أثرت التجاذبات السياسية والاضطرابات الأمنية بتونس بشكل مباشر على حركة وتنقلات السيٌاح وهو ما أصبح يهدد سلامة ونسيج الاقتصاد التونسي، إلا أن السياحة في هذا البلد بدأت اليوم تسترجع بعضا من بريقها رغم أن أحداث العنف الأخيرة ساهمت في تغيير وجهة بعض وكالات السفر العالمية نحو بلدان أخرى من المتوسط. كل شيء يؤثر سلبا على الحركة السياحية في تونس، كيف لا وهي التي تشكل موردا بارزا للبلد الصغير ذي الموارد المحدودة فهي المصدر الأول للعملة الصعبة كما توفر مئات الآلاف من فرص العمل، لكن منذ قيام الثورة التونسية وما تبعها من اعتصامات ومطالب اجتماعية وأعمال عنف اهتزت صورة تونس كوجهة سياحية وبشكل خاص لدى الأوروبيين الذين كانوا يغطون 60 بالمائة من سوق السياحة، كما أدى تراجع أعداد السياح الأوربيين بعد الثورة إلى انعكاسات كبيرة على الاقتصاد التونسي، خاصة على سوق العمل ومخزون العملة الأجنبية، وعليه تحاول وزارة السياحة طمأنة السياح باستقرار الوضع الأمني للعودة، تجار الأسواق متذمرون من تراجع نوعية السياح الرفيعة يخشى أصحاب الحرف التقليدية في تونس من كساد سلعهم بسبب الظروف المضطربة والتي يظهر فيها الحرفيين الضحايا التي تدفع ثمن تراجع عدد السياح في تونس بعد الثورة، مثلهم مثل الكثيرين من موظفي الفنادق والعاملين في هذا القطاع المهم الذي يشغل أكثر من ستة عشر بالمائة من اليد العاملة. وعبر بعض تجار الأسواق العتيقة بالعاصمة عن استيائهم من تراجع نوعية السياح، و يقول أحدهم -وهو تاجر يبيع منتجات تقليدية- إنّ الحركة السياحية تراجعت كثيرا نتيجة مصاعب أمنية وسياسية عرفتها البلاد إضافة إلى أنّ أغلب السياح الوافدين على تونس قادمون من بلدان أوروبا الشرقية ولا يملكون قدرة إنفاق عالية مقارنة بسياح بعض الأسواق الأوروبية الغربية، مضيفا في نفس الوقت أنّ مدخوله قلّ مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الثورة. الصناعة التقليدية تواجه الكساد والفنادق الفخمة لم تتأثر من خلال جولتنا في الساحات والفضاءات الترفيهية التجارية والسياحية بمدن الشريط الساحلي التونسي على غرار الحمامات وسوسة التي تشهد إقبالا لافتًا وازدحامًا كبيرًا، وهو ما كشف تعلق التونسيين بالحياة وتحديهم لظروف السياسية والأمنية المضطربة التي تعيشها البلاد، فضلا عن تمسك السياح الأجانب بالوجهة التونسية رغم الزوابع العابرة التي عاشتها البلاد. من جهة أخرى لم تتأثر الفنادق العريقة التي لا يزال نزلائها وفيين لها نظرا للخدمات التي تقدمها والتي تغني المقيمين فيها عن التمتع بالسياحة خارجا، ففي فندق »الرويال« بمنطقة »ياسمين الحمامات« الذي كان يعج بالنزلاء الأجانب، أصبح مشهد السياحة داخل الفندق، ويؤكد مدير المبيعات أنيس سويسي، الفندق لا يكاد يخلو من السواح على طول السنة والعائلات الجزائرية لها نصيب معتبر عندنا ذلك ان فندقنا به غرف مفتوحة على بعضها مما يمكن العائلات حتى لو كانت كبيرة من استئجار غرف تسمح لأفرادها بالعثور على ما يبحثون عليه. كما أكد المدير العام ل»لرويال« بأن فندقه الى جانب مدينة الحمامات التي تبعد حوالي 80 كلم عن العاصمة تشهد إقبالا كثيفًا رغم الأوضاع السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد أخيرًا والتي لم تثن التونسيين والأجانب عن الاستمتاع بسحر الضيافة التونسية. وفي سياق متصل، كشف مصادر من وزارة السياحة أن إدارة الحدود والأجانب في وزارة الداخلية سجلت الى غاية31 من أوت الفارط دخول أزيد من 4 مليون سائح إلى تونس ويتصدّر الليبيون ترتيب الوافدين على تونس بمليون و456 ألف، تليها الجنسيات الفرنسية )571.530( والجزائرية )559.064(، البريطانية)2877541(، والألمانية )267056(، وقد بلغ مجموع الوافدين من بلدان أوروبية أزيد من مليونين زائر، في حين سجل قارب عدد الوافدين من الدول المغاربية المليونين زائر. وزارة السياحة تسعى لاستعادة ثقة الأسواق الأجنبية تسعى الحكومة التونسية الى إعادة الثقة للأسواق الأجنبية، بعد أن وعت بأن مخاطر هذا التراجع تعود أساسا الى معيار الاستقرار الاجتماعي والسياسي والأمني، اذ تعتزم إتباع سياسة إشهارية جديدة ذلك أن عديدا من خبراء السياحة يرون أن الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت في هذا المجال الأخبار التي تتناقلها مواقع الاتصال الاجتماعي ومواقع أخرى على الإنترنت في غالب الأحيان مغلوطة، حيث أن وكالات السفر لا تعمد إلى إلغاء الحجوزات بصفة مفاجئة بعد حصول أعمال عنف أو ما شابه ذلك إلا أن ذلك يخضع إلى قواعد متعددة كالعرض والطلب، زد على ذلك الحجز المتأخر من قبل بعض الشركات السياحية كما هو الشأن مع الجزائرية وحتى التونسية نفسها.