تمتاز ولاية المدية بعدة أقطاب سياحية أهلتها لتكون الوجهة المفضلة للعديد من الباحثين والمؤرخين حيث تتوفر المدية على عدة مواقع حضرية منها أثار أشير، قلعة بوغار، منارة الجامع الأحمر، باب الأقواس بالإضافة إلى مركبات حموية كثيرة ومتنوعة وقصد الاطلاع على هذا الواقع السياحي كانت لنا جولة إلى احدى هذه القلاع ألا وهي أثار رابديوم. يقع المعلم التاريخي رابيديوم بمدينة جواب شرق ولاية المدية على مسافة 80كلم ويعد هذا المعلم من بين أهم المدن التي عاش فيها الرومان عصر ارتبط تاريخ هذه المدينة بثورات تاكفريناس ضد الرومان وسيطر على جميع المناطق إلى أن اغتيل العام 24م مدينة رابديوم ،نظرا لموقعها الاستراتيجي الهام كانت هي نقطة التقاء جميع طبقات المجتمع بالإضافة إلى أنها عدت مدينة عسكرية هذا ما جعل المستعمرين الرومان من أهم مرتادي هذه المدينة فبنيت العديد من القرى الفلاحية وسكنها البربر والرومان الذين عاشوا حكما عسكريا والى جانب هؤلاء الذين اقامو في رابديوم نجد فرقة الكوهوز وفرقة صارادوم وفرقة الراتركوم هذا ما أكدته الكتابات التاريخية التي عثر عليها بذات المدينة. تشييد وبناء المعلم رابديوم في العام167م أحاطها السكان وحكام المدينة بالحجارة الضخمة التي بلغ ارتفاعها إلى حد أربعة أمتار للمدينة 3ابواب أهمها الباب الشمالي الذي عثر به على الكتابة التي تحمل وتذكر اسم رابديوم بالمدينة، خمسة أحياء متصلة فيما بينها بأبواب صغيرة وكل حي يفصل بينه وبين الحي الآخر بواسطة أسوار صغيرة وشيد على السور الذي يفصل القسم الشمالي على الجنوبي بروج رباعية الشكل وكانت المدينة الأثرية تتزود بالمياه من منبع مائي يبعد عنها ب 2كلم تجلب بواسطة قناة مبنية بالحزارة ومغطاة حتى لا تكون عرضة للعوامل الطبيعية توجد بالجهة الغربية للمدينة مقبرة تحتوي على بقايا من الشواهد الزخرفية وآثار الكتابات خطت فوق الأضرحة والقبور. اقيمت في اوخر القرن التاسع عشر عدة أبحاث وحفريات وصل عددها إلى 19بحثا ومن ابرز هذه البحوث بحث شاريي ما بين 1917/1908 وكذلك البحث الذي قام به سيقي فالفاليي ما بين 1931/1925 بالإضافة إلى لوفالي بين سنوات 1949 والى غاية1953 والذي من خلاله توصل إلى تحديد أربعة أبواب وممر مركزي محاط ببرجين رباعيين. المعلم رابديوم يقاوم الاندثار والزوال أهمل موقع رابديوم إهمالا تاما وعلى مر الزمن، ففي الحقبة الاستعمارية شيد مقلع للحجارة بجانب المعلم التاريخي كما استخدمت الحجارة الموجودة داخل الموقع في تعبيد الطريق الرابط مابين السواقي وسور الغزلان هذا عن الفترة الاستعمارية ،أما بعد الاستقلال فالمدينة بقيت تقاوم الزوال إذ أصبحت عرضة لاعتداءات السكان فقد اختفت الكثير من الآثار والأحجار الكبيرة النادرة رغم أن تصنيف رابديوم كمعلم تاريخي وطني يعود إلى زمن طويل العام 1968م كما أدرج في قائمة التراث الوطني وبذلك أصبح تابع للوكالة الوطنية للآثار لكنه بقي دون اهتمام وحماية . وفي هذا الصدد وحرصا منها على المحافظة على المعالم التاريخية وإعادة الاعتبار لها قامت مديرية الثقافة لولاية المدية سنة 2004بمباشرة أشغال ترميم المدينة وتسييجها وتوظيف حارس يشرف عليها، فرابديوم اليوم يعد قطبا سياحيا يدعو الزوار لاكتشافه ومدينة تاريخية ساحرة خاصة وأنها تتميز بمناظر نادرة هذا ما جعلها تشهد عدة زيارات من داخل الولاية ومن خارجها لتلاميذ الثانويات وطلبة جامعة المدية وطلبة علم الآثار بجامعة الجزائر. وللإشارة فان مشروع انجاز نزل مسجل قصد توفير أحسن استقبال للوافدين عليه من الباحثين الدكاترة لاكتشاف أسرار مدينة رابديوم وبالرغم من الجهود التي بذلت من اجل الكشف عن أسرار هذه المدينة الرومانية إلا أنها تبقى تحتفظ بأسرار كثيرة ويبقى على المختصين وعلماء الآثار البحث والتنقيب في هذا المعلم التاريخي علهم يفلحون فيما فشل فيه الآخرون .