أصبح لا يمر يوم أو شهر إلا ونسمع عن ضحية جديدة لجرائم القتل بولاية عنابة، يكون فيها الضحية والقاتل صديق أو جار والأسباب دائما تكون تافهة، لا تستحق إزهاق روح بريئة وهو ما تسجله التحقيقات الأمنية أثناء توقيفها للجناة الذين يبدي بعضهم الندم أحيانا، متحججين بعبارة لم أكن أقصد أن أقتل، والمطلوب اليوم هو وضع استراتيجية أمنية واجتماعية جادة لمحاصرة كل تلك الجرائم التي تهتز لها المشاعر والنفوس. استفحلت جرائم القتل في عنابة بشكل ملفت ومرعب خلال السنة الجارية، أبطالها من الجنسين ومن مختلف الأعمار، حيث تحصي »شيكاغو الجزائر« كما يطلق عليها العشرات من القضايا، التي أسفرت عن 10 ضحايا منذ بداية السنة، أحيانا تكون بمعدل جريمتين في الشهر وهو الأمر الذي جعل الخوف يتسلل إلى قلوب المواطنون من تسجيل ضحايا آخرين خلال الثلاثة أشهر المتبقية، وقد كان أخر الجرائم تلك التي وقعت في بلدية حجر الديس بسيدي عمار نهاية الأسبوع الماضي، الذي كانت القاتلة فيه فتاة والضحية فتاة في عمر الزهور نتيجة خلافات تافهة وذلك بواسطة سلاح أبيض تمثل في سكين وجهت لها من خلاله طعنات على مستوى الصدر أردتها قتيلة تركتها تصبح في بركة من الدماء، ولهول المشهد حاولت الانتحار بنفس الأداة حيث سقطت بجانب ضحيتها لكن حسب مصادر أمنية فهي تخضع للعناية في المستشفى في انتظار محاكمتها ومعرفة دوافع وأسباب جريمتها في حق صديقتها وجارتها. ويطالب سكان المنطقة وبونة الذين التقتهم »صوت الأحرار« خلال أدائها واجب العزاء، بضرورة وضع استراتيجية أمنية واجتماعية جادة للتقليل من الظاهرة التي تنخر المجتمع العنابي، التي يكاد فيها عدد الضحايا يساوي أو يفوق ضحايا السنة التي قبلها حيث أنه وحسب المعلومات المتحصل عليها، فإن سنة 2012 عرفت تسجيل13 ضحية جرائم قتلوا بأبشع الطرق وبمختلف الأسلحة البيضاء، بالإضافة إلى ذلك يطالب السكان بضرورة نصب كاميرات المراقبة في كل مكان وليس في الأماكن المعروفة بكثرة الحركية لأن حسبهم هناك لصوص ومجرمين يرتكبون جرائمهم في مناطق الحركة فيها قليلة أو بالأحرى مناطق معزولة. وأرجع بعض المختصين ومصادر أمنية أسباب تفشي هذه الظاهرة بشكل مقلق وسط العنابيين الذين باتوا يحنون إلى زمن السكينة والهدوء والأمن، إلى الخمور والمهلوسات والمخدرات التي تكون سببا مباشرا في ارتكاب تلك الجرائم المروعة، التي نسجت خيوطها على بونة التي أصبحت تشتهر بكثرة الإجرام بمختلف أنواعه، الذي يبدأ بشجار ومناوشات ليتطور إلى جريمة قتل تهتز لها المشاعر والنفوس، خاصة وأنها تكون أحيانا أكثر من البشاعة في حد ذاتها، في حين أرجع البعض الآخر السبب إلى تهدم قيم الأخلاق بسبب انتشار الفضائيات والانسياق وراء ما يأتي من البحار من تقليد أعمى لكبار المجرمين وآخرون حملوا المسؤولية للأولياء الذين لا يتابعوا أبنائهم، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية القاهرة التي تمر بها بعض العائلات العنابية من عوز وفقر تضطرهم إلى السرقة ومنه القتل في حال تعرف الضحية عليهم وكذلك إلى مشاكل قديمة بين الضحية والقاتل أو بالأحرى تصفية حسابات. للإشارة ورغم الإجراءات الأمنية والمجهودات المبذولة إلا أن الجريمة بكل أنواعها في تزايد سنة إلى أخرى، حيث أصبح المطلوب إيجاد استراتيجية أمنية واجتماعية محكمة أكثر من ضرورة يكون فيها الكل مسؤولا، مع التأكيد على دور الأئمة في المساجد في نبذ كل أشكال العنف والجريمة.