اقتنع أفراد الشرطة المحتجين بالوعود التي قدمها لهم الوزير الأول عبد المالك سلال بالتكفل بأغلب انشغالاتهم المهنية والاجتماعية، بحيث غادرت آخر مجموعة من المعتصمين أمام مقر رئاسة الجمهورية بعد ظهر أول أمس الخميس وهي الخطوة التي اتبعتها خطوات في جل الولايات التي عرفت الاحتجاجات و طرحت تساؤلات كثيرة حول خلفياتها وأهدافها الحقيقية. نجحت السلطات في تفكيك خيوط الأزمة الخطيرة التي فجرها وبطريقة غير مسبوقة أفراد الشرطة التابعين لوحدات الجمهورية للأمن، وبمغادرة بعد ظهر أول أمس الخميس، آخر مجموعة من أعوان الشرطة المعتصمين أمام مقر رئاسة الجمهورية للتعبير عن مطالبهم الاجتماعية والمهنية، يكون هذا الملف قد طوي في انتظار تلبية السلطات لمطالب المحتجين وتنفيذ الوعود التي قطعتها أمامهم. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مدير الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني العميد أول جيلالي بودالية قوله أن المديرية العامة للأمن الوطني اتخذت إجراءات تحفيزية مهنية واجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الشرطة المحتجين التابعين للوحدات الجمهورية للأمن، مضيفا أن المديرية العامة للأمن الوطني»ستتكفل بجميع انشغالات أعوان الأمن المحتجين والمتعلقة بتحسين ظروفهم المهنية والاجتماعية خاصة ما تعلق منها بالسكن وبالتعويضات المالية وتحديد مدة العمل والانتداب في مناطق الجنوب«. ومن بين ما استفاد منه أعوان الأمن الترقيات إلى رتب أعلى وفق ما يقتضيه القانون، كما قال مدير الاتصال، الذي أشار في ذات الوقت إلى أن قرابة 70 ألف شرطي من كل الرتب استفادوا خلال السنوات الأربع الأخيرة من ترقيات في رتب أعلى وعن موضوع الترقيات داخل مؤسسة الأمن الوطني أكد بودالية بان إنشاء نظام خاص بهذا الملف سمح بتسيير وضبط مسارات ترقيات موظفي الأمن الوطني كل ستة أشهر وفق معايير محددة. وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد التقى الأربعاء الفارط بالجزائر العاصمة بممثلي أعوان الشرطة المحتجين وأكد أنه تم التكفل ب12 مطلبا رفعها أفراد الأمن الوطني المحتجين وسمح اللقاء الذي جاء »تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة« لممثلي أعوان الشرطة بطرح انشغالاتهم حسبما أكده سلال الذي أعلن عن عقد اجتماع غدا الأحد مع الوزارات المعنية للنظر في كيفية التكفل بهذه الانشغالات الرامية إلى تحسين ظروف عمل أفراد الأمن الوطني وأوضح الوزير الأول ردا على انشغالات أفراد الشرطة المحتجين حول التسيير على مستوى الوحدات والإدارة، أنه سيتم القيام بتحريات في هذا الشأن، مشيرا إلى أن الجهود »ستتواصل من أجل تحسين ظروف عمل أفراد الشرطة« كما أكد على أهمية الحوار بين أفراد الشرطة ومسؤوليهم للعمل على إيجاد الحلول الملائمة لكل المشاكل المطروحة، وأعلن من جانب آخر عن تدابير أخرى سيتم اتخاذها في الأسابيع القادمة من أجل تحسين أكثر لظروف عمل هذا السلك، يشار إلى أن وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز تنقل الثلاثاء الفارط إلى ولاية غرداية رفقة المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل للإطلاع على انشغالات أعوان مصلحة حفظ الأمن الذين شنوا حركة احتجاجية للفت انتباه الوصاية بخصوص »ظروف عملهم«. وقام أفراد من الشرطة الثلاثاء الفارط مسيرة سلمية وصامتة بالعاصمة انطلقت من الطريق الاجتنابي الشمالي للعاصمة وتجمعوا أمام قصر الحكومة إلى غاية ساعة متأخرة من الليل ليواصلوا حركتهم في اليوم الموالي، أي الأربعاء من خلال تنظيم تجمع أمام مقر رئاسة الجمهورية لرفع مطالبهم وفي وثيقة وزعت على الصحافة طالب المحتجون بزيادة في الأجور والمنح وكذا الحق في السكن الاجتماعي بالنسبة لأعوان الشرطة وتحسين ظروف عملهم، كما طالبوا بإنشاء نقابة مستقلة للدفاع عن حقوقهم الاجتماعية والمهنية. وطرحت هذه الحركة الاحتجاجية تساؤلات كمثيرة حول خلفياتها ، خاصة وأن الجزائر لم تعرف حتى في أوج الأزمة الإرهابية وسنوات الجنون الإرهابي حركة احتجاجية في سلك يمنع عنه مثل هذه الحركات بالنظر إلى حساسيته وبالنظر إلى الأهمية التي يشكلها بالنسبة لأمن البلد والمواطنين، علما أن الحركة الاحتجاجية إلى قام بها أعوان الأمن التابعين لوحدات الجمهورية انطلقت من غرداية لتصل العاصمة وتشمل بعض الولايات الأخرى، وجاءت في ظل مناخ امني وسياسي غير طبيعي مما شجع على تقديم قراءات عديدة ومختلفة حاولت الربط بين الاحتجاجات وما يسمى بصراع الزمر داخل دواليب الحكم.