الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات : أنشطة متنوعة وتكريم للعمال بولايات الجنوب    رسكلة: المؤسسات الجزائرية تبرز مهاراتها في الصالون الدولي لصناعة البلاستيك والتدوير والتعبئة والطباعة الجزائر    صناعة صيدلانية: شركة قطر فارما تبدي اهتمامها بالاستثمار في الجزائر    هذه توجيهات الرئيس للحكومة..    الصحراء الغربية : وفود أجنبية متضامنة تحضر فعاليات التظاهرة الدولية "صحراء ماراطون"    عشرات الآلاف يشيّعون نصر الله وصفي الدين    حق اللجوء يتراجع عالمياً    وزير الرياضة يدعو الصحافة الوطنية إلى تشكيل جبهة لمواجهة الحملات الخارجية    شارمبيرا يُهنّئ الجزائر    البروفيسور محبوبة براح تؤكّد التزام الدولة    المال بدل قفة رمضان    نظارات لفائدة التلاميذ    شنقريحة يشيد بحركية الدبلوماسية    42 بالمائة من المياه الصالحة للشرب ستؤمن من مصانع التحلية    المجلس الشعبي الوطني: وزير الثقافة والفنون يستعرض واقع وآفاق القطاع أمام لجنة الثقافة والاتصال والسياحة    البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية للتصدي لمخطط تهجير الفلسطينيين    السيد مراد يلتقي بمدريد بنظيره الاسباني    سايحي يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية المستقلة للقابلات الجزائريات للصحة العمومية    وساطة الجمهورية: التكفل ب 97 بالمائة من عرائض المواطنين خلال سنة 2024 بولاية جانت    الوزير الأول يشرف بحاسي مسعود على مراسم إحياء الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات    العاصمة..المديرية العامة للأمن الوطني تطلق الحملة الوطنية للتبرع بالدم    ياسع يشارك بالصين في أشغال الجمعية العامة للهيئة الأممية للتغيرات المناخية    القنوات السمعية البصرية مدعوة خلال رمضان إلى تقديم برامج متنوعة وراقية    تأميم المحروقات من اهم القرارات الحاسمة في تاريخ الجزائر المستقلة    حمدي: قرار تأميم المحروقات..نقطة تحول في مسار التنمية وتعزيز للمكانة الجيو-سياسية للجزائر    نعم انتصرت المقاومة وإسرائيل تتفكك رويدًا رويدًا    محروقات: وكالة "ألنفط" تعتزم إطلاق مناقصة دولية جديدة في أكتوبر المقبل    بوغالي يعزي في وفاة ثلاثة عسكريين أثناء أداء واجبهم الوطني بعين تيموشنت    كرة القدم (داخل القاعة): المنتخب الوطني يشرع في تربص اعدادي بفوكة (تيبازة)    المجلس الوطني الفلسطيني: استخدام الاحتلال للدبابات في "جنين" يهدف لتدمير حياة الفلسطينيين    كرة القدم/ الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 17): مولودية الجزائر تفوز على نادي بارادو (3-1) وتعمق الفارق في الصدارة    رؤية شاملة لمواصلة لعب الأدوار الأولى    رؤية استشرافية متبصرة لريادة طاقوية عالمية    محطات تحلية المياه مكسب لتحقيق الأمن المائي    ترقية التعاون جنوب-جنوب في مجال الطوارئ الكيميائية    "طيموشة" تعود لتواصل مغامرتها في "26 حلقة"    "إسكوبار الصحراء" تهدّد مملكة المخدرات بالانهيار    بونجاح وعبدلي يؤكدان جاهزيتهما لتصفيات المونديال    خارطة طريق جديدة للقضاء على النفايات    وفد عن مجلس الأمة يشارك في مؤتمر عربي    تتويج زينب عايش بالمرتبة الأولى    الشوق لرمضان    توقيف لاعبَيْ مولودية الجزائر واتحاد بسكرة 6 مقابلات    سيطرة مطلقة للمنتخب الجزائري    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    مدرب مرسيليا الفرنسي يوجه رسالة قوية لأمين غويري    نادي ليل يراهن على بن طالب    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    تراث مطرَّز بالذهب وسرديات مصوَّرة من الفنون والتقاليد    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سطور من مدونة ابن خلدون..
نشر في صوت الأحرار يوم 08 - 08 - 2014

رحل عبد الرحمن بن خلدون عن دنيانا هذه، وترك للإنسانية منبعا ثريا لا ينضب معينه طالما أشرقت شمس وغربت. ويقول العارفون بأمره إنه امتنع في أثناء وضعه مقدمته الشهيرة عن الإفضاء بكل ما جاش به خاطره، وما عايشه وعرف كنهه عن سيرورة الحياة في عدد من الأماكن والبقاع التي خبرها عن كثب. وهذه السطور تشير إلى أنه كان ساخطا على الأعراب في زمنه بعد أن عاين ما فعلوه في أرض المغرب العربي
أيها القارئ، كنت أنوي أن أحدث بابا في أن أعراب الأعصر القادمة سيكونون أشد كفرا ونفاقا من سالفيهم، بيد أنني تمالكت نفسي وأنا محتجب عن الناس في قلعة بني سلامة بالمغرب الأوسط مخافة أن تلصق بي تهمة أخرى كتلك التي ما زال بعض الجهلة ينسبونها إلي، أي زإذا عربت خربتّ!س وأنت تعلم، أيها القارئ، أن مثل هذه التهمة الفاحشة أشبه ما تكون بامرض خبيث لا يبرأ الإنسان منه، وعليه، تركت فكرة إحداث هذا الباب في أعمق أعماق وجداني، وحرصت على ألا ينسل منها وأقع في ما لا تحمد عقباه. كفاني ما قاله البعض عني من أنني لم أنظر بعين التقدير لعائلتي عندما ابتلعها البحر الهائج وهي على وشك أن تدخل ميناء الإسكندرية.
بعد أن غادرت الرواق الذي ضربه تيمورلنك غير بعيد عن الديار المشقية، اتخذت سبيل العودة إلى أرض القاهرة المحروسة. وأحسب أنني اضطلعت أحسن الاضطلاع بمهمتي الدبلوماسية لدى ذلك القائد الجبار، بل، وأفضل من تلك التي قمت بها في مدن شمال الأندلس عندما دخلت في مفاوضات طويلة مع ملوك الاسترداد الكاثوليكي. وكنت ? أيدك الله أيها القارئ- قد نزلت عند طلب تيمورلنك بوضع وصف مدقق عن أحوال المعاش في المغرب الجواني والمغرب البراني، وانتهيت من ذلك في ظرف خمسة وثلاثين يوما. أجل، دبجت اثنتي عشرة كراسة بالخط المغربي، دونت فيها كل ما أعلمه عن مسقط رأسي في تونس وحياتي في الأندلس وفي المغرب الأوسط، وإقامتي في بجاية ثم في قلعة بني سلامة حيث وضعت مقدمتي المعروفة. وفي طريق العودة من معسكر تيمورلنك لحق بي رسول له ونقدني ثمن البغلة التي بعتها إياه بإلحاح منه، فما كان أشد عجبي بذلك الجبار الذي عبر الفيافي والسهوب ودمر الممالك والمدن. أجل، أيها القارئ، تيمورلنك بنفسه اشترى مني بغلتي ولم يتردد في دفع ثمنها على الرغم من أنني أصررت على إهدائها له! هل سيأتي حكام الأعصر القادمة ثل هذا الصنيع؟ لست أدري.
ولكن، حين ابتعدت مسافة فراسخ قليلة عن مدينة زصفدس في أرض فلسطين هاجمني عدد من الأعراب الذين لا يحترمون إلا ولا ذمة، وسلبوني كل متاعي، بل زادوا، وانتزعوا ثيابي عن آخرها فاضطررت إلى أن أخصف أوراق الشجر وأن أتقوقع على نفسي في غابة مجاورة منتظرا أن يجيء من ينتشلني من تلك الوهدة.
لك، أيها القارئ، كانت حال الأعراب الفساق الفجار في زمني، لكن قراءة الطوالع جعلتني أشكك في أولئك الذين سيخلفونهم في هذه الأرض، وفي أرض فلسطين بالذات وما يليها من بلاد العرب الأقحاح.
أنا الآن أتساءل عن موقع صفد من الخريطة العربية والأراضي التي ذرعتها بقدمي طولا وعرضا، من شمال الأندلس إلى بيت الله الحرام والقاهرة ودمشق والحواضر التي اكتظت عن آخرها بأولئك الأوباش من الأعراب، قبحهم اللهَّ
بل سيظل أولئك الأعراب على نفس القوة والجشع؟ أغلب الظن أنهم سيكونون على نفس الشاكلة طالما أن قرناء السوء من أشباههم كثيرون في هذه الأرض التي تدعي العروبة والإسلام ونصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين. أنا لا يمكنني أن أعرف شيئا عن السلاح الذي سيستخدمه أولئك الأقوام في الأزمنة القادمة، لكن، باستقراء أحداث التاريخ من حولي، أميل إلى الاعتقاد بأن التنافر بين أولئك الأعراب أنفسهم سيزداد على مر الأيام. والدليل على ذلك أنهم يتفرجون على بعضهم البعض وهم يذبحون على مرمى حجر منهم، وليس على بعد فراسخ.
والراجح في رأيي أيضا هو أن أعراب الأعصر القادمة سيفتحون خيامهم لغزاة جدد حبا منهم في المكر والنيل من بعضهم البعض أنا لم أعرفهم معرفة حقة، لكنني أبصرت بهم ينتشرون كالجراد في إفريقيا وفي المغرب الأوسط، ويأتون على كل شيء، وذلك من صنيع الجراد فعلا. يزعمون أنهم قبائل أصيلة عريقة، لكنهم سقاطات شعوب ليس إلا.
عندما جردوني من ثيابي في أرض فلسطين بعد أن اجتهدت بكل ما في وسعي لكي أوقف زحف ذلك الجبار القادم من أقصى سهوب آسيا، أدركت أنه لا بد من القضاء عليهم لكي تستقيم ممالكنا ودولنا في المستقبل. وعلى الرغم من أنني لا أميل إلى العنف، وأنني بطبعي، محب للحوار والتحاور من أجل سبر أغوار المجتمع الذي أتحرك فيه، إلا أنني أميل إلى الإيمان بضرورة القضاء على كل من يتمرد على القوانين التي وضعها الخالق من أجل سيرورة المجتمعات الإنسانية في أحسن الأحوال.
عليه، فأنا أشك في مستقبلنا وسط أولئك الأعراب الذين سبق لهم أن استولوا على ما أملكه في أرض فلسطين، والذين تنكروا للجهد الذي بذلته من أجل إنقاذ ما تبقى من الحضارة الإسلامية في المشرق وفي المغرب.
أكتفي، أيها القارئ الكريم، بتدوين هذه السطور وأنا في قمة الغضب على الرغم من أنه لا ينبغي على من نذر حياته كلها لفهم أسرار المجتمعات الإنسانية أن يخرج عن الطوق ويكف عن استخدام عقله. وأحب بهذه المناسبة ألا تقع هذه الورقات بين يدي من يقرأها قراءة عوجاء وينسب إلي أقاويل لم تخطر على بالي أبدا,
¯ هامش:
يبدو أن حدس عبد الرحمن بن خلدون كان في محله على الرغم من أن الحدس في نظر البعض هو من قبيل الظن، والظن لا يغني من الحق شيئا. ولنا اليوم دليل على حصافة رأي ابن خلدون في ما يرتكبه الصهاينة في أرض فلسطين بمرأى ومساعدة من الأعراب، قبح الله شأنهم إلى يوم الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.