اهتزت، أول أمس، المدينةالجديدة علي منجلي بولاية قسنطينة، ومن بعدها كل المدن والبلدات الجزائرية، على وقع خبر العثور على جثتي الطفلين المختطفين إبراهيم حشيش وهارون زكريا بودايرة، في أكياس بلاستيكية سوداء داخل حقيبة سفر خضراء بإحدى ورشات البناء التابعة للوحدة الجوارية .17 ظاهرة اختطاف الأطفال ومن ثم قتلهم لا تعد الأولى من نوعها، بعد اختطاف وقتل الطفلة شيماء وسندس وغيرهما من أطفال الجزائر الذين نالت منهم أيادي الإجرام وأصبحت ترهب وترعب الجزائريين. إن الحديث عن مقتل الطفلين هارون وإبراهيم، يفتح من جديد ملف الاختطاف المصحوب بالقتل في الجزائر والذي يعد بمثابة ظاهرة جديدة لم تكن متفشية في المجتمع على هذا النحو، في مرات عديدة يتم طي ملف القتل بأمر من وكيل الجمهورية بعد أن تدفن الضحية ويسجن الجلاد، فيما تبقى أسباب هذه الجرائم والدوافع التي تحرك أصحابها مجهولة. الإحصاءات وعلى قلتها تؤكد وجود 220 حالة اختطاف في سنة 2012 على سبيل المثال، منها عشرات الحالات التي تنتهي بالقتل، وبالرغم من أن عددا كبيرا من حالات الاختطاف يتم تسويتها بإعادة الأطفال على ذويهم والتي عادة ما تكون مرتبطة بنزاعات عائلية أو تسوية حسابات شخصية، إلا أن هناك حالات أخرى طالت أشخاصا يعانون إعاقات ذهنية، تم اختطافهم وقتلهم.ويبقى أن تنامي هذه الظاهرة رغم الصخب الإعلامي وتنديدات الحقوقيين والحركات الجمعوية بمختلف أطيافها، بات أمرا مقلقا للغاية ويستدعي دراسته على أنه ظاهرة مصحوبة بالقتل، فهل نحن أمام شبكات تتاجر بالأعضاء البشرية، أم تصفية حسابات، أم القتل من أجل القتل وفق نظرية الفيلسوف لمبورزو الذي يؤكد وجود مجرمين بالفطرة، أم هو تكريس اللاعقاب وتعطيل تنفيذ عقوبة الإعدام الذي جعل من المجرمين يتجاوزون كل الخطوط الحمراء؟. من المفترض أن التركيبة الاجتماعية للشعب الجزائري المستمدة من الثقافة الإسلامية، تجعل منه شعبا يرفض كل الرفض مثل هذه الممارسات، صحيح أن الظاهرة غير معممة، لكنها تبقى موجودة وتفرض نفسها بقوة، ويكفي تسجيل حالة واحدة من الاختطاف والقتل لترهيب شعب بأكمله.مقتل الطفلة شيماء يوسفي أربك الأمهات العاملات والماكثات في البيوت، وأصبحن يرتجفن خوفا من تكرار مثل هذه الجرائم مع أبنائهن الذين يتركونهم عند الحاضنات أو عند الجيران، خاصة أن هذه الحادثة هزت المجتمع الجزائري برمته من هول بشاعتها. اليوم نحن أمام مقتل إبراهيم وهارون، جرائم أخرى هزت المجتمع وكادت تكون وراء انتفاضة شعبية بقسنطينة بعد سماع خبر العثور على جثتي الطفلين مقتولين. إحساس عائلات الضحايا مرير والشعب الجزائر متضامن بالكامل، ويبقى أنه يجب على السلطات المعنية أن تسلط عليهما أقصى عقوبة لتحرير المجتمع من هذا الرعب الذي فرضته عليه شرذمة من المجرمين، كما يجب أن تكون العقوبة صارمة وردعية لكي تكون عبرة لمن يريد ارتكاب الجريمة في حق أي كان خاصة الأطفال والقصر والمستضعفين.