للإصابة بالرصاص المعدني والاختناق بالغاز أثناء الاحتجاجات الشعبية الأسبوعية التي تشهدها القرية كل يوم جمعة منذ ثماني سنوات. ومن المقرر أن تنتقل لوحات المعرض الثماني والعشرين إلى قرية بلعين ثم إلى مدينة بيت لحم، ومنها إلى محطات مختلفة في دول العالم.