دعا العاهل المغربي، محمد السادس، الجزائر إلى تطبيع علاقاتها مع المغرب بما فيها فتح الحدود البرية بين البلدين »استجابة لدعوات العديد من الدول والمنظمات الأممية« كما قال، لكنه لم يتوان في تحميلها مسؤولية »ما يعانيه اللاجئون الصحراويون في تندوف«، مطالبا المفوضية السامية للاجئين تحمل مسؤوليتها وحمل الجزائر على الوفاء بالتزاماتها في هذا الشأن. عاد العاهل المغربي إلى تجاهل العديد من الحقائق الواقعية حول ملف الصحراء الغربية من جهة والعلاقات الجزائرية المغربية من جهة أخرى، حيث جاء خطابه أمس، بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين ل »المسيرة الخضراء« التي تم خلالها احتلال الصحراء الغربية، متناغما مع تقاليد وأبجديات الدبلوماسية المغربية في تعاطيها مع ملفي العلاقات الجزائرية والصحراء الغربية. فعلى صعيد الملف الأول المتعلق بالعلاقات الثنائية، دعا محمد السادس الجزائر إلى ما أسماه »الاستجابة لدعوات العديد من الدول والمنظمات الأممية والدولية« المتعلقة بتطبيع العلاقات الثنائية بما فيها فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ 1994، وظهر جليا في خطاب العاهل المغربي تحميل الجزائر مسؤولية تعطيل تطوير العلاقات بين البلدين بسبب الاستمرار في غلق الحدود البرية، وهو ما يتنافى مع الوقائع الميدانية التي تقول أن الجزائر مستعدة لتطبيع كامل للعلاقات بين البلدين مقابل التزام المغرب بتأمين الحدود وانخراط في تعاون ثنائي لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة ومكافحة تهريب المخدرات والتجارة غير الشرعية، علاوة على فصل العلاقات الثنائية عن ملف النزاع الصحراوي الذي هو من اختصاص الأممالمتحدة ويهم المغرب و»البوليساريو« حسب الدبلوماسية الجزائرية. وفي مناورة كبيرة تتلاءم والمناسبة لمح الملك المغربي في مقاطع من خطابه إلى مسؤولية الجزائر في بقاء الأمور عالقة في ملف الصحراء الغربية، حيث قال بأن »المغرب سيواصل مساعيه الرامية لحل النزاع في إطار الحكم الذاتي رغم محاولات بعض الأطراف عرقلته«، تماما كما أشار إلى الجزائر خلال حديثه عن مساعي المغرب لتطوير علاقاته مع الدول الإفريقية، وهي إشارة إلى الاتحاد الإفريقي الذي لا يشارك فيه المغرب بسبب عضوية الصحراء الغربية، وأيضا قيادة العمليات العسكرية التي تأسست بالجزائر وتنسق بين دول الساحل الصحراوي ورفضت فيها عضوية المغرب لكونه غير مطل على الساحل الصحراوي. وفي ملف الصحراء الغربية جدد الملك المغربي وفاءه لمقترح الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية ضمن ما أسماه »الوحدة الترابية للمغرب وسيادته«، مؤكدا في نفس المقام أن هذا المقترح »يلقى دعما دوليا قويا«، في حين أن المبعوث الأممي كريستوفر روس، ومن ورائه الأممالمتحدة، يقول أن مقترح الحكم الذاتي واحد من الاقتراحات الثلاث المطروحة على طاولة المفاوضات بين المغرب و»البوليساريو«، وهي الاستقلال التام عن المغرب، الانضمام إلى المملكة، التمتع بالحكم الذاتي فيما يتم عرض كل الخيارات على استفتاء الشعب الصحراوي للفصل فيها بشفافية كاملة وحرية تامة، علاوة على هذا تدرج الأممالمتحدة قضية الصحراء الرابعة ضمن اللجنة الرابعة الأممية لتصفية الاستعمار وهو ما يعني أن مقترح الحكم الذاتي مجرد اقتراح مغربي لا غير. وهنا حمل العاهل المغربي البوليساريو وأطراف أخرى مسؤولية عرقلة الحل السياسي المنشود »غير أن الديناميكية التي أطلقتها هذه المبادرة المقدامة )لحكم الذاتي( من خلال مسار جديد للمفاوضات٬ لم تفض لحد الآن٬ إلى التوصل إلى الحل السياسي التوافقي والنهائي المنشود٬ بفعل غياب الإرادة الصادقة لدى الأطراف الأخرى٬ وتماديها في خطة العرقلة والمناورة«. وأضاف الملك محمد السادس بأنه »لن يسمح٬ في كل الظروف والأحوال٬ بأن يكون مصير )صحرائه( رهين حسابات الأطراف الأخرى، ومناوراتهم الفاشلة«، وفي هذا الكلام تنصل تام لمسؤولية المغرب عما هو قائم منذ 37 سنة تاريخ احتلاله للأراضي الصحراوية. وفي ما يتعلق بالاتحاد المغاربي، دعا الملك الدول المغاربية الخمسة إلى »القطيعة وتجاوز حالة الجمود«، والتماشي مع ما اصطلح عليه ب »التطورات الواقعية الحاصلة«.