تعتمد الكثير من الأمهات على التلفزيون في تربية أطفالهن، حيث يعمدن الى تركهم لساعات طويلة أمام مختلف القنوات الفضائية ،ليتسنى لهن القيام بأعباء البيت والأشغال اليومية في راحة، وفي اعتقادهن أن الأمر طبيعي ولا ضرر في ذلك، بخلق أجواء المتعة للأطفال التي تصنعها الصور المتحركة مقابل الهدوء وراحة البال. وسط إزعاج الأطفال المستمر، تلجأ كثير من الأمهات لسلوك خاطئ في تربية الأطفال بأن تتركن الأطفال أمام شاشة التلفاز لفترات طويلة ظناً منهن بأن ذلك سيدفع الطفل للسكون والهدوء، حيث ترى الأم في هذا السلوك راحة لها من الإزعاج المتواصل الذي يسببه الطفل ما بين بكاء وصراخ. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: هل تدرك الأم خطورة ترك الطفل أمام شاشة التلفاز لفترات طويلة دون أن تراقبه؟ أو على الأقل هل حاولت انتقاء القنوات والبرامج التي يجب أن يشاهدها الطفل بما يتناسب مع عمره؟ تساؤلات كثيرة تطرح نفسها خصوصاً مع تحذيرات الأخصائيين المتواصلة من خطر بقاء الأطفال والرضع لساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون، بحيث تتسبب في كثير من الضغوط على الأطفال الصغار، فالطفل الصغير حينما يشاهد الصور ينصب كل تركيزه عليها وتشد انتباهه لحد كبير جدا، لذا يشعر بالتوتر. ويبدو الطفل وهو جالس أمام التلفاز أنه في حالة استرخاء ولكن الواقع أن هذا مجرد مظهر خارجي فقط، بينما أعصابه تكون متوترة، ويكون نظام القلب والأوعية الدموية في نشاطه الأقصى. فضلاً عن أن كل ساعة إضافية تؤدي إلى معاناة الطفل من مشاكل التواصل الاجتماعي الصحيح وثقة ضعيفة بالنفس. أمهات مغلوبات على أمرهن راضية أم لطفل لا يتجاوز الأربع سنوات تركته ليتربى لوحده مع شاشة التلفزيون منذ أن بلغ الستة أشهر وصار يحسن الجلوس تقول:» أنا مسئولة عن شغل البيت لأنني أعيش مع العائلة الكبيرة وتربية طفل ليست حجة ويعتبرونها في بيت أهل زوجي تهربا من المسؤولية، لذا اضطررت لترك ابني وحيدا لساعات مع التلفزيون وبالذات مع برامج الأطفال، حيث تعود على أشكالهم وأصواتهم وصاروا جزءا من عائلته يعوضون كل شيء حتى غيابي أنا. كل ما صار يتطلبه مني أن يرضع ويشرب أما الاهتمام فلم يعد مطلوبا لأنه حتى النوم صار مرتبطا بأصوات الرسوم المتحركة. لكن وبعد أن بلغ ابني ال3 سنوات لاحظت عليه أعراضا غريبة عرفت فيما بعد بأنها أعراض مرض التوحد، فعندما عرضته على الأخصائيين أكدوا لي أن ترك الطفل أمام شاشة التلفزيون لساعات طويلة يوميا تسبب له في الإصابة بمرض التوحد. أما ربيعة فهي أم لثلاثة أطفال عاملة ولديها طفلة في الثالثة من العمر تقول: لم يكن لدي الوقت لهذه الطفلة الصغيرة، فقد كنت مسئولة عن بيت وزوج وأطفال متمدرسين أراجع معهم دروسهم وأرعاهم لاعتقادي أنهم بحاجة إلى أكثر من الصغيرة، وكم كنت سعيدة وأنا أرى بأن ابنتي تسعد بمشاهدة قنوات برامج الأطفال وتتركني لأشغالي، كانت تتابع كل البرامج بلهفة واهتمام وأول ما بدأت تتكلم نطقت بأسماء أبطال مسلسلات الأطفال وغنت أغانيهم بكل مرح ولم أعتقد أن هناك خطر من أي نوع، بل بالعكس طالما أنها كانت تبقى هادئة ولا تحدث أي ضجة ولا يبدو عليها الملل إلى أن زاد الأمر عن حده يوم اكتشفت أنها تتحدث معهم وكأنها بين أفراد الرسوم المتحركة وحتى عندما تكون لوحدها أتفاجأ بأنها تتحدث إلى نفسها كثيرا، ففكرنا في عرضها على أخصائية نفسانية لتؤكد لنا بأن الطفلة خلقت لنفسها عالما مستقلا مع شخصيات الرسوم المتحركة وانفصلت عن الواقع وفقدت كل أساليب التواصل مع الآخرين، وأضافت الأخصائية بأن قنوات الأطفال التي تكرر البرامج على غرار الاغانى والأناشيد والإعلانات التجارية هى السبب الرئيسي لزيادة معدل الإصابة بالتوحد غير الجينى للأطفال أقل من سنتين، وأضافت أن ما أصاب ابنتي هو نوع من المرض النفسي يصيب الطفل بسبب العزلة وفقد التواصل مع الآخرين والتواصل البصرى للأشياء الحقيقية فلا يستجيب الطفل للنداء وينعزل كما يتعرض لمشاكل في شهيته للطعام والنوم ويقلل الانتباه والحركة لديه. وهذا ما حدث نع ابنتي منال أضافت السيدة ربيعة بحيث صارت لا تبحث عن الطعام وتفضل العزلة والتلفزيون على الطعام. أخصائيون يشددون على التواصل مع الأبناء أكدت الأخصائية النفسانية بديعة بن محمد على ضرورة تواصل الأولياء مع أبنائهم الرضع وألقت أكبر المسئولية على الأمهات اللواتي يتركن أبنائهن للتلفزيون.مشيرة أن ترددات التلفزيون تحدث نوعا من التنويم المغناطيسى للطفل بما يبثه من صور وأصوات متعددة التردد قريبة من ترددات بعقل الطفل، ومع تكرارها تحدث نوعا من الادمان والاسترخاء للطفل فلا يستجيب لمن حوله لأنه تعود لأن يرى صورا غير ملموسة وبدون حس ولا يتفاعل. وحول طريقة تفادي هذه المشاكل، أشارت النفسانية إلى ضرورة إبعاد الطفل عن أى شاشة والإكثار من التواصل معه، و يمكن خلال أسبوعين أن يعود لحالته الطبيعية بدون أى ادوية على ألا يكون مصابا باى امراض عضوية اخرى قبل الستة أشهر الأولى من عمره. أي قبل فوات الأوان. وأضافت أن رؤية المشاهد التى تتسم بالعنف على الشاشة تزيد من درجة العدوانية لدى الأطفال كما تزيد من معدل الخوف لدى الطفل وفقدان الثقة بالنفس والمبالغة فى ردود الأفعال العنيفة كما تؤدى كثرة تلك المشاهد إلى تبلد المشاعر واللامبالاة، خاصة مع تكرار مشاهدة العنف،مضيفة أن مشاهدة التلفاز تتسبب في كثير من الضغوط على الطفل حينما يشاهد الصور ينصب كل تركيزه عليها وتشد انتباهه لحد كبير جدا، لذا يشعر بالتوتر. ويبدو الطفل وهو جالس أمام التلفاز أنه في حالة استرخاء ولكن الواقع أن هذا مجرد مظهر خارجي فقط، بينما أعصابه تكون متوترة ومشدودة، فيما يكون نظام القلب والأوعية الدموية في نشاطه الأقصى، وأوصت بألا يتجاوز جلوس الطفل أمام شاشة التلفزيون الساعتين في اليوم.