جددت الجزائر تحفظاتها إزاء التدخل العسكري في شمال مالي، وعبرت عن مخاوفها من أن يقرا هذا الخيار كاستهداف لسكان المنطقة، وجاء ذلك تعليقا على النتائج التي خرج بها لقاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا »إيكواس« بالعاصمة النيجيرية أبوجا، والمخصص للمصادقة خطة للتدخل العسكري في شمال مالي. خلصت قمة أبوجا التي شارك فيها فضلا عن قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة اختصارا باسم »إيكواس«، مسؤولون عن كل من الجزائر الممثلة في الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، ومالي والنيجر وموريتانيا وليبيا وجنوب إفريقيا، إلى المصادقة على خطة للتدخل العسكري في شمال مالي، وقال الرئيس الإيفواري، الحسن واتارا، بصفته الرئيس الحالي للمجموعة بأن قادة التجمع الإقليمي وافقوا على إرسال قوة تتكون من 3300 جندي إلى مالي لمدة عام للاستعادة شمال البلاد من أيدي الجماعات المسلحة التي تسيطر عليه منذ عدة أشهر، وكشف واتارا في تصريح صحفي خلال أشغال القمة المنعقدة في العاصمة النيجيرية »ننوي إرسال 3300 جندي إلى شمال مالي ولمدة عام«. ويذكر أن قمة القادة الدول ال 15 الأعضاء في »إيكواس« هي قمة استثنائية للحسم في خيار التدخل العسكري في شمال مالي الذي تسيطر عليه جماعات مسلحة منذ عدة أشهر، ورغم الضغوط المتعددة ومن أطراف مختلفة تظل الجزائر متمسكة بموقفها المتحفظ بشأن التدخل العسكري في شمال مالي نظرا إلى النتائج الكارثية التي يرتقب أن تخلفها الحرب في هذه المنطقة في المستقبل المنظور. ففي تصريح خص به الموقع الإخباري الإلكتروني »كل شيء عن الجزائر«، قال عمار بلاني الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية بأن »الجزائر فضلت كحل للأزمة التي تعصف بشمال مالي، الحوار السياسي بين الحكومة المالية والمجموعات المتمردة في شمال البلاد، فمن الخطأ الذي قد يفضي إلى كارثة حقيقية أن يتم تبني خيار التدخل العسكري الذي قد ينظر إليه على أنه يستهدف التوارق..«. إلى ذلك أضاف بلاني بأن التدخل العسكري في شمال مالي »ستكون لها انعكاسات يصعب تقديرها سواء بالنسبة لمالي أو بالنسبة لكامل المنطقة، ولا يمكن التجاهل بأن القرار الأممي رقم 2071 والذي يشكل القاعدة القانونية والشرعية الوحيدة التي يعتمد عليها المجتمع الدولي تطالب بشكل واضح وجلي من السلطات في مالي ومجموعات المتمردين الدخول في المفاوضات ذات المصداقية للوصول إلى حل سياسي دائم، وهذا في إطار احترام سيادة ووحدة دولة مالي وسلامتها الترابية..« . والواقع أن الجزائر ظلت دوما وفية لخط سير معروف فيما يتعلق بالحرب المرتقبة في شمال مالي، حيث أكدت في أكثر من مرة بأنها تفضل خيار الحل السياسي التفاوضي الذي يستثني طبعا الحركات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة فضلا عن مجموعات التهريب والجريمة العابرة للحدود، واستقبلت الجزائر لمرتين وفودا عن حركة أنصار الدين الترقية ذات التوجه الإسلامي، واستطاعت إقناع هذه الحركة بقبول الدخول في مفاوضات مع الحكومة في مالي، والابتعاد عن القاعدة، هذا فيما يرتقب أن تشارك الجزائر رغم تحفظها المعلن، في مجهود الحرب من دون إرسال قوات مقاتلة إلى خارج الحدود، وتقتصر هذه المشاركة على الدعم اللوجيستي والاستخباراتي ومد قوات »إيكواس« بالعتاد العسكري، وتقع على الجزائر أيضا مهمة ضخمة تتمثل في تأمين حوالي ألف كيلومتر من الحدود مع مالي، إذ يرتقب أن تؤدي الحرب إلى حركة نزوح غير مسبوقة نحو الشمال.