توج الرئيس الأمريكي باراك أوباما ب »جائزة نوبل« للسلام .. ومن المؤكد أن تتويجه بها سيحدث ردود فعل متباينة بين مؤيدين ورافضين. ومن الواضح أن الرافضين سيستندون للحروب التي تديرها أمريكا والأزمات وبؤر التوتر التي تخلقها، وكذلك لموقفها من الصراع في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني. ومن وجهة نظري، أن الرئيس أوباما يستحق فعلا جائزة نوبل للسلام، لأن الأوضاع الحالية للسياسة الخارجية الأمريكية لم يساهم فيها أوباما قيد أنملة، إنما ورثها عن نظرائه السابقين وخاصة جورج بوش الصغير. ومنذ وصوله إلى سدة الحكم منذ بضعة أشهر، عمل أوباما على إعادة النظر في السياسة الخارجية لبلاده، بما يتيح تحقيق السلام العالمي .. رغم أن تحقيق السلام في العالم عملية صعبة، طويلة، ومعقدة .. ولا يمكن أن تتحقق بين يوم وليلة. وفيما يخصنا نحن في العالم العربي الإسلامي، فإن أوباما فتح صفحة جديدة في علاقات أمريكا معنا، فهو أعرب عن عدم رغبة بلاده في البقاء في العراق، وقال أن العراق للعراقيين، ويرتقب أن، تسحب أمريكا جنودها من بلاد الرافدين. ولأوباما موقف ميال نحو السلام تجاه أفغانستان، حيث رفض الرضوخ لضغوطات من الناتو، الذي دعاه أكثر من مرة لزيادة تعداد الجنود الأمريكيين، حيث قال : لن نزيد ولن نقلل ، وهو مخرج توفيقي بين طرحين : الطرح القائل بالزيادة والطرح القائل بالتخفيض. وقام أوباما بزيارة لدولتين محورتين في العالم الإسلامي، تركيا ومصر، ودخل أهم مسجد في تركيا، وخاطب العالم الإسلامي من القاهرة. وأعرب عن احترامه للدين الإسلامي وتقديره للمسلمين، وأعلن عن رغبته في تجاوز ترسبات الماضي وتجاوز حقبة »صراع الحضارات« .. وأوباما يبدو حريصا على وقف الإستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحريصا على قيام دولتين مستقلتين. ورغم أن القضية شائكة وصعبة بالنسبة لأوباما قد تكلفه حياته بحكم نفوذ اللوبي الصهيوني في أمريكا .. لكن سياسة كهذه تستحق التشجيع والدعم من قبل الفلسطينيين أولا والعرب ثانيا والمسلمين ثالثا. فهل نلوم أوباما عندما أنقذ محمود عباس مجرمي الحرب الإسرائيليين من المحاكمة طبقا لتقرير غولدستون مثلا ؟ وسياسة أوباما تقوم على اللين والهدوء وقوة الدبلوماسية بدل القوة العسكرية مع إيران وكوريا الشمالية وروسيا، وتراجع عن فكرة نصب الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية تحقيقا للهدوء بين موسكو وواشنطن .. فقابلتها موسكو بالتراجع عن مشروع مماثل في أوروبا الشرقية. كل هذه انجازات كبيرة .. لكن الطريق ما زال طويلا أمامها لكي تنضج. وإن جائزة نوبل للسلام .. يجب أن تمنح فعلا لمن بيده مفاتيح السلم والأمن والإستقرار .. وباعتبار أمريكا هي القوة الكبرى التي تمتلك هذه المفاتيح، وهي التي تسببت في جملة من الحروب والأزمات والتوترات وتسببت في الإخلال بالأمن العالمي .. فإن أوباما أبدى رغبة كبيرة من أجل اعتماد سياسة جديدة تساهم في إحلال السلام في العالم .. وفي رأيي يستحق جائزة نوبل للسلام .. فهنيئا أوباما..