نظم قطاع التكوين السياسي بحزب جبهة التحرير الوطني ندوة فكرية حول موضوع التعديدية بالجزائر، تجربة وآفاق، حيث تطرق المشاركون في هذا اللقاء إلى الحديث عن واقع التجربة الديمقراطية في الجزائر من خلال عروض أكاديمية لضبط المفاهيم المرتبطة بالتعددية السياسية، بالإضافة إلى إشراك المناضلين في نقاش مستفيض سمح بطرح عديد التساؤلات حول مختلف الرهانات التي تفرضها التعديدية في الجزائر. استهل العضو القيادي بالأفلان والنائب بالمجلس الشعبي الوطني الدكتور نور الدين بن نوار الندوة الفكرية التي نظمها قطاع التكوين السياسي برئاسة عبد الكريم عبادة عضو أمانة الهيئة التنفيذية، للحديث عن التعديدية في الجزائر، بالتذكير بعمر تجربة التعددية في الجزائر، حيث قال إننا بحاجة ماسة إلى تقييم هذه التجربة التي مر عليها قرابة العشرين سنة، وذلك بهدف الإطلاع على وضعيتها ورهاناتها الحالية والمستقبلية على حد سواء. ومن هذا المنطلق لم يتردد الدكتور نور الدين بن نوار الذي أشرف على تنشيط هذه الندوة الفكرية في طرح عديد التساؤلات حول المفهوم الحقيقي للتعديدية السياسية بكل أبعادها المطروحة على أرض الواقع، والتي تعد في رأيه ثقافة وقيما قبل كل شيء، لا سيما وأن هذه التجربة مرت بثلاث مراحل، انطلاقا من مرحلة التحول الديمقراطي، فمرحلة التوازن الديمقراطي، لنصل في الوقت الراهن إلى مرحلة الضبط الديمقراطي والتي تميزت بوجود تحالف رئاسي يضم أكبر الأحزاب في الجزائر. ومباشرة بعد هذه المقدمة، تفضل الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم بإلقاء كلمة أمام الحضور، أشار من خلالها إلى أهمية الخوض في موضوع التعددية التي تتفرع إلى مواضيع عديدة، فمنها التعددية الحزبية والتعديدية الإعلامية والانتخابية، ومن ثم الحديث عن الممارسة الديمقراطية في الجزائر والتي مرت بمراحل كثيرة ابتداء من دستور 1989 الذي فتح المجال أمام الممارسة السياسية. المحاضرات الأكاديمية كانت حاضرة بقوة في نقاش حزب جبهة التحرير الوطني حول التعددية في الجزائر، حيث أكد عبد الله سرير أستاذ بمعهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن التعددية ليست بالغريبة على المجتمع الجزائري لأن التجربة تؤكد وجود تشكيلات سياسية عديدة في الماضي سبقت تاريخ 1954، وانتهت في ظل نظام مركزي جاءت به جبهة التحرير الوطني بهدف توحيد كلمة الأمة من أجل هدف سام وهو تحرير الجزائر، وسرعان ما عادت تلك التشكيلات لتنشط في إطار الجبهة. واغتنم الأستاذ سرير الفرصة للحديث عن الإطار الأكاديمي وتحديد المفهوم العلمي للتعددية من خلال مختلف الشروحات التي أفاد به الحضور، مشيرا إلى واقع التجربة السياسية في الجزائر ابتداء من أحداث أكتوبر 1988 إلى يومنا. بدوره الأستاذ كمال رزقي النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن حزب جبهة التحرير الوطني، تطرق إلى أنماط الاقتراع وربطها بالتجربة الديمقراطية والتعدية السياسية في الجزائر. وخلال النقاش، أكد محمد صالح حرز الله أنه من غير الممكن الحديث عن تعددية بعيدا عن فصل حقيقي بين السلطات التي يفترض أن تقوم بدورها الأساسي بعيدا عن تدخل جهات أخرى. ومن جهته الأستاذ محمودي قال إننا في ورطة لأن التعددية تواجه مشاكل كثيرة، كما أنه لن يكون بإمكاننا العودة إلى الأحادية ومن ثم يجب التفكير بجدية في الحل. كما اقترح عضو الهيئة التنفيذية النذير بولقرون في مداخلته، الحديث عن إنجازات التعديدية طيلة 20 سنة من التجربة الديمقراطية، ما هي إخفاقاتها، تطلعاتها وآفاقها، وتساءل عن طبيعة النظام الأحادي الذي ظل في رأيه متجذرا حتى بعد إقرار دستور 1989. وقد حلل المتدخلون في هذه الندوة مجموعة من المفاهيم المتصلة بالتعددية السياسية في الجزائر كتكوين الأحزاب والمشاركة الشعبية في الانتخابات وبناء المؤسسات والتنشئة السياسية وغيرها، بالإضافة إلى طرح عديد التساؤلات الأكاديمية والإشكاليات المرتبطة بالتعددية في الجزائر بما ساهم في إثراء النقاش حول الموضوع.