توحي المناطق التي تشكل أهم الأقطاب السياحية بتونس ،انها لم تشهد انتفاضة شعبية أطاحت بالنظام الحاكم وغيرت توجهات البلاد رأسا على عقب ،حيث أن ملامحها وأجواءها الأمنية تبعث على الارتياح والطمأنينة ،كما أن السياح متواجدون في كل مكان ،على عكس ما يروج لها .. رغم مرور أزيد من سنتين على ثورة الياسمين ،التي اسقطت مطلع 2011 الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي ،والتي كان لها تأثير سلبي على القطاع السياحي ،لا يزال الكثيرون متخوفين من ما يروج حول غياب الامن وكثرة الاعتداءات على السياح و تراجع نشاط المدن السياحية ،ولنقل الصورة الحية للجزائري حول اوضاع الاماكن التي كان لا يزال يعشقها ،عاينت «آخر ساعة» رفقة وفد من ممثلي وكالات السياحة والأسفار الجزائرية من مختلف الولايات في الفترة الممتدة ما بين 25 و 29 افريل 2013 ،عددا من المناطق على غرار سوسة الملقبة ب «ملكة الساحل ،مرسى القنطاوي ،حمامات الياسمين ، قمرت وطبرقة ،حيث لم نر ما يشير الى تدني الاوضاع الامنية ،كل ما في الامر ان فسيفساء التركيبة الاجتماعية في هذا البلد الجار تغيرت وصار مألوفا تجول ما يعرف بالإسلاميين والسلفيين في قلب المدينة وأمام السياح كما ان الملتحين و المتحجبات اصبحوا يزاولون الأنشطة التجارية في الأسواق والأماكن العمومية ،العربات المتجولة صارت ديكورا لمداخل الاسواق العربية التونسية ،وطريقة معاملة الباعة التونسيين للسياح وترجيهم لاقتناء هدية رمزية تغيرت .......وغيرها من الامور العادية التي انجبتها ثورة مطالبة بالحرية والديمقراطية ... ولتوضيح الصورة اكثر عن الاوضاع الحالية في تونس ارتأينا ان ننقل لكم الحقائق التالية .. استقرار أمني وعودة تدريجية للنشاط السياحي ربما يكون الجانب الامني هو العامل الاول الذي عصف بقطاع السياحة في تونس ،فما جرى خلال ثورة «الياسمين» وما عقبها من احداث سياسية و ثورات على العديد من مناحي الحياة العامة ،وكذا ما نقلته وسائل الاعلام الاجنبية من تقارير مبالغ فيها ،كان له تأثيره البالغ على عدد كبير من السياح وخاصة الاوروبيين ودفع بهم الى تغيير وجهاتهم السياحية الى بلدان اخرى بحثا عن الاستقرار رغم ان تونس تزخر بمناطق وتتوفر على مرافق لا تقل درجة عن غيرها في بلدان اخرى بل وتنافسها في الخدمات والأسعار ،ولهذا ارتأينا ان نركز على هذا الجانب والإلمام به من اجل نقل صورة واضحة للسائح الجزائري ،حيث اننا وخلال تجولنا بالمناطق السياحية ،لم نشعر بأي خوف او حتى عدم ارتياح ،بل كنا نصول ونجول بشكل طبيعي ،ونتنقل ليلا نهارا من منطقة الى اخرى مدة خمسة ايام كاملة ،لم نلاحظ أي شيء يثير الخوف كما ان الاشاعات التي روجت حول استنفار قوات الامن لحماية السياح لا تمت للحقيقة بصلة حيث ان الاجانب يمشون ليلا ويتوجهون للسهر دون مرافق ، من جهتها استعاد النشاط السياحي حيويته تدريجيا في انتظار فقط عودة السياح والذين تراجع عددهم مقارنة بسنوات ما قبل الثورة وتزايده خلال السداسي الاول من السنة الحالية مقارنة بالسنتين الماضيتين السياح الجزائريون نحو تونس في تزايد ربما كنت محظوظة لأنني زرت تونس اكثر من مرة قبل ثورة «الياسمين» ،لألحظ الفرق الواضح في قلة الحركة الناجمة عن قلة السياح الذين عادة ما يملؤون المكان ،طوال العام ،فسوسة التي كانت القبلة المفضلة للجزائريين ،و ميناء القنطاوي الذي كان فيما مضى يعج بالسياح الاجانب،وحمامات الياسمين التي كانت منطقة سياحية بامتياز ،بدوا اليوم اقل حيوية ونشاط ،و ان كانت الارقام التي قدمت لنا تشير الى تزايد عدد السياح من سنة الى اخرى بعد الثورة،وفي هذا الاطار كشف عفيف كشك ،المدير العام لمعرض «السوق العالمية للسياحة» والذي اقيم بقصر المعارض بالكرم في الفترة الممتدة ما بين 25 و 28 افريل 2013 ،عن تسجيل ارتفاع في عدد السياح الجزائريين خلال سنة 2012 بنسبة 30 بالمائة مقارنة بسنة 2011 ،وتراجع بنسبة 14.9 بالمائة مقارنة بالسنة المرجعية 2010 ،حيث ان عدد السياح القادمين من الجزائر سنة 2012 بلغ 901 الف و 677 جزائري ما يعادل 31.7 بالمائة من اجمالي عدد السياح المغاربة ،ونسبة 15. 5 بالمائة من السياح الاجانب ،وأفاد عفيف بأنه خلال شهر ديسمبر من سنة 2012 فقط ،توافد 151 الف و 913 جزائري على تونس لقضاء عطلة الشتاء وحفلة راس السنة مسجلين بذلك زيادة بنسة 20.9 بالمائة مقارنة بسنة 2011 و 25 بالمائة مقارنة بسنة 2010 ،من جهته كشف المندوب الجهوي للسياحة بسوسة فؤاد الواد ،بانه خلال الفترة الممتدة ما بين الفتح جانفي و 10 افريل من سنة 2013 تم احصاء اقبال 7648 جزائريا على فنادق سوسة القنطاوي ما يعادل 18 الف و 355 ليلة سياحية بزيادة قدرها 40.3 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2012 ، واضاف قائلا خلال سنة 2010 سجلنا توافد اكثر من 50 الف سائح جزائري ما يقارب 200 الف ليلة سياحية ، و في سنة 2012 شهدت اقبال 30 الف سائح جزائري بنسبة انخفاض تقدر ب 21 بالمائة مقارنة بسنة 2010 والتي سجلت توافد 32 الف سائح جزائري ما يعادل 120 الف ليلة سياحية ... فنادق تونس تخفض أسعارها ب 20 بالمائة خفَّضت الفنادق في تونس أسعار الغرف بنسب تتراوح ما بين 10 و 20 % ،مع تقديم المزيد من العروض الترويجية والعروض المتميزة سعيًا منها إلى استقطاب أكبر عددٍ من النزلاء ورفع نسب الأشغال التي تأثرت من انعكاسات ثورة «الياسمين» ،وفي زيارة مجاملة قادت الاسرة الاعلامية وممثلي وكالات الاسفار والسياحة الجزائرية ،الى عدد من الفنادق لاحظنا ان العديد من مدرائها بدؤوا بطرح عروض سعرية وخصومات على أسعار الغرف الفندقية بما يتناسب مع جميع الشرائح ،الأمر الذي وصفه مسؤولون بالقطاع السياحي ،أنه خطوة في الاتجاه الصحيح للتخفيف من آثار الأزمة ،مشيرين إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تمكِّن تونس من المحافظة على أسواقها وعملائها،وتعزز مكانتها على الصعيدين الداخلي والعالمي،وفي هذا السياق اكد ممثلو الوكالات بأن العروض المقدمة والأسعار التي خفضت تبقى بعيدة عن تطلعات الجزائريين ، وفي هذا الاطار تحدثنا الى رئيس جامعة الوسط والساحل (سوسة،المنستير،المهدية،القيروان) ،كريم الجزيري ،حيث اكد بان تخضع لمعادلة العرض والطلب ،وأفاد بأنه حقيقة تم التخفيض في اسعار الفنادق ارتفاع نسبة التضخم في تونس ،تضخم أسعار كل المواد الاستهلاكية والمستلزمات الفندقية والكهرباء وغيرها وهو ما انعكس سلبا على الفنادق وعكس صورة ان النزل لم تخفض الاسعار ، مشيرا الى انه على العموم اسعار النزل السنة الحالية مستقرة وشبه ثابتة مقارنة بالسنة الماضية ....... جولة في السوق العربي بسوسة تراجع الحركة السياحية.. ركود تجاري وصناعات تقليدية مهددة بالاندثار قمنا بجولة إلى السوق العربي بسوسة في تونس ،فبدت لنا الحركة التجارية هادئة خلف أسواره ،سياح غائبون و التجار يقفون كعادتهم أمام محلات الصناعات التقليدية يبادرون المارة بالتحية ويعرضون عليهم الدخول لشراء منتجاتهم اليدوية الصنع.... بينما ينهمك آخرون بالعمل، في ترتيب بضاعتهم، أو إتمام صنعها، على وقع أصوات الباعة والأنغام المنبعثة من الراديو وطرق الأواني النحاسية ،واصلنا جولتنا بين الأزقة وجدنا كالعادة الكثيرين جالسين أمام طاولات خشبية يواصلون نقش أطباق صغيرة من النحاس وعليها يرسم ما جاد به خيالهم من صور ترمز لتونس ،غير أن الشيء الذي لفت انتباهنا ركودا تجاريا غير مسبوق في ظل نقص الطلب وارتفاع أسعار المنتجات التقليدية والمواد الاستهلاكية مقارنة بسنوات ما قبل ثورة «الياسمين» ، توغلنا أكثر داخل السوق اكتشفنا أمورا لم تكن في زمن الرئيس المخلوع زين العائدين بن علي ،فتجول الاسلاميين والسلفيين بالسوق وأمام السياح ومزاولتهم للأنشطة صار مألوفا ،وأغلب الباعة في المحلات متحجبات ،وكذا أغلب المشترين والزوار تونسيون عكس ما كنا نقف عليه قبل عامين حيث كان السوق العربي بسوسة يعج بالسياح الأجانب ،دخلنا المحلات تفاجأنا بارتفاع الأسعار بنسبة 50 بالمائة إضافة إلى تراجع العرض ونقص السلع ، ولمزيد من الاطلاع على واقع قطاع الصناعات التقليدية خاصة وأننا على أبواب موسم سياحي جديد تقربت «آخر ساعة» من باعة بالمحلات الحرفية ، فكان النقل التالي،عن الوضع الكارثي الذي وصل إليه القطاع تحدث حميدة يحترف النقش على النحاس بكل حرقة ليقول «لم يعد هناك إقبال للسياح بالمرة وليس لنا الأمل في ذلك فكل المؤشرات لا تنبئ بالخير،ونحن متخوفون إذا ما استمرت الأوضاع على حالها «وتحدث حميدة عن مجموعة من العوامل المتمازجة أدت -من وجهة نظره- إلى حدوث هذه الكارثة قائلا «تراجع النشاط في قطاع الصناعات التقليدية نتاج ثورة «الياسمين» والتي تسببت في ضرب القطاع السياحي ومنه تراجع إقبال السياح و نفور الزبائن «،وقال لنا الباجي يحترف هو الآخر مهنة النقش على النحاس منذ أن كان بالعاشرة من عمره «اختلف الزمن كثيرا،ولم تعد المهنة كالسابق ، كنا ننقش أطباقا من الفضة، لكن ارتفاع السعر جعلنا نستعمل النحاس واليوم نحن مهددون بالزوال وحرفتنا بالاندثار ،إذا ما استمرت الأحوال على حالها «أما صاحب محل بيع المنتجات التقليدية الجلدية فأكد« بأنه وعلى الرغم من أن إقبال السياح على تونس قل بعد الثورة فإن الأوضاع ليست سيئة، حيث تجد المنتجات التقليدية إقبالا من قبل التونسيين وإن كان ذلك مقصورا على المناسبات فقط« ،من جهتها أعرب عدد من حرفيي الصناعات التقليدية عن تخوفهم من اندثار المنتجات والملابس التقليدية التونسية ك»الجبة» و»السفساري» و»الشاشية» وعدم الإقبال عليها رغم محاولات التجديد والابتكار.... وفي جولة لمحلات المنتجات التقليدية بحمامات الياسمين و طبرقة نفس الانطباع سجلناه لدى الباعة ، فعبد الرزاق حرفي بصناعة الشاشية (طربوش صوفي) بيّن خلال حديثه «لآخر ساعة» أن صناعة الشاشية لم تعد تلقيى إقبالا يذكر، مشيرا إلى أن أغلب محلات «سوق الشواشين» أغلقت والحركة قلت كثيرا...و محسن يقول أنه مختص بصنع الجبة و البُرنس، أكد بأنه تخلى عن مهنته والتي يزاولها منذ ما يزيد عن 40 سنة ،بعد الثورة وذلك لعجزه عن تسويق سلعه قائلا «تخليت عن حرفتي لأن «الإقبال على اللباس التقليدي اليدوي لم يعد كالسابق، فالمواد الأولية قلت والطلب عليها كذلك وأنا دخلت باب الإفلاس «، وعن الأسعار فارتفعت بنسبة 30 إلى 50 بالمائة في المنتوج الواحد ،وعن عرض البضاعة فقد تراجعت هي الأخرى، في السياق ذاته يمكن الإشارة إلى أن «آخر ساعة« وقفت حقيقة على ما ذكره الحرفيون والمهنيون بقطاع الصناعات التقليدية بتونس ممن تحدثت اليهم ، لكن «حلاوة « الأسواق التونسية ومحلات المنتجات التقليدية لا تزال كالسابق .. «المنتجات التقليدية التونسية تصنع في الصين كشف محافظ الصالون الدولي للسياحة الذي أقيم في الفترة الممتدة ما بين 24 إلى 27 أفريل بقصر المعارض بالكرم ، بأن المنتجات التقليدية الصناعية تصنع في الصين قائلا « الصناعات التقليدية ملف كبير ،و منتجاتها كمصر تصنع بالصين « واعتبر عفيف أن الأمر كارثي يستدعي اتخاذ الإجراءات اللازمة في أقرب الآجال ...