رئيس الوزراء الإسرائيلي متفائل بقرب استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، ولعل التفاؤل يقوم على معطيات واقعية وبناء على الاتصالات المستمرة مع سلطة محمود عباس، فقد وضعت حكومة السلطة في رام الله خطة لإعلان دولة فلسطينية خلال سنتين وقالت إن برنامجها يعتمد هدفا أساسيا هو إقامة الدولة، وهذا التفاؤل في رام الله يقدم لنا تفسيرا للتفاؤل الذي عبر عنه بنيامين نتنياهو في لندن. نتنياهو قال أمام الملأ وفي حضرة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون إن القدس ليست مستوطنة وهي غير قابلة للتفكيك ولن تخضع لأي مفاوضات، وهذا موقف يتقاسمه نتنياهو مع بقية ساسة إسرائيل من مختلف الاتجاهات السياسية من أقصى اليمن إلى أقصى اليسار، والغرب الذي يحرص على تجديد التزامه بنصرة إسرائيل يجد في مراوغات نتنياهو الكلامية ما يوفر هامشا لرفع الحرج، إن كان هناك أصلا شعور بالحرج، ولهذا فإن اشتراط الاعتراف الفلسطيني بيهودية إسرائيل كمقابل لوقف الاستيطان خارج القدس بدأ يتحول تدريجيا إلى مطلب أوروبي وأمريكي ليصبح فيما بعد من قواعد التفاوض مع الفلسطينيين. ليس مهما الآن معرفة الموقف الأوروبي والأمريكي، فالجولة الأوروبية لنتنياهو تمثل مجرد حملة علاقات عامة، ولعله ذهب إلى هناك ليقدم خطابا مختلفا أمام الرأي العام الغربي في حين تبقى السياسات تراوح مكانها، وما نشرته جمعيات إسرائيلية مناهضة للاستيطان مثل حركة السلام الآن عن الحيل التي تعتمدها حكومة تل أبيب من أجل تسريع وتيرة اغتصاب الأراضي من طرف المستوطنين يثبت أن عملية تغيير معالم الأرض مستمرة وعلى ضوء نتائجها ستجري المفاوضات, ومن هنا يبدو الأهم هو معرفة النوايا الحقيقية لسلطة محمود عباس وحكومة سلام فياض، فوضع هدف إعلان الدولة خلال عامين يعني أن هناك نية مبيتة لاستئناف التفاوض وفق القواعد التي وضعها نتنياهو وهي دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بيهودية إسرائيل.