تتساءل وسائل الاعلام منذ أيام، عن موعد انعقاد المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني للفصل في ملف عبد العزيز بلخادم، وذهب البعض منها إلى الاجتهاد في طرح الخيارات حول معالجة الموضوع، هل من خلال المرور على لجنة الانضباط أم عبر قرار يصدر عن القيادة، بالاعتماد على النصوص التي تحكم تسيير الحزب وتضبط سيره. إن المكتب السياسي يعقد اجتماعاته في الظرف المناسب، وحسب ما تقتضيه الأحداث والرزنامة المسطرة، لذلك فإن التئام القيادة يكون حول جدول أعمال تقرره بناء على التزامات محددة وبرنامج مضبوط وأهداف واضحة. وإذا كان هناك من يتساءل عن قضية الأمين العام السابق، فإن المسألة تبدو محسومة، من حيث أن رئيس الجمهورية، رئيس الجزب قد أصدر قراره وأوكل إلى الأمين العام مهمة تنفيذ القرار، الذي لا يحتاج إلى اجتهاد في التفسير والتطبيق، خاصة وأنه لا يحتمل إلا قراءة واحدة، تضمنها بوضوح البيان الصادر عن الرئيس نصا وروحا. إذن، لقاءات القيادة ليست مرتبطة تحديدا بهذه المسألة كما أن عقارب ساعة الحزب ليست متوقفة عند هذا الموضوع، بل هي مضبوطة على قضايا جوهرية وحيوية تتصل أساسا بمستقبل حزب جبهة التحرير الوطني، وفي مقدمتها استحقاق المؤتمر العاشر الذي لا تفصلنا عن موعده القانوني إلا بضعة أشهر. إن هذا الحدث السياسي الهام، الذي يترقبه المناضلون ويعلقون عليه كل الآمال، يقتضي التجند والتعبئة وتركيز الجهود على الأساسيات وعدم صرفها أو تبديدها في الهامشيات، ولعل الأهم في هذا الظرف هو الاستعداد من الآن لتنظيم مؤتمر ناجح، يكرس وحدة الحزب ويعطي إشارة الانطلاق لمرحلة جديدة، عنوانها البارز هو التمكين لحزب جبهة التحرير الوطني، بتعزيز مكانته وبلورة مواقفه وتكريس ريادته السياسية. في إطار هذه الرؤية الواضحة، يندرج اجتماع المكتب السياسي المقبل، وعلى طاولته قضية محورية تخص المؤتمر العاشر واللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية، وما يتطلبه هذا الموعد الحاسم من جدية ومسؤولية ومشاركة فعلية للقواعد النضالية. هذه هي رهانات حزب جبهة التحرير الوطني بالنسبة لهذه المرحلة وهي أكبر وأهم من الجدل الدائر هذه الأيام، إذ الملاحظ وكأن الهدف هو حصر النقاش في مسألة محسومة قانونيا وسياسيا وأخلاقيا، يراد إشغال الحزب بها وشد أنظار المناضلين خصوصا والرأي العام عموما. سيلتقي المكتب السياسي في الوقت الذي ترى القيادة أن الاجتماع ضروري لبحث ودراسة ملفات محددة، مع العلم أن هيئات الحزب وهياكله، أمينا عاما ومكتبا سياسيا ومحافظات وقسمات، تمارس مهامها ونشاطها في ظروف عادية، وهي على أهبة الاستعداد لتحضير الاستحقاقات السياسية المقبلة، في أجواء هادئة ومطمئنة. إن المستقبل هو الهاجس بالنسبة للقيادة، أما الجدل الذي يراد به التلهية، فهو ليس ذا أولوية أو أهمية، وهذا من منظور أن حزب جبهة التحرير الوطني قد اعتمد لنفسه خطة طريق تتصل أساسا بتأمين وحدته وتعزيز تماسكه والإثبات على أنه صانع الحدث السياسي في الجزائر وأن حيويته هي التي تعطيه القدرة على التجدد وتجعله مستعدا لتقديم البدائل العملية لرفع التحديات المستجدة.