أجبرت أزمة وباء كورونا ملايين الجزائريين على ملازمة منازلهم وذلك في إطار إجراءات الوقاية التي أقرتها الجهات الوصية لمجابهة هذا الوباء الذي ورغم مساوئه الكثيرة فقد أعطى فرصة من ذهب للمسؤولين لتحقيق النقلة الرقمية المنشودة منذ سنوات بعد أن أصبحت أكثر من ضرورة في الوقت الراهن. تعيش الجزائر وعلى غرار العديد من دول العالم على شلل حقيقي على جميع الأصعدة وذلك بعد أن فرض وباء كورونا حظر تجول في أغلب المناطق، فأغلقت الإدارات العمومية وأوصدت العديد من المؤسسات العمومية والخاصة أبوابها ودخل المواطنون منازلهم والجميع في انتظار إعلان القضاء على هذا العدو المجهول الذي ورغم مساوئه الكثيرة وعلى رأسها ما يحصدها يوميا من أرواح مواطنين فإنه قد أظهر الأهمية البالغة لتسريع النقلة الرقية التي تتحدث عنها السلطات العليا في البلاد منذ سنوات دون أن تطبق على أرض الواقع بالسرعة المطلوبة فلو كانت الرقمنة متوفرة في جميع القطاعات لكنا لا نتحدث عن العديد من المشاكل الهامشية المطروحة حاليا مقارنة بالمشكلة الرئيسية وهي هذا الوباء، فالدول المتقدمة وعلى رأسها الصين المصدر الأول لهذا الوباء وجدت التكنولوجيا غير رفيق لها ولمواطنيها سواء من ناحية الدراسة عن بعد، ممارسة وظائفهم، قضاء حاجياتهم اليومية ومختلف المعاملات من خلال هواتفهم الذكية أو أجهزة الكمبيوتر، كما أن هذه الدول لديها أرضيات رقمية فيها جميع المعلومات المتعلقة بمواطنيها سواء من ناحية محلاتهم السكنية، مداخليهم واحتياطاتهم المالية، العائلات التي بحاجة لمساعدات مستعجلة، أما من ناحية الاقتصاد فالتكنولوجيا تتيح للدول ما تنتجه كل مؤسسة يوميا ومسار المنتوج وسعره ووجهته النهائية وغيرها من الأمور الأخرى التي تتيحها التكنولوجيا والتي نحن في أمس الحاجة لها في الوقت الراهن، لأنه لو كانت مختلف القطاعات مرقمنة لدينا لكان أغلب الموظفين يزاولون العمل من منازلهم ولكان كل مواطن يحصل على حاجياته اليومية من خلال عملية بسيطة على هاتفه الذكي ولكان مسار المنتوجات الغذائية معروف وسعرها مضبوط وهي الأمور التي يجب على السلطات العليا في البلاد التسريع بتطبيقها خصوصا وأن لدينا وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة التي يمكنها تقديم مساهمة كبيرة في هذا المجال ودعم المؤسسات والمبادرات القادرة على تقديم دفعة كبيرة لعالم الرقمنة في الجزائر، كما لدينا وزارة للمؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة ووزارة منتدبة للحاضنات وهي وزارة مكلفة باحتضان الشركات الناشئة ومن بينها الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا، في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة نهاية شهر جانفي الماضي عن إطلاق وكالة وطنية للرقمنة قبل نهاية السداسي الحالي وهو الموعد الذي أصبح من الضروري تقديمه، خصوصا وأن العديد من الشباب والناشطين في مجال الرقمنة أبانوا عن العديد من الأفكار والتطبيقات التي يمكنها تسهيل حياة المسؤولين والمواطنين على حد سواء وهي تنظر فقط أن يتم احتضانها وتطبيقها على أرض الواقع وهو الأمر الذي ينطلق على مكتب الدراسات المختص في الاستشارة والتطوير في الإعلام الآلي “خدمة تيك” الذي يتخذ من عنابة مقرا له والذي ل “آخر ساعة” بأنه طور العديد من التطبيقات والأرضيات الرقمية التي من شأنها تسهيل العديد من الأمور، مؤكدين أنهم طرحوها على المسؤولين قبل بضعة سنوات دون أن يبادروا بتبنيها رغم النجاح الذي حققته أرضية “ديزاد دوك” التي تتيح لكل مواطن حجز موعد لدى أي طبيب انطلاقا من هاتفه الذكي أو جهاز الكومبيوتر مجانا، لتبقى الآن الكرة في مرمى السلطات العليا في البلاد لإظهار مدى جديتها في الانتقال إلى الرقمنة وهي التي أظهرت بوادر لذلك بعد أن تبنى معهد باستور التكنولوجيا لتسريع مدة الكشف نتائج عينات الأشخاص المشتبه في إصاباتهم بفيروس كورونا.