شرعت باريس في التفكير الجدي في إذابة الجليد عن العلاقات المتوترة مع الجزائر بسبب ملفات ثقيلة، وقد برمجت السفارة الفرنسية بالجزائر للمباراة في كرة القدم ، بين موظفيها وأعضاء في جمعية تنشط بولاية عين الدفلى. وكانت السلطات الفرنسية أبدت ما أظهرته حسن نية في تجاوز العلاقات المتوترة مع الجزائر على خلفية ملفات تاريخية تلقي بضلالها على العلاقات بين البلدين، وموازاة مع ذكرى الثامن ماي، صمت المسؤولون الفرنسيون عن أي تصريح بخصوص الملف على العكس ما درجت عليه العادة في السابق، خاصة أن ذكرى هاته السنة تأتي في ظرف حساس جدا، تضاعف فيه الجدل بخصوص التجارب النووية الفرنسية في جنوبالجزائر ، وغموض موقف باريس من مسألة تعويض الضحايا الجزائريين عقب القانون الذي أفرجت عنه نهاية العام الفارط. موازاة مع ذلك، تواصل آلة المطالبة الجزائرية تنسيقها من اجل الوصول إلى هدف إفتكاك الاعتراف و الاعتذار ثم التعويض عن الجرائم الاستعمارية، حيث أكدت المحامية فاطمة بن براهم في ندوة من تنظيم جمعية مشعل الشهيد،انه "حان الوقت للتفكير في إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة الدولة الفرنسية لما قامت به من جرائم في حق الشعب الجزائري جراء تجاربها النووية في الصحراء". مشيرة الى أن "الأدلة كافية لفعل ذلك". على أنها تحصلت على تقرير سري عسكري فرنسي يقر بوجود حوالي 40 ألف جزائري في المناطق التي أجريت فيها التجارب و أنه خلال ذلك الوقت و في الصحراء الجزائرية كان يمكن إيجاد مجموعات أشخاص مكونة من 500 شخص على الأقل في كل 10 كيلومترات سواء من السكان المستقرين أو البدو الرحل. وذكرت المتحدثة أن هذا التقرير السري "يدحض الإدعاءات الفرنسية الرسمية التي قدمها مختلف المسؤولين الفرنسيين حول خلو المناطق التي أجريت فيها التجارب النووية الفرنسية من أي نوع من أنواع الحياة" مشيرة الى انه "يبين أيضا أن ممثل فرنسا لدى الأممالمتحدة قد كذب على الرأي العام الدولي سنة 1957 حين قال أن فرنسا ستجري كافة تجاربها النووية في مناطق تنعدم فيها الحياة". و"صامت" فرنسا، هاته المرة عن أي خطاب تعلن فيه توجهاتها في العلاقات مع الجزائر بمناسبة ذكرى الثامن ماي 45، ويربط المتتبعون لشأن العلاقات بين البلدين ، بداية الحساسية السياسية مع بروز توجه جزائري سيادي، من الناحية الاقتصادية، وقد تداولت مصادر فرنسية بان زيارة الدولة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا ستتم في جوان القادم وهو تاريخ يتزامن مع مشاركة الرئيس الجزائري في قمة الاتحاد من اجل المتوسط ببرشلونة الاسبانية بعد فشل قمة القاهرة نهاية الأسبوع الماضي ولم تحضرها غير خمسة دول من أصل 43 دولة عضو في الاتحاد. وأدى ذلك إلى زيادة في البرودة وتقلصت الزيارات الرسمية والوزارية من الطرفين إلى أدنى حد رغم أن الرئيس الفرنسي مع بداية عهدته الرئاسية أرسل عددا من وزراءه للجزائر على أمل "تطييب الخواطر" وافتكاك صفقات وجاء نيكولا ساركوزي إلى الجزائر في 2007 وقال انه يريد "علاقات مميزة"، ولكن سرعان ما انقلب الوضع إلى جمود من جديد.