مرسي لم يكن لديه برنامج ولم يتمكن من تحقيق أهداف الثورة لا نشكك في وطنية الإخوان المسلمين لكنهم لا يملكون الخبرة السياسية أكد سفير جمهورية مصر العربية بالجزائر، عز الدين فهمي، أن ما حدث في مصر بعد صدور بيان الجيش القاضي بعزل الرئيس السابق محمد مرسي، ليس انقلابا وإنما هو تصحيح ثوري لمسار ثورة 25 يناير التي قام بها الشعب المصري وسمحت له بكسر كل حواجز الخوف بعد 30 عاما من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. عزيز طواهر خلال اللقاء الذي جمعه أمس بمقر السفارة المصرية بالجزائر، بعدد من الصحفيين، تطرق السفير عز الدين فهمي إلى تفاصيل وأبعاد الأزمة المصرية التي قال إنها عرفت أحداثا متسارعة، وما حدث هو استكمال لثورة 25يناير وتصحيح ثوري قام به الشعب المصري، لأنه أيقن بأن أهداف الثورة لم تتحقق بعد مرور سنة على حكم محمد مرسي، وعليه لم يكن بالإمكان منح مرسي مهلة أو انتظار أربع سنوات أخرى. وفي سياق متصل، قال السفير إن الرئيس السابق محمد مرسي لم يكن لديه برنامج واضح بل لم يكن لديه برنامج أصلا، والنتيجة هي حالة التدهور الاقتصادي والاجتماعي التي عرفتها مصر خلال هذه السنة، ويضاف إلى ذلك تراجع دور مصر على الصعيد الدولي، فبعد أن كانت تحظى بمكانة الشقيقة الكبرى للدول العربية فقدت هذه المكانة في ظل حالة اللااستقرار التي أصبحت تعيش فيها. وبالنسبة للسفير، فإن التراجع الذي عرفته مصر وصل إلى درجة تهديد الأمن القومي المصري والذي يعني تهديد الأمن القومي العربي، ليؤكد أن كل ما قام به الإخوان المسلمون في السنوات الفارطة لا يتعدى مجال الأعمال الخيرية التي منحتهم سمعة طيبة، ولكن بعد فترة قصيرة من الحكم تبين أن محمد مرسي ليس لديه أي مشروع سياسي أو مشروع مجتمع. وقد أعرب السفير عز الدين فهمي عن تفهمه لوضع الإخوان بمصر، حيث أكد في هذا الصدد أنه لو كانت مصر في وضع مستقر لكان من الممكن إمهالهم 4 سنوات أخرى، لكن في ظل الانقسام الحاد بين أبناء الشعب الواحد، تكفير من ليس معهم، تهميش دور المرأة وفي ظل انعدام الحريات والمساواة وعدم تعويض عائلات الشهداء وتدخل أفراد من الإخوان في الحكم فقد قرر الشعب المصري الخروج في مليونيات، حيث طالب بأسلوب حضاري بانتخابات رئاسية مسبقة وهو الأمر الذي رفضه مرسي. وتحدث السفير المصري عن تجاوزات مرسي خلال فترة حكمه على غرار عدم الإفصاح على ما يحدث في أرض سيناء، خاصة مع تنامي تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية التي جعلت من سيناء ملاذا لها، مع العلم أنها تحظى بمساعدة جماعات تؤيد الإخوان المسلمين، ويضاف إلى ذلك بعض الأقاليم التي بدأت تلوح بالانفصال مثل الصعيد وأسوان وغيرها من المناطق، أزمة النيل ومشاكل أخرى لا تقل أهمية لم يستطع الرئيس مرسي أن يتكفل بها أو يجد لها الحلول الملائمة. مرسي سعى إلى أخونة الدولة المصرية وعن تطورات الوضع الذي أفرز إقالة الرئيس السابق محمد رمسي، قال السفير المصري، إن الشباب أعطى الرئيس السابق مهلة لتنظيم انتخابات مسبقة ولكنه رفض وبعدها قاموا بتسجيل وكالات للجيش بالشهر العقاري للتدخل، وبالموازاة مع ذلك كانت الشرطة التي يتحكم فيها مرسي تضغط على الشعب في ظل أخونة الدولة المصرية، لا سيما بعد أن قام مرسي بتعيين محافظين من الإخوان المسلمين وكذا وزير الثقافة المحسوب على جماعة الإخوان، وهذا بالرغم من رفض الشعب لهذه الخيارات. ويضاف إلى ذلك أن مرسي حاصر القضاء والمحكمة الدستورية وقام بتجميع كل السلطات بيده. الجيش لم يقم بانقلاب والسلطة بيد رئيس مدني وعن تدخل الجيش، أوضح السفير عز الدين فهمي، أن الجيش لم يتدخل ولم يقم بأي عمليات عسكرية وإنما استجاب لأكثر من 22 مليون توقيع جمع من طرف حركة تمرد، إضافة إلى المليونيات التي خرجت تهتف برحيل محمد مرسي، في وقت كان فيه الشعب المصري ساخطا على نظام حكم مرسي الذي قال إنه لن يتنحى عن الحكم وأنه باق حتى انتهاء عهدته. الجيش لم يقم بعملية انقلابية -يقول السفير- وإنما استجاب لمطالب شعب خرج منذ يوم 28 جوان الفارط ليطالب بتنفيذ أهداف ثورة 25 يناير وحماية المسار الثوري من الانحراف، كما أن الجيش لم يستول على الحكم وبمجرد تنحي مرسي سلم السلطة لرئيس مدني، حيث تم تحديد خريطة طريق مع كافة الأطياف السياسية وبحضور رموز دينية مثل البابا وشيخ الأزهر، كما دعا حزب الحرية والعدالة وكل التيارات السلامية، التي رفضت الحضور، ورفضت حقائب وزارية عرضت عليها في الحكومة الجديدة. وبالمقابل قال السفير المصري، إن الإخوان المسلمين مصريون ولا أحد يشكك في وطنيتهم، لكن يعاب عليهم أنهم لا يملكون خبرة سياسية وأنهم متأثرون بالتنظيم الدولي للإخوان ولديهم أهداف تختلف عن أهداف الشعب المصري، ويبقى أن مرسي لديه تأييد جماهيري محدود أما المليونيات الحقيقية فكانت ضده. الإعلان الدستوري يهدف إلى تهدئة الأوضاع ومدته لن تتجاوز 6 أشهر أكد السفير عز الدين فهمي أن الإعلان الدستوري يهدف إلى تهدئة الأوضاع في الوقت الذي نجد فيه حتى أنصار مرسي قد انقلبوا على رئيسهم السابق، وبالتالي فإن هذا الإعلان سيقر تعديلات دستورية أو التفكير في دستور جديد وفق ما يتم الاتفاق عليه، وذلك بغية إصلاح الدستور الذي اقره مرسي والذي تضمن عدة تجاوزات. أما الإعلان الدستوري فلن تتجاوز مدته 6 أشهر وحتى وإن تضمن أخطاء إملائية أو واجه بعض الانتقادات فيجب تجاوز كل هذا والتفكير وفق منطق الأولويات لأن مصر تمر بمرحلة حرجة ولا بد من وقف النزيف الحاصل. وأضاف السفير أن عديد الدول تستفيد من حالة اللااستقرار التي تعرفها مصر مثل إثيوبيا، وكذلك إسرائيل التي هي مستمرة في الوجود بدعم أمريكي وغربي سواء كان ذلك قبل أو بعد ثورة 25 يناير. وفي سياق متصل، أوضح السفير أن الجيش واعي كل الوعي بدوره ولن يتورط في العملية السياسية، بالرغم من وجود خطورة انقسام الشعب إلى قسمين، إلا أن الجيش موحد حول قيادته فهو جيش نظامي وذو عقيدة وتدخله كان عندما أحس بوجود خطر على الأمن القومي المصري. وعن حادثة الحرس الجمهوري، أوضح السفير المصري، أن التحفظ على مرسي والإبقاء عليه راجع إلى عديد القضايا التي رفعت ضده على غرار التحريض وغيرها من الملفات، ضف إلى ذلك العمل على حماية أمنه وسلامته، أما عن الاشتباكات التي دخل فيها الجيش مع بعض أنصار الإخوان الملثمين الذين جاؤوا إلى القصر لتحرير مرسي فإن الجيش كان لا بد وأن يتدخل أمام هذا الاعتداء. وأضاف المتحدث، نحن نتهم بالخيانة كل من طالبوا أمريكا بالتدخل أو نادوا بتدخل خارجي مهما كان نوعه. القرضاوي لم يكن في مستوى الحدث وانحاز للفصيل الذي يؤيده قال السفير المصري بالجزائر، إن الشيخ يوسف القرضاوي لم يكن في مستوى الحدث فيا يتعلق ببعض الفتاوى التي أصدرها في الِشأن المصري، وقد جاءت تصريحات شيخ الأزهر التي أكدت أن فتوى القرضاوي منحازة للفصيل الذي يؤيده، وعليه كنا نأمل أن يكون في المستوى لأن المطلوب في الوقت الراهن من كل قادة الدين هو العمل على الاحتواء والالتزام بالخطاب الديني المعتدل المبني على أساس الحوار وسماحة الدين وتقبل الآخر وليس العكس كما يفعل البعض منهم. موقف الجزائر حول يحدث في مصر متوازن والجالية الجزائرية بخير وفي حديثه عن موقف الجزائر اتجاه ما يحدث في مصر، قال السفير عز الدين فهمي، إننا نقدر مواقف الدول التي تهتم بأمرنا ويبقى أن موقف الجزائر متوازن جدا ويعكس مدى اهتمام الجزائر وقلقها على مصر وتمنياتها لبلدنا الاستقرار والعودة إلى الحياة الطبيعية، فالجزائر تبقى الشقيقة الكبرى لمصر في منطقة المغرب العربي. وعن إمكانية تكرار السيناريو الذي عرفته الجزائر خلال فترة التسعينات في مصر، أكد السفير أن كل دولة لديها ظروف خاصة بها، فالجيش في مصر لم يلغ المسار الانتخابي والمصريون يخشون تكرار السيناريو الجزائري وعليه سيعملون ما بوسعهم لتفادي أي انزلاقات، بالرغم من أن هناك تهديدات وتجاوزات كبيرة من طرف بعض الجماعات التي تنتسب للإخوان المسلمين، نحن نستفيد من تجارب الآخرين، خاصة وأن هناك تغريرا وتضليلا لأنصار الإخوان بمصر من طرف أولئك الذين يريدون أن يدفعوا بهم للقيام بأعمال إرهابية، أما نحن في مصر فننادي بالمصالحة كما قامت بها الجزائر وننبذ كل أساليب العنف. وعن وضعية الجالية الجزائرية بمصر فهي بخير ولم يردنا أي خبر - يقول السفير- عن إصابة أي رعية جزائرية، الجزائريون في وطنهم الثاني وما عليهم سوى الالتزام بتعليمات الجيش الذي دعا منذ بداية الأزمة كل الأجانب إلى عدم التدخل في المظاهرات أو المشاركة فيها والبقاء بعيدا عما يحدث بمصر.