أصبح الكثير من الجزائريين يتهافتون على اقتناء المكملات الغذائية من أجل تقوية المناعة ضد فيروس "كورونا" المستجد،وذلك في ظل المنافسة الشديدة لمنتجيها من أجل حجز مكانة في جيوب الجزائريين،معتمدين في ذلك على حملات ترويجية واشهارية قصد استمالة الزبون الذي يحاول بشتى الطرق تعويض ما ينقصه من فيتامينات لا يستطيع تحصيله من خلال الغذاء العادي بسبب غلاء المعيشة وارتفاع اسعار المنتجات والأكل الصحي على غرار اللحوم والفواكه وحتى المكسرات.وكان اقبال الجزائريين على المكملات الغذائية في وقت مضى يقتصر على فئة المصابين بأمراض مزمنة فقط وأمراض العصر على غرار القولون العصبي،التي تستدعي ضبط عمل الجهاز الهضمي وغيرها من الوظائف العضوية،وكذا مرضى السكري ,إلا أن الأمر تعداهم في الآونة الأخيرة إلى اصحاء أضحوا يبحثون عن مصادر لتقوية المناعة ضد فيروس كورونا المستجد.واقتربت "أخر ساعة" من عدد من المستهلكين وقعوا ضحايا لمروجي هذه المكملات،وتناولت الموضوع مع مختصين لرصد حقيقة هذه المواد،خاصة في ظل ظهور مكملات غذائية جديدة في فترات زمنية قصيرة،وذلك منذ بداية تفشي فيروس كورونا في الجزائر أواخر شهر فيفري الفارط.وقال لنا محمد وهو طالب جامعي، إنه يعيش خوفا دائما من الاصابة بالعدوى منذ انتشار وباء كورونا المستجد أواخر شهر فيفري الماضي،وهو ما دفعه للبحث عن أي مواد غذائية أو أعشاب يمكن أن تحميه وتقيه من الاصابة بالفيروس التاجي المستجد الذي قتل عشرات الالاف الأشخاص بل المئات من الآلاف لحد الآن،فنصحه أحد أصدقائه بمكمل غذائي يقوي المناعة،فسارع إلى اقتنائه بالرغم من ارتفاع ثمنه،إلا أن هذا المكمل الغذائي تسبب له في اضطرابات هضمية،وبعد أن توقف عن استهلاكه منذ فترة أصبح يبحث حاليا عن علاج لمعاناته على مستوى الجهاز الهضمي الذي اصبح يسبب له مشاكل كثيرة دفعته لزيارة عدد من الأطباء العامين وحتى المختصين.أما تجربة السيدة "مليكة" مع المكملات الغذائية فكانت خطيرة جدا وكادت أن تودي بحياتها،حسب ما أكدته لنا،حيث أنها تعاني من قرحة على مستوى المعدة وقامت باقتناء مكمل غذائي على أساس تقوية مناعتها ضد "كوفيد 19″،إلا أنها ومنذ أن بدأت تناوله شعرت بغثيان شديد وهبوط حاد في الضغط كما صارت تتقيأ ليلا نهارا، قبل أن تنقل إلى المستشفى في حالة حرجة بسبب ضعفها بسبب ارتفاع ضغطها الدموي.وبخصوص الموضوع قال عدد من المختصين في الصحة العمومية،ومنهم الدكتور "أمحمد كواش"،في تصريحات صحفية إنه قد تم استغلال الوضع الوبائي في الترويج لمكملات غذائية،بحجة دعوة الاطباء لتقوية المناعة ومقاومة الاصابة ب"كوفيد 19″،وهذا ما شجع الكثير من المخابر والشركات المنتجة لترويج لمكملاتها على حساب صحة المواطن وجيبه،وفي ظل التخوف الكبير من الاصابة بالوباء والوسواس القهري،بالإضافة إلى صفحات التواصل الاجتماعي التي روجت بشكل كبير الى الاستعمال العشوائي للأدوية والمكملات الغذائية على حساب الصحة العمومية.وأكد كواش أن هذه المواد تشهد اقبالا كبيرا رغم كون أغالبيتها مجهولة المصدر والتركيبة الطبية ولا تخضع لمقاييس الاستهلاك البشري،مشيرا إلى أن الأصل في استعمال المكملات الغذائية هو استشارة الطبيب وبعد التأكد من الحاجة لاستعمالها،مضيفا أن التجارب مع مستعملي هذه المكملات المجهولة المصدر أو دون استشارة طبية أو بمقادير فوضوية أثبتت تأثيرها الصحي الخطير على الجهاز الهضمي والكلى وحتى الجهاز العصبي،ومنها ما تسبب في الضغط الدموي والسكري وحتى الحساسية.وبخصوص كيفية تعويض هذه المكملات الغذائية،قال المختص ذاته إن ما يساعد فعلا على تقوية المناعة هو الغذاء الصحي والنوم الجيد والمعنويات المرتفعة،كما يمكن اللجوء إلى تقويتها عن طريق استهلاك الاغذية الغنية بفيتامين "سي" و"الزنك"، مثل البرتقال وغالبية الخضر والفواكه،ناهيك عن التعرض لأشعة الشمس وممارسة الرياضة.من جهته دعا رئيس المنظمة الوطنية لحماية و ارشاد المستهلك،"مصطفى زبدي"، إلى ضرورة ضبط وتقنين سوق المكملات الغذائية لحماية المستهلكين من هذه المواد التي يتهافت عليها الكثير من الجزائريين منذ بداية انتشار الجائحة سعيا منهم لحماية أنفسهم من الاصابة بالعدوى,حيث أكد غياب ضوابط للتحكم في هذه النوعية من المواد الاستهلاكية في مجال الاشهار،وهو ما ساهم في التأثير على عقول الناس بالأكاذيب،بحثا عن الربح السريع،في ظل ارتفاع أسعارها.وحذر المتحدث ذاته المستهلك الجزائري من الانسياق وراء هذا النوع من الاشهارات التضليلية،والإقبال على استهلاك هذه المكملات بشكل مفرط لأن ذلك قد ينقلب على المستهلك.من جهتها تواصل الأبحاث الطبية الحديثة التحذير من الإسراف في تناول المكملات الغذائية بسبب الأضرار الكبيرة التي قد تسببها،وكشفت مؤخرًا دراسة خطيرة أشرف عليها باحثون أمريكيون ونشرت نتائجها خلال أحد المؤتمرات الطبية العالمية أن الإفراط في تناول الفيتامينات والمعادن يرفع فرص الإصابة بالسرطان وأمراض القلب.وتابعت الدراسة التي أشرف عليها باحثون من مركز السرطان بجامعة "كولورادو" الأمريكية، واستمرت 10 سنوات تقريبًا،أن تجاوز الكميات الموصى بها يوميًا من الفيتامينات والمعادن، التي يتم صرفها من الصيدليات بدون وصفة طبية،يضر بالصحة بشكل ملحوظ،ويرفع فرص الإصابة بأمراض خطيرة عديدة أبرزها الأورام السرطانية. وكشف الباحثون عن مفاجأة أخرى أيضًا،حيث أشاروا إلى أن المكملات الغذائية ليست مفيدة بدرجة كبيرة لصحة الإنسان،لافتين إلى أن الشيء الأمثل هو الحصول على الفيتامينات من الطعام الصحي والمغذى،خاصة أن الأبحاث والدراسات أكدت أن تناول الخضروات والفواكه يقلّل فرص الاصابة بالسرطان وأمراض القلب.