غلق 10 مصانع للطماطم بالشرق يدمر الفلاحين ويدفع بهم نحو مصير مجهول دفع غلق وإفلاس 10 وحدات تحويلية للطماطم من أصل 17 وحدة بولايات الشرق المنتجة لهذا المحصول بالفلاحين نحو مصير مجهول يلوح يتحول مواسم الجني إلى مواسم بيضاء. حيث كان الرباعي الولائي في سنوات الثمانينات والتسعينات النموذج التاريخي في إنتاج الطماطم و الممول الرئيسي للسوق الوطنية ، غير أن غلق أكبر المصانع المتواجدة به على غرار البستان بالطارف ، بن عزوز بسكيكدة السيبوس بعنابة قضى على شعبة الطماطم بصفة شبه نهائية ما جعل الفلاحين في ورطة أمام غياب سبيل لتسويق منتوجهم الفلاحي، مشاكل مصانع الطماطم بالشرق إنطلقت بمتاعب الملاحقات القضائية نتيجة التهرب الضريبي ، سوء التسيير و العجز في تسديد المستحقات لدى البنوك ومؤسسات التعليب و التي جرت أصحابها إلى أروقة المحاكم وأصدرت في حقها أحكام قاضية بتصفية العديد منها و إحالة عقارها و معدات التحويل بها على الحجز التحفيطي و البيع في المزاد العلني ، علما أن أولى الوحدات التي تعرضت لمشاكل التسيير هي وحدات مصبرات سيبوس نتيجة تراكم الديون ثم توالت المصانع في الغلق الواحدة تلوى الأخرى مسجلة بذلك غلق 10 منها أمام مواصلة 07 فقط في العمل منها 02 بكل من ولايات الطارف ، عنابة ، قالمة و مصنع 01 بسكيكدة ، الأمر الذي أدخل الفلاحين في دائرة الخوف من المستقبل الغامض في هذا النوع من المحاصيل و الذي جعل الكثيرين يتوجهون إلى زراعات أخرى ما تسبب في تقلص مساحات الطماطم . التقلص الرهيب في مساحات غرس الطماطم ينذر بمواسم بيضاء. تراجعت في السنوات الأخيرة مساحات غرس الطماطم الصناعية بولايات الشرق الأربعة إلى 4 آلاف و 500 هكتار عوض 26 ألف هكتار التي داوم الفلاحون على غرسها بسبب غلق أكبر الوحدات التحويلية بها. فولاذية عنابة التي كانت أراضيها الفلاحية حمراء سنوات الثمانينات بإحتلال مساحة 20 ألف هكتار تراجعت في نهاية التسعينات حيث وصلت سنة 2001 إلى 10 آلاف هكتار لتبغ المساحات المخصصة لهذا النوع من المحاصيل أدناها سنة 2006 باحتلال ألف هكتار وذلك حسب ما أكده رئيس الغرفة الفلاحية بالولاية و أثبتت الزيارة التي قادت "آخر ساعة" نهاية الأسبوع المنصرم إلى عدة بلديات فلاحية ، أين تفاجأن بقلة أراضي غرس الطماطم الشيء الذي دفعنا نحو بعض الفلاحين للإستفسار عن سبب التقلص الرهيب في المساحات المخصصة لهذا النوع من المحاصيل ، أين أكدوا بأن غياب سبل تسويق منتوجهم في ظل غلق الوحدات التحويلية دفع بالكثيرين منهم للعزوف عن إنتاج الطماطم وتعويضها بمحاصيل أخرى . هذا وتتوقع بعض الجهات الفلاحية المهتمة بشعبة الطماطم الصناعية تراجع المساحات إلى أدناها السنة الجارية نتيجة غياب المخطط الإستراتيجي الذي يحددها و يحمي منتوجها الفلاحي ، كما يتوقع أن لا يتجاوز مردودها 1.4 مليون قنطار من الطماطم الطازجة القابلة للتحويل الأمر الذي يهدد بتراجع تغطية السوق الوطنية أكثر. تراجع تغطية السوق الوطنية إلى 50% و الطماطم الصينية الممزوجة بالجزر البديل. تقهقرت نسبة تغطية رباعي الشرق لسوق الوطنية إلى مستويات غير مسبوقة سجلت فيها نسبة تراجع من 80 بالمائة إلى أقل من 50 بالمائة، بسبب تجميد نشاط وحدات إنتاج الطماطم بها. ما فتح المجال أمام الطماطم الصناعية المستقدمة من الصين ، تركيا و إيطاليا لاختراق السوق معلنة نفسها كبديل لتغطية العجز بالأسواق وذلك حسب ما أفاد به مختصون في المجال و الذين أضافوا بأن العملية تكون باستيراد حاويات حمولة الواحدة منها تحتوي على 200 كلغ من الطماطم المركزة 03 أضعاف يتم تخفيفها إلى الضعفين و من تم تسويقها ، وعن عيوب الحل البديل كشف ذات المختصون بأن معجون الطماطم المستوردة غير مطابق للمواصفات و هو ما أثبتته نتائج التحاليل المخبرية التي أجريت على عينات منه التي اتضح من خلالها أن المحجوز عبارة عن خليط من الطماطم ، الجزر و البيطراف الهدف من مزجها مضاعفة الحجم وإضفاء اللون الأحمر عليها لإيهام المستهلك بنوعية رفيعة. وعلى الرغم من محاولات الدولة بفرض االرقابة يضيف ذات المتحدثين على الإستراد لتشجيع الإنتاج المحلي الذي يبقى النوعية الرفيعة الخالصة إلا أنه يعاب عليه عدم تغطية إحتياجات السوق الوطنية و تدني نسب تأمينه إلى مستويات غير مسبوقة. أثرت من زاوية أخرى على الاستهلاك المباشر حيث قفز سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم الصناعية إلى 140 دينارا مؤكدة بذلك عجز النموذج التاريخي لزراعة الطماطم عن توفير متطلبات السوق وفقا لأسعار معقولة. البديل المختلف وبعد أن وجد فيه أصحاب الشأن حلا لاختصار مراحل التحويل ونقص التكاليف تسبب في تلف وإفساد فائض معتبر من المنتوج المحلي تكبد الفلاحون خسائره الفادحة زادتها مشاكل غلق المصانع تعيقدا. زراعة الطماطم تكبد الفلاحين خسائر بالملايير موسما تلوى الموسم لغة الخسارة هي اللغة التي خيمت في السنوات الأخيرة على قواميس حسابات الفلاحين الذين كانوا في سنوات ال90 يجدون في هذا النوع من الزراعة سبيلا في لتحقيق أرباح عالية في ظل وفرة كل المقومات الضرورية من مستلزمات الزرع، الجني والتسويق حيث كانت ولاية كانت ولاية عنابة لوحدها تصل إنتاج الطماطم إلى 15 و20 ألف هكتار خلال الموسم الواحد، وبمرور الزمن انتعشت فلاحة الطماطم وكثرت بعد توجه جميع الفلاحين لزراعتها ما تسبب في تراجع أسعار بيع الكيلوغرام الواحد منها من 7 دنانير إلى 2 دينار، السعر الذي لا يغطي حسب الفلاحين ممن تحدثت إليهم آخر ساعة تكاليفهم بدءا بشراء البذور وغرسها، مصاريف الأسمدة، واليد العاملة مرورا بتحويل المشاتل إلى أراضي وصولا إلى عملية الجني والتسويق الشيء الذي كبد المنتجين خسائر فادحة ودفع بهم إلى اللجوء لزراعة محاصيل أخرى وذلك سنتي 2006 و2007 وتخوفا من تدهور الأوضاع أكثر تدخلت الغرف الفلاحية بتنقل المشرفين إلى الوزارة الوصية لإيجاد حل لهذه المشكلة أين اقترحت الوصاية على هامش الندوات الجهوية التي انعقدت آنذاك وبالتحديد سنة 2008 بتحديد السعر الأدنى لبيع الكيلوغرام الواحد ب10 دنانير مع خضوعه . لقانون العرض والطلب في حالة تسجيل نقص، وذلك بتدعيم من الدولة ما جعل الفلاحين يقررون العودة تدريجيا نحو هذا المنتوج ليجدون أنفسهم أمام عراقيل ومآزق أخرى بسبب ارتفاع سعر البذور بذور الطماطم تبلغ مستويات قياسية و1كلغ ب30 مليون عزوق الفلاحين عن إنتاج الطماطم لم يكن من عدم وإنها بفعل جملة من الأسباب أولها ارتفاع أسعار بذورها التي بلغت مستويات قياسية حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من البذور الرفيعة النوعية إبريد بين 15 و30 مليون سنتيم في حين قفز سعر الكيلوغرام الواحد من البذور العادية الى600 وألف و800 ألف سنتيم علما أن بذور "إبريد" حسب ما أفاد به رئيس الغرفة الفلاحية بعنابة تحقق منتوج يتراوح مابين 600 و1000 قنطار في الهكتار الواحد ، أما البذور العادية فتنتج من 200 إلى 300 قنطار في الهكتار ومابين هذا وذاك وجد الفلاح نفسه في مفترق طرق جديد بين خيار استعمال البذور الرفيعة باهظة الثمن أم البذور العادية ضعيفة المردودية تحدى فيه الواقع وتوجه إلى بذور "إبريد" عالية الجودة وذلك حسب تصريحات الكثير من مستعمليها لتحقيق منتوج وفير رغم غرقهم في الديون والتوصل في أوقات أخرى إلى بيع مصوغات زوجاتهم لتوفير المبلغ لتغطية تكاليفيها المرتفعة وهو الذي أكده عمي موسى خلال زيارة آخر ساعة أحد المزارع ببلدية بن مهيدي حيث صرح أنه اضطر لبيع مصوغات زوجته للحصول على السيولة اللازمة لزرع أرضه مشاكل الفلاحين لم تتوقف عنه هذا الحد بل تمادت مع ارتفاع أجر اليد الفلاحية الشح الكبير في اليد الفلاحية يرفع آجر العامل إلى 700 دج مقابل 5 ساعات عمل يبدو أن العوائق السالفة الذكر لم تكن كافية لإرهاق كاهل منتج الطماطم ، بل اتسعت لتضيف ضمن القائمة النقص الكبير في اليد الفلاحية و التي قفزت بأجر العامل . من 400 دينار مقابل 08 ساعات من العمل إلى 700 دينار مقابل 5 ساعات من اليوم الواحد. وعن أسباب الشح في اليد العاملة فقد أرجعها مستغلوا الأراضي الذين لتراوح عددهم بولايتي عنابة و الطارف بين 500 و800 منتج على التوالي إلى عزوف البلديات الفلاحية عن العمل الفلاحي و إستبداله بعقود الإدماج المهني التي وزعت بالآلاف في السنتين الأخيرتين في ظل غياب روح خدمة الأرض مفضلين العمل لدى مصالح البلدية في ظروف مواتية مقابل 12 ألف دينار على العمل الشاق تحت أشعة الشمس الحارقة وبرودة الشتاء القاسية مقابل 100 دينار للساعة الواحدة و 700 دينار ل 05 ساعات متتالية مصنفين في السياق ذاته بأن اليد الفلاحية الحقيقية قد زالت ببلوغ المئات من العاملين القدامى في المجال من سن الشيخوخة وعجزهم عن العمل ووفاة أجيال الأراضي الفلاحية و الذهنيات القديمة مشيرين إلى النزوح الريفي نحو المدينة. كل هذه المعطيات كانت وراء بروز عائق تقلص اليد العاملة المضافة إلى قائمة المشاكل التي يتخبط فيها منتجو الطماطم و التي ساهمت في تفاقم سوء الوضعية وتوجه الفلاحين نحو محاصيل لا تتقبل عددا كبيرا من العمال على غرار زراعة القمح من جهة تحاول بعض الجهات البحث عن بدائل من خلال تعويض اليد الفلاحية بالآلات الطريقة التي باشرت إحدى المؤسسات الخاصة بإنتاج الطماطم الصناعية بولاية قالمة العمل بها. النقص الفادح في اليد العاملة ما هو إلا نقطة من بحر فيض مشاكل المنتجين أم غلاء الأسمدة والإجراءات الأمنية المعقدة لتوزيعها الإجراءات الأمنية والإدارية لتوزيع الأسمدة تفرض منطق السوق السوداء كشف الفلاحون خلال سلسلة الحوارات التي أجرتها آخر ساعة معهم عن جملة المشاكل التي يتخبطون فيها عن التعقيدات والصعوبات التي يواجهونها عند إقتناء الأسمدة بسبب الإجراءات الأمنية والإدارية التي تخضع لها عملية التوزيع بين الأقسام الجهوية والغرف الفلاحية وتعاونيات الحبوب والمصالح الأمنية في حال زادت الكمية عن 100 قنطار والتي أجبرتهم على حد قولهم على التوجه لشرائها من السوق السوداء الخاضعة للمضاربة هروبا من هذه التعقيدات وربحا للوقت وفيما يخص أسعارها فقد أكد ذات المتحدثين بأن وفرة الأسمدة على مستوى المصالح المسؤولة على توزيعها وبالأسواق السوداء لم تعفيهم من الارتفاع حيث يبلغ سعر القنطار الواحد من نوع 15.15 6آلاف دينار، في حين يفوق سعر الأسمدة من نوع 25.15 ، 8آلاف دينار ما جعل أغلب أصحاب الأراضي الفلاحية يفضلون النوع الأول رغم نقص مكوناته بهدف تقليص التكاليف موضحين بلغة الأرقام أن الهكتار الواحد يتطلب 08 قناطير من الأسمدة ما يعادل مبلغ 48 ألف دينار للهكتار من جهة أخرى وفيما يخص الأسمدة المتوفرة في الأسواق الموازية فقد أكد هؤلاء بأن بعض أصحاب الأراضي يلجؤون إلى توفير قناطير من الكمية الإجمالية المستخرجة من مؤسسات التوزيع بنثر 05 قناطير في الهكتار الواحد وتحصيل مجموع 03 قناطير المحتفظ بها في الهكتار الواحد يوجه للبيع في السوق الموازية التي تتوفر على كميات كبيرة تأتي عن طريق تراجع الفلاح عن زرع المساحات المصرح بها في مخططه الفلاحي المقدم للمصالح المعنية للحصول على القناطير اللازمة على سبيل المثال كأن يصرح الفلاح في مخططه الفلاحي بحاجته ل40 قنطارا من أجل تسميد 5 هكتارات ثم يتراجع لزرع 3 هكتارات فقط ليكون الفارق من نصيب السوق، الحقائق التي كشفتها "آخر ساعة" خلال هذا العمل الميداني بينت واقع ولايات الشرق التي كانت الرائدة في إنتاج مصبرات الطماطم و الممول الوحيد للسوق الوطنية ، وحقيقة منتجي الطماطم وجملة المشاكل التي يتخبطون فيها ، لكن لم تبرز الحلول المنتظر إقتراحها من قبل الجهات الوصية المطالبة بالتعجيل بها لتدارك الوضعية قبل فوات الأوان في ظل تراجع تغطية السوق الوطنية إلى أقل من 50 بالمائة و تقلص مساحات زرع الطماطم إلى 4500 هكتار كما هي مطالبة بالتحرك لتأمين مصير الفلاحين الذي أصبح يتضمن الكثير من علامات الاستفهام و يهدد مواسم جني بيضاء في ظل غياب سبل لتسويق المنتوج. علما أن المبادرات المجسدة من قبل المسؤولين على القطاع من خلال دعم الأسعار، توفير الأسمدة و البذور ، لا يرى فيها الكثيرون الحلول الناجعة لإحداث نهضة حقيقية في القطاع و العودة بالعقود الزمنية الذهبية للولايات الشرقية في إنتاج الطماطم. "تحقيق : عمارة فاطمة الزهراء "