انتهى أمس لقاء الثلاثية بين الحكومة المركزية النقابية ومنظمات أرباب الذي دام ولأول مرة خمس ساعات فقط بالاتفاق على إلغاء المادة »87 مكرر« المتعلقة بكيفيات حساب الحد الأدنى للأجور على أن يبدأ تطبيق ذلك بداية من ,2015 نفس الشيء بالنسبة لعودة القرض الاستهلاكي الذي سيُخصص للمنتوجات الوطنية، واتفق الأطراف الثلاثة على تحسين مناخ الأعمال من خلال تبسيط إجراءات إنشاء المؤسسة والحصول على القروض ومحاربة البيروقراطية ولا مركزية القرار، كما شهد اللقاء التوقيع على العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو. لم تكن نتائج لقاء الثلاثية الذي عُقد أمس بإقامة جنان الميثاق في مستوى الضجة التي سبقت هذا الموعد، بحيث وعكس التوقعات تم تأجيل تطبيق إلغاء المادة »87 مكرر« المتعلقة بكيفيات حساب الحد الأدنى للأجور إلى 2015 وهو ما جاء على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال في ختام الجلسة بتأكيده أن »التعريف الجديد للأجر الوطني الأدنى المضمون يمكن أن يسري تطبيقه مع صدور قانون المالية 2015 وذلك بغرض تمكين المؤسسات من توفير كل شروط تنفيذه«، موضحا أن مراجعة هذه المادة بإمكانه »تعزيز الحد الأدنى للأجور و تدارك أجور العمال من الفئات المهنية الدنيا» كما أنها ستسمح للمؤسسات »بمزيد من المرونة في مكافأة مردود عمالها بشكل أفضل«، وبالرغم من استعمال الوزير الأول لمصطلح »مراجعة هذه المادة« إلا أن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد حرص في تصريحات أعقبت اللقاء على التدقيق بأن الأمر يتعلق بالإلغاء وأن الوزير الأول لا يقصد التعديل. وقد شهد هذا اللقاء الذي دام ولأول مرة خمس ساعات فقط عدة تدخلات بدءا بالكلمة الافتتاحية للوزير مرورا بعروض قدمها رؤساء أفواج العمل الخمسة المُنصبة خلال لقاء الثلاثية المنعقد في شهر أكتوبر الماضي وصولا إلى ممثلي منظمات أرباب العمل ورؤساء بعض المنظمات الاجتماعية كالاتحاد العام للتجار والحرفيين وممثل المجتمع المدني ناهيك عن بعض الخبراء الاقتصاديين الذين أصبحوا أطرافا في هذا اللقاء. في هذا السياق، حرص الوزير الأول عبد المالك سلال على وصف هذا اللقاء ب»الهام والتاريخي« بالنسبة لمصير الجزائر في المجال الاقتصادي، وأورد بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شدد على ضرورة العمل جماعيا عبر الحوار والتشاور من أجل تحديد هذا المصير، وحسب سلال فإن ما اتفق عليه لن يكون مجرد كلام بل »سنعمل على تجسيده ميدانيا« ملتزما بالسهر شخصيا على ذلك وداعيا الأطراف الثلاثة إلى السهر على تقييم العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو الذي تم التوقيع عليه مباشرة بعد انتهاء اللقاء كل ستة أشهر بدل مرة واحدة في السنة. ومن بين أهم النقاط التي تم الاتفاق حولها، والتي ضمنها سلال في كلمته، العمل على ضرورة إضفاء ديناميكية جديدة على الاقتصاد الوطني من أجل إحداث قطيعة مع تبعيته إلى المحروقات وترقية النشاطات المنتجة خارج المحروقات والمُحدثة للثروات ومناصب الشغل، إضافة إلى العمل على ترقية العلامة الجزائرية وتشجيعها وتحسين نوعية المنتجات حتى تكون في مستوى متطلبات الإنتاجية والتنافسية للسوق الدولية، كما اتفق أطراف الثلاثية على ضرورة الاستمرار في تعزيز اقتصاد السوق الاجتماعي مع استمرار التحويلات الاجتماعية ودعم الطبقات المحرومة مع التشديد على رفض الليبرالية المتوحشة. وأقرت الثلاثية كذلك الاستمرار في تحرير المبادرات العمومية والخاصة في المجال الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات المنتجة والمحدثة للثروات ومناصب الشغل وإيلاء عناية خاصة للتنمية الفلاحية والريفية والسمكية والصناعة الغذائية بحكم مساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي إضافة إلى دعم النشاطات التي يحملها الشباب من ذوي الشهادات وترقية المناولة، وتحسين مناخ الأعمال من خلال تبسيط إجراءات إنشاء المؤسسة لا سيما من حيث توفير العقار والحصول على القرض وعلى خدمة عمومية ذات نوعية ناهيك عن عصرنة الإدارة الاقتصادية ومحاربة التعطيلات والممارسات البيروقراطية ولا مركزية القرار. وبخصوص البرنامج العمومي للاستثمار، انتهت الأطراف المعنية إلى التأكيد على استمراره خاصة في المنشآت وذلك من أجل توفير شروط تنافسية أفضل واستهداف متوازن للنشاطات الاقتصادية عبر التراب الوطني معتبرة أداءات الاقتصاد الكلي للبلاد إيجابية ويُمكن تحسينها بصفة جوهرية بالنظر إلى القدرات الوطنية المتوفرة، مع العمل في الوقت نفسه على التخلص من التشاؤم المُفرط. في سياق متصل، شهد لقاء الثلاثية التوقيع على العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو الذي يتضمن أهدافا تتعلق بالتعجيل بمسار الإصلاحات الاقتصادية والتنمية الصناعية وتحسين مناخ الأعمال و المنظومة الصحية والحماية الإجتماعية والالتحاق بالعمل وكذا تحسين القدرة الشرائية وتكييف منظومة التكوين مع احتياجات المؤسسة، كما اعتمد العقد أيضا »وضع آلية للتنفيذ والتقييم عبر تكليف لجنة وطنية للمتابعة تشرك كل الأطراف المعنية«.