المجهول هو واقع يطبع يوميات الطفلة عالية، فهذه البريئة وجدت نفسها عالقة بين الحياة والموت، تتصاعد أنفاسها طالبة الرحمة من رب العباد أن يعيد الرحمة لقلوب العباد، ليتلفتوا لمصابها ويساعدوها على الخروج من دائرة المجهول الذي يحاصرها وهي لم تبلغ الحلم بعد.. وجوه متعددة للألم دفعت بوالدة عالية الى توجيه نداء عاجل إلى السلطات العليا وعلى رأسها وزارة الصحة والتضامن، بغية التدخل العاجل لإنقاذ ابنتها من موت يتهددها في كل لمحة نفس من جسد منهك، لا أثر فيه للحياة، إلا أنفاس متثاقلة تخرج كزفير ثقيل من صدر هذه الطفلة، فلا حركة تصدر إلا من عينين تبحثان بحدة عن بريق الحياة.. عالية، هذه الطفلة المتعبة من انتظار الفرج بدون كلل، مصابة بمرض مجهول لم يعرف الأطباء تشخيصه، ولا معرفة أسبابه وكيفية مواجهته، والأخطر أن والدة عالية تمسك بقلبها كل يوم نتيجة خوفها من فقدان ابنتها الوحيدة، بعد أن فقدت من قبل ابنتين لها في السنوات الماضية على التوالي بنفس المرض المجهول قبل بلوغ الرابعة عشرة من عمرهما.. تبقى عالية في هذه الأوضاع حبيسة كرسيها لا تقوى على أداء أية حركة ولو كانت بسيطة، فحتى حجمها بات متقلصا إذ لا يتجاوز طولها 90 سم، وتبدو كأنها طفلة في جسد امرأة في العقد الأخير من عمرها، تنتظر ملك الموت لينقذها من الحياة العسيرة التي تعيشها وسط تعجب الجميع وعلى رأسهم الأطباء من هذا المرض الغامض القاتل لطفولتها وحقوقها في الظفر بحياة عادية كباقي أترابها.. تقول والدتها (العالية ابنتي، المسجلة في الدفتر العائلي كطفلة حية ولها الحق في ممارسة حقوقها المدنية كاملة من اللعب كغيرها من الأطفال إلى جلوسها على مقاعد الدراسة كبقية التلميذات اللواتي في سنها، إلا أن الحقيقة لم تكن كذلك)، العالية تعيش حياة لا يمكن وصفها أبدا في هذه الأسطر، تعيش محملة بالآلام وهي تنظر بعينيها فقط لا يمكنها أن تحرك ولا عضوا من جسدها، إلا أهداب عينيها التي يمكن أن تحركهما، عدا ذلك فكل الأعضاء متصلبة، وإذا استفسرت عن من يقوم برعايتها تجد والدتها (فاطمة) والتي عانت مع ابنتيها المرحومتين مريم وخديجة، حيث والدتها هي الوحيدة التي تتكفل بكل شيء وخاصة في غذائها وأي غذاء لأنها لا تأكل كما يأكل البشر وغذاؤها خاص جدا، فهي تتناول بقايا الخبز فقط، أما من يخدمها طبيا أو من يقدم لها الدواء، فهي ليست بحاجة إلى دواء طالما أن الأطباء عجزوا أن تشخيص مرضها وتحرير وصفة طبية لها، العالية حين تنظر إلى وجهها تراها كأنها بلغت العقد السادس من عمرها، وتقول فاطمة والدة (العالية) إن أملها كبير في أن تجد من يأخذ بيد ابنتها ويتكفل بها من حيث العلاج، خاصة وأنها لا حول ولا قوة لها، مع غياب دخل تعيل به نفسها فما بالك والتفكير في علاج ابنتها، وهو ما جعلها تناشد وزارة الصحة ووزارة التضامن وكل من له رأفة في قلبه أن يتدخل وينقذ وحيدتها من أنياب هذا الفيروس الذي يترصد بها، أن ينقذها من عذاب الدنيا قبل الموت الذي يترصدها في كل لحظة من الزمن بعد أن افتك بشقيقتين لها من الأب والأم. فالفقر والمرض حينما يجتمعان يشكلان مأساة لايتحملها أي إنسان مهما أوتي من الصبر، فهذه العائلة افتك بها المرض واغتصب الفقر فرحتها، والآن هي على حافة الهاوية تنتظر التفاتة المسؤولين وإحسان الميسورين، فهل من مجيب؟