أعلنت الحكومة الليبية، ولأول مرة الحرب على الإرهاب، ودعت المجموعة الدولية لمساعدتها في هذه المهمة، لتخطو بذلك خطوة ايجابية في اتجاه ضمان أمنها وأمن جيرانها، وفي مقدمتهم الجزائر التي عانت الكثير من نشاط المجموعات »الجهادية« في ليبيا منذ انتهاء الحرب في هذا البلد وسقوط نظام العقيد معمر القذافي. سارعت الحكومة الليبية إلى الرد على الهجمات المسلحة التي عرفتها عدة مناطق من البلاد خاصة بنغازي بإعلان الحرب بشكل مباشر وصريح على الإرهاب، واتهمت المجموعات الإرهابية بالوقوف وراء عشرات الاعتداءات وعمليات الاغتيال ضد أجهزة الأمن والغربيين في شرق البلاد، وأوضحت الحكومة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، توج اجتماع مجلس وزاري عقد في مدينة غات بجنوب البلاد: »لن يكون هناك مكان للإرهاب في ليبيا ويجب أن يكون الليبيون على استعداد لما ستفرضه مثل هذه المعركة لناحية الحذر واليقظة والتضحيات«، داعية من جهة أخرى »الأسرة الدولية والأمم المتحدة إلى تقديم الدعم الضروري من أجل استئصال الإرهاب من المدن الليبية«، وأضافت الحكومة الليبية في نفس السياق أن »الأمة في مواجهة مع تنظيمات إرهابية ويتوجب على الحكومة تعبئة قواتها العسكرية والأمنية من أجل محاربة هذه الآفة«، وأوضحت أن »مدن بنغازي ودرنة (شرق ليبيا) وسرت (وسط) ومدنا أخرى تواجه حربا إرهابية من قبل عناصر ليبية وأجنبية«. وقال بيان الحكومة الليبية أن المجموعات الإرهابية »تجاوزت كل القيم وداست على كل الأعراف وضربت بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الخيرة وفتكت بأرواح مواطنينا وأرواح مواطني الأشقاء والأجانب مما يضع بلادنا ودولتنا في حالة الوصم بتفشي الإرهاب وتهديد المدنيين«، مؤكدا أن الإرهاب عمل على تداعي مصداقية العلاقات الليبية بالدول العربية والصديقة والمجتمع الدولي، جراء عمليات القتل المنظم وتفشي الجريمة المنظمة، وأشارت الحكومة في بيانها إلى أنها »ستلجأ في هذه المواجهة إلى القوة العسكرية الوطنية ومهما كانت« وهي إشارة ربما إلى بعض تشكيلات »الثوار« التي لم تتورط في النشاط الإرهابي، مؤكدة على »التزامها بإنهاء هذه الحرب في أسرع وقت ممكن حفاظا على الأرواح«. صحيح أن الحكومة الليبية تعمدت عدم ذكر أي من التنظيمات التي تعتبرها إرهابية، مخافة من احتمال فتح جبهة واسعة قد تكلف ليبيا غاليا، إلا أنه من الواضح جدا أن مدن على غرار بنغازي ودرنة وسرت هي معاقل لتنظيمات تصفها تقارير استخباراتية ليبية وغربية بالمتطرفة، من بينها خصوصا كتيبة أنصار الشريعة في ليبيا التي أدرجتها الولاياتالمتحدة في جانفي الماضي على اللائحة السوداء للمنظمات الإرهابية. وتعتبر المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن وجود الإرهاب في ليبيا، وكانت في السابق تتحرج من هذا الاسم مخافة من أن يتم إلصاقه بكل المليشيات المسلحة أو من كانوا يسمون في السابق خلال الحرب على نظام العقيد معر القذافي ب »الثوار«، ويخشى الكثير من المراقبين أن تقود الحرب على الإرهاب ليبيا إلى وضع أمني أخطر مما هو عليه الآن، فليبيا، وفق تقارير استخباراتية عديدة، لا تزال تعاني من فوضى السلاح، وتتواجد بها أعداد كبيرة ممن يسمون ب »الجهاديين«. وكان المتحدث باسم الحركة الوطنية الشعبية الليبية اسعد زهيو قد صرح أن كل ما يحدث في ليبيا هو إرهاب مخطط من قبل جماعة الإخوان المسلمين التي تقود الجماعات التكفيرية المسلحة، لأنه رد على إسقاط جماعة الإخوان في مصر، مشيرا إلى أن بعض قادة الإخوان المصريين يتخذون من ليبيا معقلا لهم. وسبق لخبراء عسكريين أمريكيين وفرنسيين أن أكدوا في معرض تحذيرات أطلقوها حول تحضير تنظيمات إرهابية لشن هجمات في منطقة الساحل جنوب الصحراء، أن أشاروا إلى السهولة التي يجدها الإرهابيون في ليبيا، بحيث ينتقلون بشكل سهل جدا، وينشطون على جبهات مختلفة، خاصة في مجال تهريب السلاح واستقبال مقاتلين يتم تدريبهم على التراب الليبي قبل إرسالهم إلى دول الجوار، ومن بينها الجزائر، للقيام بعمليات إرهابية، كما هو الشأن في جبل الشعانبي في تونس، على مقربة من الحدود مع الجزائر. وكانت مصادر أمنية جزائرية رفيعة قد كشفت أن الإرهابيين الذين نفذوا عملية احتجاز الرهائن في المجمع الغازي »تيقنتورين« بإن أميناس بأقصى الجنوب الشرقي للبلاد،تدربوا بمنطقة دوما شرق بنغازي في ليبيا، وحتى وإن لم تتهم الجزائر الحكومة الليبية، لإدراكها بأن الأمور تخرج عن سيطرتها، فإنها لم تكف عن المطالبة بأن تشارك ليبيا بشكل أقوى في الجهود التي تبذل في المنطقة في مجال محاربة الإرهاب، ويأتي إعلان الحكومة الليبية الحرب على الإرهاب ليؤكد أنها اقتنعت أخيرا بخطورة المجموعات الإرهابية التي كانت تتحرك بحرية على التراب الليبي.