هل كان من المتوقع أن تعقد قمة مغاربية في طرابلس على هامش مشاركة قادة الدول الخمس في الاحتفالات التي أقمتها ليبيا بمناسبة ذكرى الفاتح من سبتمبر ؟، يبدو أن هذا الأمر كان مستبعدا وفي كل الأحوال ما كان لوزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أن يجلس إلى القذافي والرؤساء الثلاثة الذين لبوا دعوته، ولعل غياب الملك عن الاحتفالات كان الهدف منه تجنب الحرج الذي قد تتسبب فيه مبادرة من القذافي قد تأتي بشكل مفاجئ وفي أي لحظة. بعد سنوات من الجمود تبين لنا أن الحل لا يكمن في عقد قمة مغاربية، والحمد لله أنها لم تعقد، فالخلافات عميقة جدا، ولا يمكن تجاوز تعقيدات تراكمت على مدى عقود من الزمن من خلال التعبير عن النوايا الحسنة أو بالاعتماد على برقيات التهاني المتبادلة في المناسبات الوطنية والدينية، وتوتر العلاقة بين الجزائر والمغرب ليس المشكل الوحيد لكنه تحول إلى غطاء جعل المعنيين بمسألة الاتحاد المغاربي في حل من الاجتهاد لإنعاش هذه الجثة الهامدة. الرباط التي تريد أن تنتزع تنازلا جزائريا بخصوص الصحراء الغربية وتريد أن تفتح الحدود تستعمل اتحاد المغرب العربي كورقة سياسية، وهي تختزل الاتحاد في مصالحها، ولهذا السبب يحرص الملك المغربي على التذكير بموضوع المغرب العربي في كل برقياته وفي كل خطاباته، ولا تتقاسم الدول الأخرى نفس الرؤية لأن مصالحها مختلفة، والاتحاد برمته تحول إلى مطلب أوروبي تريد بعض الأطراف المغاربية تحقيقه طمعا في بعض المكاسب. عندما يتحدث ملك المغرب عن طموحات شعوب المغرب العربي، وكذلك يفعل بقية حكام المنطقة، فإن السؤال الذي يجب أن يطرح هو، هل تمثل الحكومات شعوبها حقا ؟ وهذا سؤال أساسي لأن الإجابة عليه هي التي قد تقدم التشخيص الدقيق للوضع القائم منذ عقود، وإذا كانت العلاقات بين الجزائر والمغرب متوترة لأسباب معروفة فإن العلاقات بين بقية دول المنطقة ليست أحسن حالا، فمزاج الحاكم في هذه البلدان هو الذي يحدد مصير شعوب بكاملها، وإلى أن يتغير الوضع نحمد الله أن القمة لم تعقد.