يتواصل احتجاج سكان الأحياء الشعبية بدائرة براقي والكاليتوس في يومه الثاني، بسب الأوضاع المزرية التي يعيشها هؤلاء السكان خاصة وأن الأمطار الغزيرة التي تهاطلت خلال اليومين الفارطين أحدث حالة طوارئ في معظم أحياء المدينة، حيث أصبحت البيوت والطرقات عائمة ومغمورة بالمياه، كما تعذر على المواطنين التنقل بسبب إقبال المحتجين على غلق الطرقات منها الطريق الرئيسي المؤدي إلى المدخل الرئيسي لمدينة براقي، مؤكدين عزمهم على الاستمرار في الاحتجاج إلى غاية الحصول على حقهم في سكنات لائقة، وفي المقابل تظل السلطات المحلية غائبة أمام هذا الوضع المستعجل وعدم تدخلها لإنهاء هذه الأزمة التي يعود سببها الأول والرئيسي إلى أزمة السكن. بيوت غمرتها المياه وسكان يبيتون في العراء وطرقات مختنقة وأخرى عائمة وبرك من الوحل تتوسط مدينة براقي والكاليتوس، هذه مخلفات الأمطار الغزيرة التي تهاطلت خلال يومين الفارطين على مختلف ولايات شمال الوطن وهي القطرة التي أفاضت الكأس، والتي فجرت غضب لدى سكانها خاصة على مستوى الأحياء الفقيرة التي تنعدم فيها شروط الحياة منه حي » البركة«، والخروج إلى الشارع خاصة وأن هؤلاء المواطنين قضوا ليلتهم في إخلاء المياه من منازلهم. ودفعت هذه الأوضاع المزرية بالمواطنين القاطنين السكنات الهشة والعمارات القديمة بحيي »ديار البركة« و»حوش بيقا« بالخروج في وقت مبكر صباح أمس، في حوالي الساعة الرابعة، وقطع الطريق الرئيسية بالعجلات المطاطية والحجارة بعد أن قضوا ليلة البارحة في العراء. لقطع الطريق المؤدي إلى مدينة الأربعاء والمخرج الرئيسي للمدينة والطريق المؤدية إلى مقر بلدية براقي، بالإطارات المشتعلة وجذوع الأشجار والحجارة تسببت في خلق فوضى عارمة وغلق الطرقات وصعوبة تنقل المواطنين الذين ظلوا يبحثون لساعات طويلة عن طرقات مختصرة تؤديهم إلى خارج المدينة خاصة وأن معظم هؤلاء قاصدين مكان عملهم، ومن الأحياء التي تسببت في الأحداث العنف هو حي » بيغا 2« وحي »البركة« باعتبارها أكثر الأحياء بؤسا وقدما في بلدية براقي باعتبارها بيوت هشة حيث يعيش في بين واحد أكثر من أسر. وفي هذا الصدد، أكد هؤلاء المواطنين المحتجين ل » صوت الأحرار « وهم في حالة من الغضب، اعتزامهم للخروج إلى الشارع والاحتجاج عبر مختلف أحياء مدينة براقي وذلك لليوم الثاني على التوالي، وأشار آخرون يقطنون بحوش » بيغا 2« وهي عبارة عن سكنات هشة إلى أنهم قضوا ليلة واحدة لإخلاء المياه من المنازل، مؤكدين أن المطلب الرئيسي للسكان هو توفير السكن وإنهاء معاناة هؤلاء المواطنين الذي ظلوا ينتظروا تطبيق وعود والي ولاية الجزائر بترحيلهم من هذه الأماكن خلال شهر ديسمبر لكن بقيت وللأسف مجرد وعود مما أثار غضبنا، وليس ببعيد عن حي » بيغا 2«، وجدنا سكان ديار البركة، وهي مدينة يعود تاريخها إلى أواخر الخمسينات، قام سكانها بقطع الطريق المؤدية إلى وسط المدينة مما تسبب في عرقلة حركة المرور. وكان هؤلاء السكان قد قاموا أول أمس الاثنين بقطع الطريق الولائي رقم 15 على مستوى »حوش بقة« وشارع سعيد يحياوي على مستوى حي »ديار البركة« وجزء من الطريق الرابط بين براقي وجسر قسنطينة، مؤكدين أنهم لم يعودوا يطيقون الاستمرار في العيش في تلك السكنات المهترئة التي تغمرها المياه عند تساقط الأمطار وفضلت عشرات العائلات التي تعيش في الحي الفوضوي »حوش بيقا« المبيت في ورشة لبناء أحد المرافق العمومية بدل العودة إلى منازلها تعبيرا منها عن عدم التراجع عن مطلبها المتمثل في الاستفادة سكنات لائقة. وجوه الأطفال والنساء التي كانت مطلية بالسواد بسبب تصاعد الدخان جراء احتراق العجلات المطاطية صورت المعاناة التي يعيشها هؤلاء بين ورشة البناء التي شدوا رحالهم إليها خلال الليلتين الماضيتين وبين قارعة الطريق التي طوقتها عناصر الأمن الوطني من كل جانب، وفي جو مشحون ومحاولة قوات الأمن الحد من زحف جموع عائلات »حوش بيقا« إلى وسط مدينة براقي تعالت أصوات الرجال والنساء وحتى الأطفال منددة بوضعهم المزري ومطالبة بحل فوري لأزمة استمرت لسنوات طويلة. وأجمعت العائلات التي كانت متواجدة على حافة الطريق الرابط بين براقي وبن طلحة على أنها ليست على استعداد لسماع وعود أخرى بإعادة إسكانها بعد أن وضعوا ثقتهم في السلطات المعنية، وأكدت زرود عائشة في هذا الاتجاه أن الوالي المنتدب لدائرة براقي وعد السكان بترحيلهم في 20 ديسمبر الماضي، وفي حي حوش بيقا الذي أصبحت سكناته خالية على عروشها منذ يومين فوق أرضية زلجة اختلط فيها الطين ببقايا العجلات المحروقة والحجارة المترامية في كل مكان كان السكان يتحدثون في آن واحد مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن مطلبهم في هذه المرة، مذكرين أنهم يؤدون واجباتهم تجاه الوطن دون أن يتلقوا أبسط حقوقهم مقابل ذلك. وأمام مقر بلدية براقي تجمعت عشرات أخرى من سكان حي ديار البركة الذي تقطن فيه أكثر من 1000 عائلة حسب تصريحات بعض المواطنين، وتسبب هذا التجمع الذي تميز بإلقاء الشباب للحجارة في غلق الطريق أمام المارة الذين كانوا يعودوا أدراجهم خوفا من تعرضهم للأذى، أما المحلات التجارية المتواجدة بشارع محمد بلعربي فضلت مقفلة هي الأخرى منذ يومين نظرا لتصاعد الاحتجاجات. ولا تزال عناصر الشرطة في اليوم الثاني على التوالي قابعة أمام هذه الأحياء السكنية لسيطرة الوضع وعدم انزلاقه، بعدما قامت هذه العناصر أول أمس، بتطويق مدينة براقي إذا لم يكن هناك سوى عدد قليل من سيارات مكافحة الشغب أرسلت لاحتواء غضب الشباب ديار البركة وعشر شاحنات صغير والتي ظلت ولا تزال في مواجهة المحتجين، الذين رموا أفراد الشرطة بالحجارة، ولما اقتربنا من عناصر الأمن أكدوا لنا أنهم يطبقون الأوامر ونحن هنا لتطبيق القانون فقط ليس إلا ذلك في ظل عدم وجود اعتقالات وسط هؤلاء الشبان. وفي المقابل، أكد ممثل عن هؤلاء المواطنين المحتجين وهو رب الأسرة أن مفوض عن السلطات المحلية طلب منه إعادة فتح الطريق والتقدم إلى مقر البلدية لمناقشة الوضع، ولكن تفاجئ لما قصد رئيس الدائرة ورئيس البلدية بمنعه من الدخول، مما أصر المواطنون على مواصلة احتجاجهم لليوم الثاني إلى غاية تلبية مطلبهم في الحصول على السكن بحيث تبقى أحياء مدينة براقي عائمة في المياه وسط معاناة المواطنين بعد 24 ساعة من بداية الاحتجاج دون تدخل السلطات لاحتواء الوضع المزري الذي آلت إليه أحياء وطرقات مدينة براقي. وعند تنقلنا إلى مقر السلطات المحلية لدائرة براقي في اليوم الثاني من شن الاحتجاج العنيف للنظر في رد فعل المسؤولين المحليين، تفاجئنا لعدم وجود رئيس البلدية ورئيس الدائرة، حيث أكد لنا أحد المنتخبين عن المجلي البلدي أن معظم مسؤولين توجهوا للمشاركة في المؤتمر الرابع للتجمع الوطني الديمقراطي، تاركين ورائهم المكاتب فارغة ضاربين هموم هؤلاء المواطنين عرض الحائط دون ترك ممثلين ينوبون عنهم لاستقبال المواطنين، ولم يكن لهم حتى المجال للنزول إلى الميدان لتهدئة الأوضاع والتقرب من المواطنين الثائرين -إن صح التعبير ? والذين خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن انشغالاتهم وعلى رأسها توفير السكن وترحيلهم. طرقات الكاليتوس تغمرها الأمطار والسلطات المحلية غائبة لمدة 24 ساعة وليس بعيد عن هذه المدينة وجدنا بلدية الكاليتوس هي الأخرى تعاني من نفس المشكل، حيث أكد لنا أحد سكانها ل »صوت الأحرار« أن الأمطار الغزيرة التي تهاطلت خلال اليومين الفارطين تسببت في غمر الطرقات بأحياء وطرقات بلدية الكاليتوس، وأكد المتحدث الذي يقطن بحي » الأمير« أنه الطرقات كلها مغمورة بمياه الأمطار مما صعبت على الراجلين وحتى راكبي السيارات من التنقل، مشيرا إلى أن البعض منهم قاموا بالمشي حفاة لتجنب تبلل الأحذية، كما أن بعض السيارات التي مرت من هذا الحي الذي يعد من بين أحد الأحياء المتضررة تسربت المياه بداخلها ومنه من لم يستطع التنقل بتاتا. وفي ظل هذه الأوضاع التي وصفها سكان حي » الأمير« وبعض الأحياء ببلدية الكاليتوس بالمزرية والبائسة، لم تقم السلطات المحلية بالوقوف على هذه الحالة ولا حتى النزول إلى الميدان لتفقد الأمور والإطلاع على ما سببته الأمطار من كوارث حسب ما أكده لنا المواطنين بهذه الأحياء، معبرين عن استغرابهم لعدم تحرك السلطات لمدة 24 ساعة تاركين المواطنين يعانون من صعوبات التنقل.