صحيحٌ أن الكادر الخاص بمسلمي العالم في عام 2013 لم يكن ذو سمة واحدة، فتارة يبعث على الأمل وتارة يثير الرعب على مستقبل المسلمين وحياتهم وتارة أخرى تجد انتصارات وتقدم ينجزه المسلمون في الغرب، لذلك فقد كان فيه من الآمال والدلالات الإيجابية التي تستحق الذكر وتسليط الضوء عليها، كما أنه حريٌ بنا ألا نتغافل عن إشعال ضياء لوضع حلول لمشاكلهم في البقاع التي يتعرض فيها المسلمون للاضطهاد والملاحقة وأحيانا القتل والتشريد. حريات مسروقة في بداية هذا العام الساخن بالأحداث، كان مسلمو أثيوبيا، 34 بالمائة من نسبة سكان البلاد، على موعد مع إطلاق حملة تحت شعار (360) يوما من أجل الحرية، تعبيرا عن احتجاجاتهم المستمرة بسبب القصور في الحريات الدينية تجاههم، كما خرج عشرات الآلاف من مسلمي إثيوبيا في مساجد العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وغيرها من المحافظات، تطالب الحكومة بعدم التضييق على حريتهم الدينية، ورفض تدخل الحكومة في شؤونهم الدينية وإطلاق سراح علماء المسلمين المعتقلين. ولا يمكننا الحديث عن أحوال المسلمين في الغرب، دون التطرق إلى بورما والتي لا تفتأ مأساة المسلمين في إقليم الروهينجيا تنكأ الجراح، والذين ذاقوا مرارات التهجير والتعذيب والقتل، فضلا عن صمت المجتمع الدولي والذي يبدو أنه قد أصيب بالعمى، وران على قلوب قادته وزعمائه جبل سامق من القسوة، فلا ترى منهم من يمدّ لهؤلاء المنكوبين والمشردين يد العون ولا يرسل لهم بمساعدة ولا تسمع حتى تنديدًا ولو بالقول إلا القليل. لقد أمرت حكومة بورما البوذية بإغلاق جميع المساجد والمدارس الإسلامية وجميع دور التعليم والكتاتيب بأراكان المحتلة، وكما منعت رفع الأذان وإقامة صلاة الجمعة والجماعة ولو في المنازل أو المخيمات، ناهيك عن مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف دون تحريك سكان من دول العالم العاجزة. خشية الكراهية من المؤكد أن هذا الصمت حفز البوذيون وشجعهم على ارتكاب مهزلة أخرى وجريمة بحق مسلمي سريلانكا، حيث يتعرض المسلمون لتحريض بغيض من رهبان بوذيين ويطالبون بمقاطعة المتاجر التي يَمْلِكها المسلمون، بما في ذلك استهداف المظاهر الإسلامية؛ مثل ارتداء المسلمات للحجاب، كما شنّت في عام 2013 بعض الهجمات على سلسة أزياء في مدينة كولومبو، أكبر مدينة صناعية وعاصمة التجارة والثقافة في البلاد، وقد تسبّب تصاعد هذه الهجمات ضد المسلمين في إثارة المخاوف من اندلاع موجة عنف عرقية في البلاد التي لم تتعاف بعد من الحرب الأهلية. (نرجو ألا يكون مسلما)، كانت هذه أبلغ جملة توجز حال ومقال المسلمين في الولاياتالمتحدة عقب سماع (تفجيرات بوسطن) والتي وقعت في بداية عام 2013 وأعادت إلى الأذهان أحداث 11 سبتمبر قبل أكثر من عقد، تذكيرا بما تجرعه المسلمون بعدها من التضييق والملاحقة وأحيانا الاعتقال بدون أي اتهامات، لذا فقد أصدر المسلمون في بوسطن بيانا يكشفون فيه عن خوفهم من التعرض لأي عمليات انتقامية، خاصة بعدما استغل بعض السياسيين اليمينيين الأمريكيين الحادث للنيل من المسلمين. في تفجيرات بوسطن، بدت ردود الأفعال الرسمية من إدارة البيت الأبيض متزنة وبعيدة للغاية عن التسرع وتوجيه الاتهامات بدون أدلة، كما يواجه ذلك استيعابا واستجابة إيجابية من الجالية المسلمة أسرعت في التنديد بالحادث وإخلاء ذمتها من منفذيه، لكن الترقب والحذر يحيط بهم ولا سيما في ظل الهجوم الإعلامي الشرس الذي يصر على إلصاق التهمة بالمسلمين، ويحرضون على العنف ضدهم. حظرا وعنصرية وفي بلجيكا أطلت العنصرية برأسها حينما تعرضت ثلاثة مساجد في بلجيكا لاعتداء من عدد من الأشخاص قاموا برسم رؤوس خنازير وصلبان معقوفة، كما كتبوا عبارات مسيئة على جدران مساجد (سلادارلو يونس إمره)، و(كولديربوس يلدريم بايزيد)، و(وينترسلاغ فاتح) التابعة لهيئة الشؤون الدينية التركية. كما أعلنت أنجولا، في سابقة من نوعها ودلالة خطيرة، حظرا على الإسلام وشنت حربا عليه، حيث بدأت حملة موسعة لهدم المساجد ومنع المسلمين من أداء شعائرهم الدينية، كما صدرت تصريحات من عدة مسئولين أنجوليين، ومنهم وزيرة الدولة للثقافة، روزا كروز، التي صرحت (لم يتم بعد إجازة الإسلام وممارسة المسلمين لشعائرهم قانونيا من قبل وزارة العدل وحقوق الإنسان لذا سيتم غلق مساجدهم حتى إشعار آخر). بشريات وانتصارات بيد أن صورة المسلمين في الغرب لم تكن كما ذكرنا بهذه القتامة فحسب، فقد حوت أيضا بعض الصور المشرفة، والمبهجة، فعلى سبيل المثال، كانت هناك ما يمكن تسميته (انتفاضة الحجاب في السويد)، حيث أسست حركة شعبية للدفاع عن حق النساء في ارتداء الحجاب في السويد، و كسب تأييد بعض من السياسيين والمشاهير من الحقوقيين والنواب، ونشرت المئات من السويديات صور لهن وهن يرتدين الحجاب في مواقع التواصل الاجتماعي على الأنترنت، جاء ذلك، عقب تعرض فتاة مسلمة محجبة حامل لاعتداء قرب العاصمة ستوكهولم بسبب ارتدائها الحجاب الإسلامي، الذي اعتبر بمثابة جريمة كراهية، ما أثار السخط لدى مجموعة من السياسيات اليساريات وغيرهن من النسوة المعروفات في المجتمع السويدي فقمن بنشر صور لهن وهن يرتدين الحجاب. كما استطاعت تركيا بعد تسعة عقود من حظر ارتداء الحجاب وغيره من اللباس الطويل للنساء، وفرض قيود على المواطنين ومنع المحجبات من دخول الجامعات وسائر المعاهد والمدارس وجميع مؤسسات الدولة، تم رفع الحظر عن الحجاب أخيرا، مما يسمح للمرأة المحجبة التقدم إلى الوظائف الحكومية بعدما كانت ممنوعة منها تماما، وهذا يمثل هزيمة ساحقة منيت بها العلمانية التركية. وفي نهاية عام 2013 في شهر نوفمبر، كان مسلمو سلوفينيا على موعد مع التاريخ، حيث أنهم كانوا ينتظرون بفارغ الصبر بداية عملية بناء أول مسجد في البلاد، بعد انتظار دام لأربعة عقود ومن المرجو أن يُفتتح في عام 2016، بعد وضع حجر الأساس بواسطة إلينكا براتوسك، رئيسة وزراء البلاد، والتي قالت (إن هذا الإنجاز يعتبر انتصارا رمزيا على كل أشكال التعصب الديني)، مشيرة إلى أن أوروبا لم تكن حصلت هذا الزخم الثقافي بدون الإسلام). * عن موقع الإسلام اليوم