تشير الكثير من الأدلة إلى أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وبالتنسيق مع عدد من التنظيمات الإرهابية المرتبطة به، كان يعد لحرب طويلة الأمد في شمال مالي، بحيث أنشا بمدينة تمبكتو أكاديمية لتدريب عناصر »جهادية« من مختلف الجنسيات، كان يتردد عليها أيضا مختار بلمختار زعيم التنظيم المسمى »الموقعون بالدماء« الذي تبنى عملية احتجاز الرهائن بالمنشأة الغازية »تيقنتورين« بإن أميناس الشهر الماضي. أقام تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أكاديمية لتدريب المسلحين على القتال واستعمال مختلف الأسلحة، وهذا خلال سيطرته على مدينة تمبكتو الواقعة بشمال مالي، وقالت الصحيفة البريطانية »ديلي تلغراف« التي أوردت الخبر في عددها لأول أمس الاثنين أن تنظيم القاعدة استخدم مبنى من طابقين على أطراف المدينة القديمة وحوله إلى مركز للتدريب المتطور استمر يعمل إلى أن تم تدميره بغارة جوية فرنسية قبل ثلاثة أسابيع، وأضاف نفس المصدر أن الفرع المغاربي للقاعدة استمر في تشغيل مركز التدريب في تمبكتو لنحو تسعة أشهر دون انقطاع وعلى غرار معسكرات زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في أفغانستان خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، وحشد فيه متطوعين من مختلف أنحاء العالم، ومن جنسيات مختلفة منهم ماليون وباكستانيون وجزائريون وموريتانيون، وشكل المتطوعون من نيجيريا، وتحديدا من حركة »بوكو حرام« التي تقاتل الحكومة منذ سنوات، أغلب المتطوعين. وكان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قد وضع يده على المرفق الذي كان في السابق تابع للدرك الوطني المالي، وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن جزائريا في الثلاثينات من العمر يدعى أبو حارث كان المسؤول عن أكاديمية التدريب، في حين تولى نائبه، وهو جزائري أيضا يدعى أبو حمزة، مسؤولية عمليات التدريب على الأسلحة لأنه كان جندياً سابقاً، وشخص باكستاني يعرف باسم أمير مسؤولية الحفاظ على مستودع الأسلحة في المركز. وعلم من جهة أخرى إلى أن القائد الميداني في التنظيم سابقا، مختار بلمختار، المكنى بابي العباس والملقب أيضا بالأعور، والذي شكل فيما بعد ما يسمى بتنظيم »الموقعون بالدماء« الذي احتجز الرهائن في المنشأة الغازية »تيقنتورين« بإن أميناس شهر جانفي المنصرم، من بين أهم القيادات الإرهابية التي ترددت على مركز التدريب وقد أقام في بيت قريب من المطار على أطراف مدينة تمبكتو، مع العلم أن مركز التدريب تحول إلى ركام بعد تعرضه لعملية قصف من قبل الطيران الحربي الفرنسي، وتشير المعلومات التي إلى أن التنظيم الإرهابي توقع قصفه وقام بإخلائه في وقت سابق، وأنشأ موازاة مع ذلك عدة مراكز تدريب صغيرة لمواجهة القوات الفرنسية والإفريقية التي تزحف على شمال مالي. ويعتبر إنشاء تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ما أصطلح على تسميتها ب »أكاديمية عسكرية« بتمبكتو دليل أخر على أن التنظيم الإرهابي كان يعد لحرب طويلة الأمد في شمال مالي، وتشير أخر الأخبار إلى تصاعد العمليات التي يقوم بها المسلحون ضد الوحدات التابعة سواء للجيش الفرنسي أو المالي أو باقي قوات الدول الإفريقية المشاركة في الحرب، مما يعني بأن حرب الاستنزاف قد بدأت فعلا، وبدأت معها المخاوف من أن لا تنتهي الحرب في شمال مالي الذي قد يتحول إلى بؤرة توتر وميدان للمواجهة الدائمة مع تنظيم القاعدة، مع احتمال أن تتوسع المعركة إلى باقي دول الساحل الصحراوي.