توالت أمس التنديدات الدولية بالتفجيرين اللذين ضربا أول أمس مدينة طرابلس شمال لبنان وهما الأعنف منذ انتهاء الحرب الأهلية في 1990 وسط مخاوف للكتل السياسية من تمدد العنف ونشوب حرب طائفية في البلاد. واستفاقت مدينة طرابلس أمس، على هول الانفجارين اللذين حصدا 45 قتيلاً و500 جريح في حصيلة غير نهائية، إذ إن عدد الضحايا مرشح للارتفاع بحسب ما أفادت تقارير إعلامية، بعد نهار دامٍ إذن، عاد الهدوء الحذر إلى عاصمة الشمال اللبناني، وبدأت بعض المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة بفتح أبوابها وسط حداد رسمي في المناطق الشمالية واللبنانية كافة. وقد انفجرت سيارة مفخخة ب100 كيلوغرام من المتفجرات أمام مدخل جامع السلام المتاخم لمنزل القائم بأعمال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي فيما انفجرت السيارة الثانية بجانب منزل التقوى بعد دقائق قليلة من الانفجار الأول، وكانت التفجيرات، الأولى من نوعها التي تستهدف مساجد كجزء من ضمن سلسلة الهجمات المتصاعدة في البلاد خلال الشهور الماضية كما أنها جاءت بالتزامن مع العراك الطائفي في الحرب السورية وتجدد القتال في العراق. وكانت آخر تفجيرات ضربت لبنان يوم 15 أوت الجاري وتسببت في مقتل 27 شخصا وإصابة العشرات. وإثر التفجيرات الأضخم والأكثر دموية في طرابلس منذ نهاية الحرب الأهلية »19901975«، أعلنت الحكومة اللبنانية الحداد الوطني على أرواح قتلى التفجيرين ووقف العمل بجميع إدارات لبنان لمدة ساعة »من الحادية عشرة صباحا ولغاية الثانية عشرة ظهرا«. وقد أثار مسلسل العنف في لبنان غضبا وتنديدا دوليا واسعا دعا على إثره جميع الأطراف في لبنان إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة العنف الطائفي. وأعربت الولاياتالمتحدة عن إدانتها القوية للتفجيرين ودعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف جميع الأطراف إلى الالتزام بالهدوء وضبط النفس، وقالت »نؤكد مجددا التزامنا إزاء استقرار وسيادة واستقلال لبنان ودعم جهود الحكومة اللبنانية لاستعادة الاستقرار والأمن في البلاد«. في الوقت نفسه أدانت فرنسا بشدة الهجومين وقالت في بيان إنها تدين أي محاولة لتقويض الاستقرار في لبنان وتؤكد على أهمية أن تحترم كافة الأطراف الفاعلة في البلاد الاختلاف السياسي تحت قيادة الرئيس سليمان وتحافظ على الوحدة الوطنية. كما أدانت تركيا بشدة الهجوم وقالت بيان »تعتزم تركيا الحفاظ على تضامنها مع الدولة والشعب اللبناني وتقف جاهزة لتقديم جميع أنواع الدعم لشعب لبنان«، وشدّدت على ضرورة تقديم الجناة للعدالة. غير أن إيران، اتهمت من وصفتهم ب»المتطرفين والجماعات التكفيرية« ب،»التورط في المؤامرات الصهيونية لزرع الفتنة بين الشعب اللبناني ولتوجيه ضربة للوحدة الوطنية« مؤكدة في هذا الشأن أن الشعب اللبناني وزعماء البلاد سيتصدون للمؤامرات بالحصافة والحكمة. ومن جهته شجب مجلس الأمن الدولي بأشد العبارات التفجيرات الإرهابية في مدينة طرابلس اللبنانية، واعتبر في بيان له أن »الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل واحدا من أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وأن أية أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية لا يمكن تبريرها بغض النظر عن دوافعها وأينما ارتكبت وأيا كان مرتكبوها«. إلى ذلك، استنكرت السلطات اللبنانية والمكونات السياسية أعمال العنف المتصاعدة في لبنان وأبدت مخاوفها من احتمال نشوب حرب طائفية بين السنة والشيعة سيما في ظل استمرار الأزمة في سوريا التي لازالت ترمي بظلالها على لبنان. وفي هذا السياق أدان الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان بشدة التفجيرين ووصفهما بالمجزرة التي تندرج في إطار مسلسل تفجيري فتنوي يستهدف الوطن ككل، كما استنكر لجوء »المجرمين والإرهابيين« إلى قتل المدنيين لأهداف وغايات إجرامية لا تمت إلى القيم والأهداف الإنسانية بصلة ولا تصب إلا في خانة إحداث الفتن والاضطرابات. وحذر وزير الدفاع اللبناني فايز غصن من أن التفجيرين يهدفان إلى إشعال الفتنة بين كل اللبنانيين، منبها على أن هناك »مسلسلا من الإرهاب بواسطة سيارات مفخخة تنطلق من أمكنة معينة وتضرب أينما كان«، وقال »نحن ذاهبون في اتجاه الدمار والوادي السحيق والنار وعلى الجميع الوعي وتدارك الفتنة فالإرهاب يعمل بأمر وهو ليس لديه طائفة ولا دين ولا انتماء ولا مذهب وهو أعمى يضرب أينما كان«. أما وزير الداخلية مروان شربل، فقد قال إن القيادات السياسية اللبنانية على اختلاف طوائفها تبذل محاولات لامتصاص غضب الشارع ووأد الفتنة التي تستهدف الوطن وليس منطقة دون سواها، ودعا في تصريحات له إلى تدارك الأمور قبل انتشار الفوضى التي قد يترتب عليها مظاهر خطرة تنتهي بتقسيم لبنان. ¯ ق. د/ الوكالات