قالت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية والتعاون في المغرب، مباركة بوعبيدة أن الجزائر طرف في النزاع القائم في الصحراء الغربية، وزعمت الوزيرة المغربية في التصريح الذي خصت به وكالة الأنباء الاسبانية على هامش المؤتمر الوزاري حول الاستقرار والتنمية في ليبيا الذي احتضنته مدريد، أن خطة الحكم الذاتي هي الحل الأمثل لهذا الصراع، وجاءت هذه التصريحات في سياق الحملات المتتالية التي تقوم بها الرباط ضد الجزائر منذ فترة وأصبحت اشد خطورة خلال الأشهر الأخيرة، خاصة بعدما أصبحت الأدوار تتوزع بشكل محسوب بين أعضاء الحكومة وباقي الرسميين في المغرب، وعدد من الوسائط الحزبية والجمعوية وبعض المنابر الإعلامية التي تخدم هدف واحد وهو تشويه صورة الجزائر وتحميلها المسؤولية عن التوتر الذي يطبع العلاقات بين الجزائر والمغرب منذ سنوات ويبدو أن التحامل على الجزائر أصبح بمثابة المقياس الذي يقيس به المغرب درجة الولاء لنظام المخزن، فالتهافت على سب الجزائر أو توجيه اتهامات جزافية ضدها تحول إلى ميدان للمنافسة بين زبائن النظام المغربي، وقد تسبب ذلك في الكثير من المرات في نزول النقاش حول الملفات المختلف حولها بين الجزائر والمغرب، إلى مستويات متدنية، بل إن الدبلوماسية المغربية فقدت في الأنة الأخيرة أبسط الأخلاقيات وأصبحت تتصرف كالفيل الهائج في محل للخزف كما يقول المثل الشائع، والنتيجة أن العلاقات بين الجزائر والمغرب تزداد توترا يوما بعد يوم، وتصل أحيانا إلى منعرجات خطيرة تنبئ بدخول البلدان في ما لا يحمد بعقباه، خاصة بعد التوترات التي عرفتها الحدود والتراشق بالاتهامات بخصوص مشكلة اللاجئين السوريين والأفارقة الذين تصر الرباط على طردهم نحو الجزائر وتزعم أن قوات الأمن الجزائرية هي من يدفع بهم نحو التراب المغربي. منذ فترة قصيرة وجه احد المسؤولين المغاربة نصيحة لنظام المخزن قال فيها عبر إحدى القنوات التلفزية المغربية أن الجزائر تواجه أياما عصيبة بفعل القلاقل الأمنية التي تحيط بها من كل جانب، وأشار بالتحديد إلى المشاكل التي يعرفها شمال مالي وليبيا وتونس، مضيفا بأن المطلوب من المغرب أن يستغل ذلك لإرغام الجزائر على تقديم تنازلات في مسألة الحدود وقضية النزاع في الصحراء الغربية، والمؤكد أن هذا الشخص الذي بدا من خلال كلامه وكأنه قد اكتشف المريخ، لم يقدم أي شيء جديد يفيد نظام المخزن الذي يعمل أصلا ومنذ عقود على الاستثمار في كل ما يعتقد أنه فرصة يمكن من خلالها أن يحقق أهدافه أو يحصل على تنازلات من الجزائر، فالمغرب قام بغزو الجزائر مباشرة بعد الاستقلال اعتقادا منه بأن الجزائر ضعيفة وقد خرجت منهكة من الاستعمار، وان الفرصة سانحة للاستيلاء على جزء من أراضيها، وفي تسعينيات القرن الماضي جرب محاولة ضرب أمن الجزائر واستقرارها اعتقادا منه بأن انشغالها بمكافحة الإرهاب سوف يسمح للمغرب بان يحقق بعض أهدافه، واستقبال الأمير الوطني السابق للجماعة الإسلامية المسلحة عبد الحق لعيايدة، المدعو »العيادة« وتكليفه بمهمة تصفية بعض قيادات البوليساريو في الجزائر هو أحسن دليل على ذلك، ويعتبر قرار فرض التأشيرة على الجزائريين بعد تفجيرات فندق »أسني« بمراكش سنة ,94 محاولة أيضا لإضعاف موقف الجزائر التي اتهمتاها الرباط بتدبير التفجير الإرهابي. لقد حاول المغرب الاستثمار في الحرب التي عرفتها ليبيا وانتهت بالقضاء على نظام العقيد معمر لقذافي، من خلال تأليب بعض فصائل »الثوار« ضد الجزائر واتهامها بدعم كتائب القذافي أو بإرسال مقاتلين من جبهة البوليساريو للقيام بهذه المهمة، وتأكد الليبيون أنفسهم من عدم صحة هذه الاتهامات، مع هذا واصل المغرب ومخابراته المحاولات لضرب أمن الجزائر وتمثل ذلك في استقبال النظام المغربي لعدد من قيادات بعض الفصائل الإسلامية التي تسيطر على بعض المناطق داخل ليبيا، علما أن العاهل المغربي محمد السادس كان قد استقبل ولأكثر من مرة قياديين في الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وكان الهدف طبعا هو إفشال الوساطة الجزائرية في شمال مالي، وضمان بقاء شمال مالي يشتعل حتى تبقى الجزائر منشغلة بإطفاء الحرائق التي تحيط بها من كل جانب ولا تلتفت إلى الممارسات التي يقوم بها النظام المغربي على الحدود أو إلى القضية الصحراوية.