تتوالى السنوات ولا يتغير المرشحون المفترضون لمنصب الرئاسة، مولود حمروش رئيس الحكومة الأسبق اكتفى خلال أكثر من عشرين سنة بالترشح للانتخابات الرئاسية سنة 1999 قبل أن ينسحب منها رفقة المرشحين الخمسة الآخرين تاركين بوتفليقة ينافس نفسه، أما بقية السنوات فقد قضاها الرجل في بيته معتكفا، يقرأ ولا يعلق على ما يدور حوله من أحداث جسيمة أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار. بن فليس هو الآخر فضل البقاء في بيته منذ خسارته في انتخابات ,2004 لم يصدر عنه إلا موقف واحد يفيد بأنه لن يترشح أبدا في انتخابات يكون بوتفليقة طرفا فيها، ومعه الرئيس السابق اليامين زروال الذي كان قد قال صراحة في وقت سابق بأنه لن يعود إلى المنافسة على منصب الرئاسة، ثم لدينا رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور الذي لم يتوقف عن العمل منذ أن غادر الحكومة قبل أزيد من عشرة أعوام، وهو الوحيد الذي أعلن ترشحه للمنصب بصرف النظر عن الظروف التي ستجري فيها تلك الانتخابات والأشخاص الذين سيشاركون فيها. الاقتراحات التي تأتي من كل جانب تربط إنقاذ الجزائر بوصول أحد هؤلاء إلى السلطة، وهناك من اقترح علينا أن نشركهم جميعا في السلطة في انتظار اختيار رئيس جديد، وهناك حديث عن مرحلة انتقالية لفترة قد تمتد إلى سنتين، وأصحاب هذه الأفكار لا يفصحون عن الجهة التي أوكلت لهم مهمة جس النبض وإطلاق الرسائل. محصلة ما يجري الترويج له هي محاولة لخلق إجماع وطني على تغييب إرادة الشعب، فالحديث عن مرشح إجماع هو إلغاء لحق الجزائريين في اختيار رئيس، والحديث عن قيادة جماعية هو أيضا تجاوز لحق الشعب في اختيار من سيحكمه، وما يبدو في الظاهر محاولة لاقتراح بدائل لإنقاذ الجزائر لا يخرج عن إطار تكريس الأمر الواقع، والاستمرار في اختيار الرؤساء من وراء الستار وإقصاء الملايين من المعنيين بالأمر من هذه العملية. الانتخابات ليست عملية معقدة، واختيار رئيس لا يتطلب كل هذه البدع السياسية، بل إن شرط نجاحه بسيط، وهو أن يتخلى من يملكون سلطة السطو على إرادة الشعب عن عاداتهم السيئة لأن الزمن تغير كثيرا، والمجازفة هذه المرة قد تكون مميتة.