لا يختلف إثنان اليوم على أن الجزائر أصبحت تمثل عاملا مهما ولاعبا محوريا في مكافحة الإرهاب، انطلاقا من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وخبرتها الطويلة في محاربة هذه الظاهرة الخطيرة. إن اعتراف القوى الكبرى وفي مقدمتها أمريكا بالدور الريادي الذي قامت وتقوم به الجزائر في مكافحة الارهاب، حيث كانت السباقة إلى الإقرار بأنها ظاهرة عابرة للحدود ولا تقتصر على دول بعينها، لم يأت هكذا اعتباطا لو لم تكن هناك نتائج باهرة في الميدان تعبر عن مقدرة الجزائر في التصدي لهذه الآفة. لاشك أن الدور الذي يؤديه الجيش الوطني الشعبي بكل حزم واقتدار وكفاءة عالية لحماية حدود الجزائر جنوبا وشرقا وغربا، من شأنه أن يضع حدا لتسلل وتوغل المجموعات الإرهابية إلى أرض الوطن، كما من شأنه أن يجعل الجزائر شريكا محوريا في المجال الأمني للقوى العاملة على تطويق والقضاء على الظاهرة الإرهابية في منطقة المغرب العربي والساحل الصحراوي، وفي العالم أجمع. إن العملية العسكرية النوعية التي نفذها الجيش الجزائري في جانفي الفارط، بالمنشأة النفطية المسماة تيقنتورين بعين أمناس، برهنت للعالم عن تلك الجاهزية التي يتوفر عليها الجيش الوطني الشعبي، وتلك الاحترافية التي يتمتع بها، وتلك الخبرة الميدانية التي اكتسبها من خلال مكافحته للمجموعات الإرهابية، وكلها علامات بارزة لنجاح قوات الجيش في مواجهة عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والذي يهدد أمن واستقرار المنطقة. إن الاعتراف الدولي بأهمية ومحورية الدور الذي تلعبه الجزائر في هذا المجال، لم يقتصر على كون بلادنا استطاعت بفضل إرادتها القوية وإمكانياتها الذاتية أن تقضي على الظاهرة داخل أراضيها وقدرتها الفائقة على ضمان حماية حدودها الممتدة على طول ست دول مجاورة، بل إن هذا الاعتراف تعداه إلى تقدير وتثمين المساهمة التي تقدمها في مجالات التكوين والتدريب والتجهيز لفائدة دول الجوار، ومنها دول الميدان، وذلك في إطار الجهود المبذولة إقليميا لحماية أمن واستقرار المنطقة المغاربية والساحلية الصحراوية. إذا كان الموقع المركزي الذي تحتله الجزائر ضمن استراتيجية محاربة الإرهاب لا غبار عليه ويحظى باعتراف وتقدير دوليين، فإن ذلك من المفروض أن يؤدي في المقابل إلى تعزيز التعاون مع بلادنا من قبل الدول الكبرى، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، التي ما انفكت تنظر إلى الجزائر على أنها الواجهة الأمامية في مواجهة المجموعات الإرهابية. إن الجزائر ومن منطلق الدور الذي تلعبه حاليا والمنوط بها مستقبليا في منطقتي شمال إفريقيا والساحل الصحراوي، ومن منظور خطر تنظيم القاعدة المتحالف مع تجار الأسلحة والمخدرات، في حاجة ماسة إلى اقتناء تجهيزات وعتاد تكنولوجي، إذا ما أريد منها المحافظة على دورها والعمل على توسيعه كبلد رائد في المنطقة، والمساهمة حقيقة في استنهاض همم البلدان المجاورة التي تواجه خطر التهديدات الإرهابية، وانتقال الأسلحة المهربة عبر الحدود القابلة للاختراق في كل الأوقات. إذن، فالاعتراف بمحورية الجزائر كشريك فعال في سياسة مكافحة الإرهاب الدولي، لا يكفي لوحده، إذ أنه يبقى منقوصا إذا لم يكن مقرونا بتعاون عسكري ملموس يؤدي إلى تعزيز القدرات الأمنية للجزائر، لكي تتمكن في المقابل من توظيف خبراتها العسكرية في محاربة الإرهاب، من أجل ضمان أمن واستقرار أفضل لمنطقتي المغرب العربي والساحل الصحراوي.