لعلّ أهم ما يميز المشهد السياسي في الجزائر قبل أسابيع معدودة على موعد أهم استحقاق انتخابي وهو رئاسيات 17 أفريل، هو الغموض الذي ما يزال يكتنف مواقف أغلب أحزاب المعارضة بسبب تشتتها وعجزها عن المبادرة وتقديم البدائل، وذريعتها في ذلك عدم فصل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مسألة ترشحه لهذا الاستحقاق من عدمه. بعد أكثر من أسبوع على استدعاء رئيس الجمهورية للهيئة الناخبة وبداية العد العكسي الفعلي للاستحقاق الرئاسي المنتظر في 17 أفريل المقبل ما يزال الترقب والغموض السمة السائدة في الساحة السياسية لا سيّما في معسكر المعارضة التي لم يحسم أغلبها بشأن المشاركة في السباق الرئاسي لأعلى منصب في هرم السلطة، فباستثناء حزب العمال الذي بادر بترشيح أمينته العامة لويزة حنون ما تزال حالة التململ تطبع مواقف كثير من التشكيلات السياسية. التشتت هو الوصف الدقيق لقوى التيار الإسلامي التي بات في حكم المؤكد عجزها عن الوصول إلى مرشح توافقي، ففيما اختار عبد الله جاب الله الذي سبق له خوض سباق الرئاسيات سنة 1999 إلى الإعلان عن المقاطعة بدعوى أن المنافسة لن تكون مفتوحة ما تزال جبهة التغيير وحركة النهضة وحركة مجتمع السلم في حالة ترقب وإن كانت هذه الأخيرة أي حمس قد انقسم أعضاء مجلسها للشورى في اجتماعهم أمس بين خيار ترشيح رئيس الحركة عبد الرزاق مقري وترشيح الرئيس الأسبق أبو جرة سلطاني. ولا يختلف الوضع كثيرا داخل معسكر الديمقراطيين الذي يعرف هو الآخر حالة تخبط جعلته عاجزا عن الخروج بموقف موحد يشأن المشاركة في الاستحقاق أو المقاطعة التي ذهب إليها الأرسيدي منفردا بعدما عجز عن إقناع بقية ممثلي التيار من الحذو حذوه ومن وجهة نظر المتتبعين للشأن الوطني فإن الأرسيدي لم يكن أمامه غير هذا الخيار وهذا السبيل في غياب شخصية حزبية قادرة على خوض هكذا استحقاق، بينما ارتأى غريمه الأفافاس التريث وأخذ المزيد من الوقت قبل الفصل في المشاركة من عدمها. وفي انتظار الموقف الرسمي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وفيما إذا كان سينزل عند رغبة حزبه جبهة التحرير الوطني الذي دعاه مع بقية أحزاب الموالاة للترشح لعهدة رابعة، فإن الصورة البارزة التي تطبع رئاسيات 17 أفريل إلى غاية الآن هو إعلان رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس الترشح للموعد خاصة وأنه سبق له خوض السباق سنة 2004 وكذا رجل الأعمال رشيد نكاز ووزير المالية الأسبق وهم القادرين على جمع التوقيعات المطلوبة لترسيم ترشحهم يضاف إليهم مبادرة عشرات »النكرات« بسحب استمارات الترشح لغايات في نفس يعقوب والأكيد أن لا أحد منهم سيتمكن من جمع حتى مئات التوقيعات.