نجحت الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة في فك بعض ألغاز ظاهرة تمويل الجماعات الإرهابية بالمواد المتفجرة، والتي شكلت تحد كبير للسلطات الأمنية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، حيث تمكنت قوات الأمن من تفكيك شبكة إرهابية بولاية تلمسان تتكون من ثلاثة عناصر تنتمي لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، كانت تقوم بتهريب المتفجرات من المغرب نحو معاقل الإرهاب في الجزائر. تناقل الموقع الاليكتروني »كل شيء عن الجزائر« معلومات استقاها من مصادر أمنية تحدثت عن توقيف شبكة إرهابية بتلمسان، الجمعة الفارط، متكونة من ثلاثة عناصر، وأضافت بأن مصالح الأمن تمكنت من تعقب العناصر الثلاثة، المنحدرة من مناطق عين مريقة، سوق لخميس وسيدي سفيان بناءا على معلومات صرح بها أحد العناصر الإرهابية الموقوفة في وقت سابق. وكشفت التحقيقات الأمنية، تضيف مصادر الموقع الاليكتروني المذكور أن العناصر الثلاثة من بينهم إرهابي سابق استفاد من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، متورطين في قضايا تهريب المواد المتفجرة من المغرب نحو الجزائر، من أجل صنع القنابل، وقد عثر بحوزة العناصر الإرهابية كميات من مادة »تي أن تي« وصواعق نارية، وقالت نفس المصادر أن الجماعة المتخصصة في تهريب هذه المواد، كانت تهدف لإيصالها لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، من أجل صناعة القنابل حيث يتطلب صنع قنبلة صاعقا ناريا واحدا 480 مترا من الفتيل بطئ الاشتعال، و408 من الألغام المضادة للأفراد ويتطلب كل لغم 100غرام من مادة "تي أن تي ". وأفاد متورطون في تجارة المتفجرات أثناء التحقيق معهم من طرف أجهزة الأمن، أنهم يجلبون المتفجرات من قرية بني درار المغربية، الواقعة في إقليموجدة، إضافة إلى''ميشاميش'' الحدودية الواقعة بين الزوية والعابد ببني بوسعيد، فضلا عن الألغام الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، في حقول عين الصفراء بالنعامة، حيث تجلب الصواعق والفتيل بطيء الاشتعال الآتية من فرنسا، منمنطقة ''كابويايا''المحاذية لمنطقة سعيدية وسيدي مجاهد، التي تبعد عن مدينة مغنية بحوالي 15 كلم. وحسب مصادر عليمة، فإن الممول المغربي يحمل البضاعة إلى الحدود ليسلمها إلى الزبون الجزائري، سواء كان إرهابيا أو تاجر جملة للمواد المتفجرة لها علاقة بالجماعات الإرهابية أو وسطاء مع عناصر تشتغل لحساب تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، حيث يقوم باستلامها ويحملها على ظهره داخل حقائب، ويسلك طريق جبال عصفور الممتدة من دائرة بني بوسعيد إلى سعيدة على امتداد الحدود الجزائرية المغربية، ويمرون عبر قرية جزائرية تسمى ''غار روبان'' المطلة على المزارع المغربية، الواقعة على ضفاف الوادي الفاصل بين البلدين، وجبل الكركور في منطقة مسيرة المؤدية إلى مدينة إحفير المغربية لجلب الأسلحة والمتفجرات. وكشفت التحقيقات الأمنية من جهة أخرى أن الجزائريين الذين يتاجرون في المتفجرات يشترون بضاعتهم من الممول المغربي ب 300 دج للغم الواحد، و280 دينار جزائري للمتر الواحد من الفتيل بطيء الاشتعال، في حين يبلغ سعر الصاعق الواحد 400 دج، ليقوموا بإعادة بيعها في الجزائر إلى الجماعات الإرهابية، فضلا عن بعض الصيادين بين 500 و 550 دج للصاعق الواحد، و550 دج للغم، في حين يباع الفتيل بطيء الاشتعال بين 500 و350 دج للمتر الواحد، وتقوم هذه العصابات بتمرير الألغام داخل الغلاف الكرتوني، الذي يحوى علب السمك التونة، ويتم تعويض العلبة باللغم. وفضلا عن شبكات الجنوب المتداخلة مع شبكات تهريب المخدرات والاتجار بالبشر في منطقة الساحل الإفريقي التي تعتبر المصدر الأساسي من السلاح والذخيرة التي تصل معاقل تنظيم القاعدة في شمال الجزائر بنحو 80 بالمائة، يشكل المغرب حسب المعلومات الأمنية مصدرا حيويا بالنسبة لتنظيم عبد الملك درودكال في مجال التزود بالمواد المتفجرة التي تستعمل في تنفيذ الكمائن ضد قوات الجيش والأمن، فضلا عن تنفيذ عمليات انتحارية ضد أهداف أمنية ومدنية خاصة بالمناطق الحضرية. وكانت قضية تعقب ومطاردة شبكات تهريب المتفجرات من الجارة المغرب إلى معاقل الإرهاب تشكل رهانا كبيرا لمصالح الأمن الجزائرية للحد من نشاط الخلايا الانتحارية التي شكلت تحديا أساسيا لها منذ نهاية 2006، تاريخ انضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال رسميا لتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى » تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي«، فالنجاح المحقق لحد الآن في التصدي لهذا الخطر الجديد كان يتوقف بالدرجة الأولى على تفكيك شبكات تهريب المتفجرات والقضاء على العقول المدبرة للعمليات الانتحارية. ورغم العملية العسكرية التي قام بها الجيش الملكي، والتي تحدثت عنها الصحافة المغربية في الفترة الأخيرة وتركزت في المناطق المغربية المحاذية لجبل العصفور الواقع على التراب الجزائري، إلا أن هناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد بأن الجانب المغربي لا يقوم بما يتوجب عليه لمنع شبكات الاتجار بالمتفجرات من التسلل إلى التراب الجزائري، علما أن هذه الشبكات تتداخل في الغالب مع شبكات تهريب المخدرات والسلع الممنوعة والاتجار بالبشر.