في الوقت الذي استعادت فيه العديد من القرى الجيجلية بريقها االمفقود الذي ضيعته خلال العشرية السوداء لازالت بعض القرى تعاني التهميش والحرمان الناجم عن هذه العشرية من جهة وعن ظلم وتجاهل المسؤولين من جهة أخرى كما هو الحال بالنسبة لقرية بوميدول الواقعة في سفح جبل "الكلة" المتاخم لجبال سدّات الشهيرة والتابعة لبلدية برج الطهر (40) كلم الى الجنوب من عاصمة الولاية جيجل . والحقيقة أن كل الكلمات تبدو عاجزة عن وصف العزلة التي يعيشها سكان هذه القرية التي عرفت هجرة جماعية خلال العشرية الماضية بفعل الظروف الأمنية الصعبة التي مرت بها وهي الهجرة التي زادت من عزلتها وتجاهل المسؤولين لها حيث وعلى الرغم من التحسن المشهود للوضع الأمني بالمنطقة الا أن سكان قرية بوميدول لازالوا يكابدون ويلات التجاهل والحرمان الذي جعل حياتهم أشبه ماتكون بحياة الحيوانات على حد وصف أحد سكان هذه القرية كيف لا وهم الذين يعيشون في منازل لاتتوفر على أدنى شروط العيش الكريم بل ولازالوا ينقلون مرضاهم على ظهور الحيوانات باتجاه المراكز الصحية المتواجدة اما بمقر بلدية برج الطهر أو بلدية الشقفة ، ولعل مازاد في عزلة سكان بوميدول هو غلق الطريق الوحيد الذي يربط قريتهم بمقر بلديتي برج الطهر والشقفة وذلك من جراء الظروف الأمنية الصعبة التي عرفتها المنطقة في السنوات الفارطة وعزوف أصحاب السيارات عن استعماله مجددا رغم اعادة فتحه من حين الى آخر أمام الحركة المرورية وهو ماحتم على سكان القرية المذكورة الإعتماد على وسائل بدائية في تنقلاتهم من والى قريتهم اللهم في حالات ناذرة أين يغنيهم أحد شيوخ القرية المعروف باسم عمي صالح عن هذه المعاناة بواسطة سيارته المهترئة من نوع بيجو (404) وهي السيارة التي لولاها لما تذوق هؤلاء السكان حتى طعم رغيف "الكسرة" طالما أن الخبز بات من الكماليات بالنسبة لسكان بني يدر الذين لايعرفونه الا في المناسبات على اعتبار أن جلبه يتطلب منهم قطع مسافات طويلة بكل ماتحمله من معاناة يشيب لها الولدان . ويبقى سكان بوميدول يتطلعون بشوق لحلول فصل الصيف الذي لطالما تحسنت فيه أوضاعهم بعد عودة بعض أبناء القرية المهاجرين وهي العودة التي تمنح هؤلاء بعض السكينة والهدوء بل وتزيل عنهم الى حد بعيد وحشة المكان كما تحيل ذاكرتهم الجماعية على الماضي الجميل يوم كانت قريتهم تنبض بالحياة والإبداع اللذين أخفتهما سنوات الدم والدموع محوّلة اياهما الى مجرد حكايات وأساطير أشبه ماتكون بحكايات ألف ليلة وليلة . م /مسعود