تسير سوق تحويلات لاعبي كرة القدم في الجزائر بخطين متوازيين لا يلتقيان أبدا، وبمعنى أدق، هناك اتجاهين متعاكسين في "سوق مجنونة" تعرف تراجعا مذهلا في مستوى اللاعبين والمنافسة المحلية، وترتفع، بالمقابل قيمة عناصر النخبة وأضحت قيمتها تصل إلى أكثر من مليار سنتيم. إنها المفارقة الغريبة في كرة القدم الجزائرية، فقد أضحت خلال المواسم الأخيرة تثير علامات كبيرة من الإستفهام، من باب أن البطولة الجزائرية، ومعها أندية النخبة عاجزة منذ سنوات على إنجاب لاعبين متميزين وتزويد المنتخب الوطني بعناصر لامعة مثلما كان عليه الحال عقب الإصلاح الرياضي وقبله أيضا، في وقت لا تكن هناك صفقات الملايين والملايير في تحويل لاعبي العصر الذهبي للكرة الجزائرية. لغة المليار.. استحواذ بارونات الكرة على سوق تحويلات لاعبي كرة القدم، أعطى الإنطباع على أن الأمر يتعلق بسلع أكثر منه لاعبي الكرة، وبدا وضاحا أنها تجارة مربحة لكبار "الرؤوس" التي أحكمت قبضتها على الأندية ومنها الكرة الجزائرية، أكثر منها البحث عن بناء فرق قوية وفق برنامج عمل مدروس بأهداف بعيدة ومحددة. صراع رؤساء الأندية بلغ مرحلة جنونية بشأن لاعبين ومدربين أيضا لا يستحقون، في واقع الأمر، عشر ما يتقاضونه، قياسا بمستوى البطولة الضعيف وتراجع أداء اللاعب الجزائري، ومع ذلك لم يجد عدد من رؤساء الأندية الحديث بلغة المليار قبل بداية أول بطولة احترافية، مما أثار استغراب الأوساط الرياضية كون "المليار" لا يعكس أبدا القيمة الحقيقية لأي لاعب مهما بلغ مستواه. رؤساء الأندية يتنافسون على اللاعب الأقل ضعفا وليس الأفضل، لأن الواقع أكد هشاشة المنتخبات الوطنية بإختلاف أصنافها وضعف الأندية الجزائرية قاريا وإقليميا، ما يجعل بطولتنا قريبة إلى الهواة أكثر منها إلى الإحتراف، طالما أنه لم تتوفر شروط إحتراف أنديتنا، لا من حيث التكفل باللاعبين أو توفير الهياكل الرياضية والتكوين أو حتى من باب إحترافية رؤساء الأندية الجزائرية. أموال لا تخدم الكرة الجزائرية والأغرب من كل هذا وذاك أن عدد من رؤساء الأندية الجزائرية يشتكون نقص دعم الدولة والأموال ويطالبون الدولة بمنحهم أموالا كثيرة حين يتعلق الأمر بالتكوين، وكأن الأمر يتعلق بمساومة، أو أنه لا يوجد أي شخص غيرهم قادر على تسيير أموال الدولة على مستوى الأندية. ويتحاشى هؤلاء الخوض في مسألة الملايير التي تصرف على لاعبي الأكابر دون التكفل بفئاتهم الشبانية أو محاولة الإستثمار في بناء هياكل رياضية تشجع الدولة أكثر على المساعدة، وتتوالى المواسم وتكثر المصاريف وفي كل مرة يبقى ذات الرؤساء يبكون ويطالبون بالدعم المادي الذي لم يبد في الأفق آثارهم أو مجالات استثمارات كل تلك المليارات. غزالي.. أكبر نجوم الملايير وإذا كان عدد من رؤساء الأندية الجزائرية يتفادون الخوض في مسألة "منح إمضاءات اللاعبين، إلا أن رئيس وفاق سطيف عبد الحكيم سرار، كان أكبر المتظاهرين، حيث لم يتوان في إغراء لاعبي القسم الأول بالمليارات، بعدما تمكن من خطف ثلاثي وداد تلمسان جاليت، بن موسى و غزالي مهاجم المنتخب الوطني للمحليين، حرب المليارات بلغت ذروتها رغم انسحاب رئيس إتحاد البليدة محمد زعيم هذا الموسم، حيث قاد سرار حربا شرسة جعلته في المقدمة، ويكون سرار قد صرف أكثر من 20 مليار بكثير لتعداد القسم الأول، على اعتبار أن الرقم الأخير كان عبارة عن مصاريف الفريق الموسم الماضي. المليار للاعبين فاشلين.. ويمكن وصف الأرقام المتتالية التي يحطمها رؤساء أندية كرة القدم في تقييم مستوى اللاعبين ماليا، بالنكسة بل المأساة، لأن الحديث عن منح مليار وأكثر للاعب محلي يبعث على الإعتقاد أن نجوم الكرة، يصلون ويجولون في بطولتنا، والتجربة أكدت، عكس ذلك تماما، حيث غالبا ما يكون "لاعب المليار" الأسوأ والأقل مردودا من نظرائه من اللاعبين ما دون المليار وأحيانا ما دون نصف المليار. جودي نجيب