تنطلق اليوم بالجزائر الجولة الثانية من مفاوضات سلام »جوهرية« بين فرقاء الأزمة في مالي وذلك في إطار المبادرة الجزائرية لدعم الحوار المالي-المالي الشامل من أجل التوصل إلى حل شامل لأزمة شمال هذا البلد. يأتي عقد المفاوضات »الجوهرية«بين أطراف النزاع المقرر اليوم استكمالا للمرحلة الأولى من الحوار بدعوة من الجزائر التي احتضنت فعالياته في الفترة من 17 إلى 24 جويلية المنصرم وتوج بتوقيع حكومة مالي وستة حركات سياسية عسكرية من شمال مالي على وثيقتين تتضمنان »خارطة الطريق للمفاوضات في إطار مسار الجزائر« و »إعلان وقف الاقتتال«. وأوضح بيان لوزارة الخارجية أنه » في إطار تنفيذ خارطة الطريق الموقعة في 24 جويلية الماضي بالجزائر العاصمة عقب مشاورات مع الأطراف المالية التي شاركت في المرحلة الأولى للحوار المالي الشامل من 17 إلى 24جويلية حددت الجزائر بصفتها الطرف المشرف على الوساطة تاريخ انطلاق المفاوضات المالية الجوهرية في إطار مسار الجزائر في الفاتح سبتمبر بالعاصمة الجزائرية«. وتأتي الجولة الثانية و النهائية من المفاوضات بين أطراف الصراع المالي في ظروف توحي بمؤشرات ايجابية حيث تم تحرير الرهينتين الجزائريتين الأخيرتين من بين الرهائن السبعة الذين أختطفوا في أفريل 2012 في غاو شمال مالي عشية انطلاق الحوار المالي. كما يأتي اجتماع اليوم غداة إجراء محادثات بالعاصمة البوركينابية واغادوغو بين مجموعات مسلحة ناشطة في شمال مالي، حيث اجتمعت الأطراف المعنية الثلاثاء الماضي بهدف خلق »انسجام« بين مطالبها قبل مواصلة مسار »الحوار بين الماليين« في الجزائر شهر سبتمبر المقبل حسبما أكده مشاركون. وأكد المكلف بالعلاقات الخارجية في التنسيقية من أجل شعب الأزواد محمد عصمان آغ محمدون أن »الأمر لا يتعلق بالضرورة بتشكيل إجماع حول المطالب نحن نسعى إلى التوفيق بين مطالبنا بناءا على الالتزامات المتخذة في واغادوغو 2012 وتلك المتخذة في ورقة طريق الجزائر« وإيمانا منها بدعم الحل السياسي وفقا مبادئ سياستها الخارجية تعمل الدبلوماسية الجزائرية »بدون هوادة « على إنجاح الحوار على حساب الحل العسكري منذ تفجر الصراع في شمال مالي عام 2012 . و في هذا السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة عشية انطلاق الدورة السادسة للجنة الاسترتيجية الجزائريةالمالية أن حوارا »معمقا« بين الأطراف المالية حول الوضع في شمال مالي سيميز الجولة الثانية من المفاوضات المالية المالية و هذا في إطار احترام سيادة الدولة و الشعب الماليين و بمشاركة فاعلين إقليميين و قاريين«. ومن جهته، أوضح وزير الشؤون الخارجية و الاندماج الإفريقي و التعاون الدولي المالي عبدو اللاي ديوب أن »خارطة الطريق التي تم رسمها في هذا الإطار قد »دعمها الشعب المالي بإجماع واسع«، معربا عن استعداد حكومته لبحث كل الخيارات السياسية و الأمنية من أجل التوصل إلى سلم مستديم بمالي. وقال الوزير المالي قدومنا إلى الجزائر ب»روح متفتحة جدا« و استعداد من أجل بحث مع»أشقائنا بشمال مالي« كل السبل الممكنة بهدف التوصل إلى اتفاق شامل و نهائي للأزمة المالية. وأشاد وزير الشؤون الخارجية و الاندماج الإفريقي و التعاون الدولي المالي عبدو اللاي ديوب المالي بدور رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة و الحكومة الجزائرية وب»الجهود المبذولة من أجل استعادة السلم و الإستقرارو الازدهار في مالي«، مؤكدا ثقته في الجزائر و في مؤسساتها من أجل تحقيق السلم في هذا البلد، منوها »بالالتزام الشخصي للرئيس بوتفليقة لدعمه الشخصي الذي نأمل أن يستمر«.وعلى المستوى السياسي، أبرز تقرير لمجلس السلم و الأمن التابع للاتحاد الإفريقي بأن »الجهود التي باشرتها الجزائر سمحت بالإطلاق الفعلي لمفاوضات السلام الشاملة في شمال مالي« بدعم عدة أعضاء من المجتمع الدولي/الاتحاد الإفريقي و المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا و الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي و منظمة التعاون الإسلامي و البلدان التابعة للمنطقة: بوركينا فاسو و موريتانيا و النيجر و التشاد. كما أشاد رؤساء دول و حكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا»إيكواس« بمبادرة الجزائر بتنظيم المرحلة الأولى من الحوار المالي في ختام أشغال دورتهم العادية التي عقدت في 12 جويلية الماضي باكرا بغانا، معربين عن »استعدادهم لمواصلة دعمه لمسار السلم الجاري »الذي باشرته الجزائر«، مجددة التزامها إزاء وحدة مالي وسلامته الترابية«. وحذت الأمم المتحدة حذو التجمع الإقليمي في دعم دور الجزائر ووساطتها الحكيمة في إحكام لغة الحوار بين الفرقاء الماليين ، حيث رحب الأمين العام للأمم المتحدة بتبني خارطة الطريق مؤكدا ضرورة »خلق الظروف المواتية لإنجاح المفاوضات الجارية« و أعرب الاتحاد الأوروبي عن ارتياحه لنجاح الأطراف المتنازعة في تبني خارطة الطريق بوساطة جزائرية في وضع إطار للجولة الثانية من المفاوضات من أجل التوصل إلى حل شامل الأزمة في شمال مالي، ومن جهتها، أعربت فرنسا التي تدخلت عسكريا لصد الجماعات المسلحة في شمال مالي على لسان رئيسها فرانسوا هولاند عن دعمها »دون تحفظ « لدور الجزائر في مسار السلام في شمال مالي.