يواجه كبار السن في الجزائر حالة مزرية من الحرمان، فبعد التقاعد يجدون أنفسهم في مواجهة رتابة الحياة وعدم قدرتهم على تأدية دور مفيد في الأسرة والمجتمع، وبالتالي يصبحون معرضين للإصابة لمختلف الأمراض النفسية والعقد الاجتماعية التي تؤثر بدورها على صحتهم، وتابلاط وغيرها من المناطق تضم العديد من كبار السن، وحتى المعمرين منهم، حيث بادرت المنطقة إلى تكريم المعمرين وإدخال البهجة إلى نفوسهم.. نظمت نهاية الأسبوع المنقضي، مجموعة من مثقفي وإطارات مدينة تابلاط بنحو 110كلم شرق ولاية المدية، حفلا تكريميا لأكبر المسنين بهذه المدينة الجبلية في مبادرة تعتبر الأولى من نوعها، والتي لقيت ترحيبا واسعا من قبل السكان، الذي ترجمه الحضور الكبير الذي غصت به قاعة مجمع الشباب بوسط ذات المدينة. ومن بين المعمرين المكرمين دواجي أحمد، البالغ من العمر 107 سنوات (من مواليد 1907) والمعروف في أوساط سكان المنطقة وما جاورها، ب(عمي مخيش ) كان يلقب بالبراح، حيث مارسها طيلة عقود خاصة خلال موسم الجني الفلاحي، كما مارس التجارة ولعقود بينها مختلف أنواع المواشي، ومن الخصال الحميدة التي تحلى بها، هو اعتناؤه بتربية أبناء زوجته (زوجة شهيد) حتى تزوجوا واشتغلوا في عدة وظائف. أما المكرم الثاني فهو أحمد بطاش يبلغ من العمر قرن، ولد سنة 1914، له من الأبناء والأحفاد ما يزيد عن 110 فرد بين الذكور والإناث، وما يميز المكرمان أنهما لم يصابا بأمراض مزمنة طيلة حياتهما، أرجعها أطباء إلى نوع الأطعمة الصحية المعتمدة في وجباتهم لحد الآن خلاصتها القمح الصلب والشعير، بالإضافة إلى زيت الزيتون التي تتميز بها منطقة تابلاط وقراها على غرار أولاد داود والشماليل وأولاد بلحاج وعرعار وغيرها. وفي كلمة له اعتبر الدكتور أحمد طالبي أستاذ بجامعة الجزائري وأحد المشرفين على هذه المبادرة، هذا التكريم (هو حق من حقوق هذه الفئة الهشة علينا، والتي تدخل ضمن واجب البر بالوالدين، كما أكد في السياق ذاته أن الدين الإسلامي يحث على تكريم وتبجيل هذه الفئة عبر آيات صريحة وأحادث نبوية شريفة. وللإشارة فإن هذه المبادرة النوعية، لقيت استحسان كل سكان مدينة تابلاط، خاصة وأنها جاءت بمبادرة شخصية من إطارات ومثقفين إسهاما منهم في تحريك المشهد الثقافي بهذه المدينة النائية، الهادفة إلى تسليط الضوء على هذه الفئة التي تحتاج إلى ابتسامة على أقل تقدير رسمت معالمها الألبسة التقليدية المتمثلة في البرنوس المحلي، نزولا عند رغبتهما كونهما لا يزالان محافظين على مثل هذه الألبسة الأصيلة.