تستعد الحكومة بموجب مسودة مشروع قانون البلدية الموجود حاليا قيد الدراسة على مستوى الحكومة قبل عرضه على البرلمان، لوضع إطار جديد خاص بمدينة الجزائر والمدن الكبرى، كما يحمي مشروع القانون المنتظر عرضه على البرلمان الأميار من عمليات سحب الثقة، ويلزمهم بأداء القسم أسوة بالمؤسسات الدستورية. تضمن مشروع قانون البلدية والولاية إجراءات وتعديلات تستجيب للتحديات التي تواجهها الجماعة المحلية والتأقلم مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية الجارية ومسار الإصلاحات الشاملة التي شرع فيها منذ سنوات، ومن بين أبرز التعديلات الأساسية المتضمنة في النص الجديد لقانون البلدية الوارد في 385 مادة مقابل 158 في قانون البلدية الحالي، العودة إلى العمل بالنظام القانوني والإداري الخاص بالجزائر العاصمة، والمتمثل في نظام مجلس مدينة الجزائر الرامي إلى التحكم أكثر في تنمية وتهيئة المدينة، ويتكون المجلس من رئيس ينتخب من بين أعضاء المنتخبين في الولاية ومندوبين ينتخب ثلثهم عبر الانتخاب المباشر من بين أعضاء المجالس البلدية لولاية الجزائر، وثلث يعين من قبل رئيس الجمهورية، وفق ما نصت عليه المادة 250 من المشروع. ويلزم المشروع رئيس مجلس مدينة الجزائر بآداء قسم خاص في جلسة عامة يحضرها كل الأعضاء المجلس ويرأسها والي ولاية الجزائر حيث يتلى القسم تحت إشراف رئيس مجلس قضاء مدينة الجزائر، كما ستخضع المدن التي يصل عدد سكانها إلى 200 ألف نسمة أو أكثر إلى إجراءات جديدة في إطار القانون الجديد المسير للبلديات، حيث سيتم تقسيم هذه الأخيرة إلى مناطق حضرية محددة إقليميا. جلسة علنية وثلاثة أرباع المجلس لسحب الثقة من الأميار ومن بين الإختلالات التي عالجها مشروع القانون الجديد بعدما كرسها قانون البلدية الحالي العمل على مدى عشريتين كاملتين، إلى درجة شكلت أحد المطالب الرئيسية للأحزاب السياسية والمنتخبين المحليين أنفسهم، قضية سحب الثقة من الأميار وإنهاء حالة عدم الاستقرار والانسداد التي تعاني منها مئات المجالس المحلية المنتخبة عبر الوطن، حيث حدد مشروع قانون البلدية آليات اللجوء إلى عملية سحب الثقة، وهو ما نصت عليه المادة 89 المعدلة التي تنص على إلزامية توفر نصاب قدره ثلاثة أرباع أعضاء المجلس لسحب الثقة وفي جلسة علنية بعكس القانون المعمول به حاليا، حيث تنص المادة 55 من المشروع على ما يلي: »تسحب الثقة من رئيسه تنهي مهامه عن طريق اقتراع علني بعدم الثقة بأغلبية ثلثي أعضائه«، فيما أحال المشروع على التنظيم آليات شروط سحب الثقة وشروطها. منع سحب الثقة في السنة الأولى والأخيرة من العهدة كما اجتهد المشرع في إيجاد آليات لفرض استقرار المجالس المنتخبة من خلال منع اللجوء إلى سحب الثقة في السنة الأولى للعهدة وكذا في السنة الأخيرة لها. ولوضع حد للممارسات السيئة التي دأب عليها بعض رؤساء المجالس المحلية بالغياب عن مناصبهم دون مبرر ولفترات طويلة، استحدث المشروع آليات عقابية جديدة تصل إلى حد التنحية من المنصب، حيث نصت المادة 90 من المشروع أن رئيس المجلس البلدي يتفرغ بصفة دائمة لعهدته، وفي حالة الغياب دون مبرر لثمانية أيام متوالية أو لمدة ثلاثة أشهر متوالية في نفس السنة ومهما كانت الأسباب يعتبر مستقيلا من قبل المجلس البلدي أو بقرار من والي الولاية، وهو ما يعكس الإرادة في منح الوالي سلطة واسعة على المجالس المنتخبة والتدخل في تسيير الشؤون المحلية، وبالنسبة لأعضاء المجلس فإن أي منتخب يعتبر مقصيا في حالة الغياب عن ثلاث دورات عادية في السنة، كما يقصى إذا أدين نهائيا بقرار قضائي. ويلزم مشروع القانون رئيس المجلس البلدي المنتخب بالإقامة بصفة دائمة في بلديته مثلما نصت عليه المادة 74: »رئيس البلدية يقيم بشكل دائم في إقليم البلدية« وينهي هذا القرار حالة فوضى ظلت سائدة منذ سنوات ساهمت في تكريس البيروقراطية وتسيير المصالح المحلية عبر الهاتف أو بشكل متأخر، لا يأخذ بعين الاعتبار معطيات واقعية، أدت إلى تأجيج عدم ثقة المواطن بالمجالس المحلية. إنهاء احتكار القائمة الفائزة لمنصب رئيس المجلس وخصص مشروع القانون فصلا موسعا حدد فيه النظام القانوني لعضو البلدية وصلاحيات المجالس ورئيس البلدية وسلطات الوالي على المستوى البلدي ومهام البلدية، وفي هذا الباب تم ضبط بشكل أوضح طريقة انتخاب رئيس المجلس البلدي الذي ينتخب من بين أعضاء المجس المنتخب، حيث نص المشروع على أن المجلس البلدي ينتخب رئيسه بالأغلبية من بين أعضاء المجلس، على عكس النظام السائد في القانون الحالي القائم على احتكار القائمة الفائزة لمنصب الرئيس. وعلى غرار المؤسسات الدستورية وما هو معمول به في عدد من الدول العربية والأجنبية، نص القانون الجديد على وضع قسم خاص برؤساء البلديات، يتلى بحضور أعضاء المجلس وقاضي تعينه السلطة القضائية المختصة إقليميا، وهذا نصه »أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين ومؤسسات الجمهروية وأساهم في كل الحالات في ضمان ديمومة الدولة وأسهر على الأمن العام وأعمل دون هوادة لتنمية بلديتي ورفاهية مواطنيها وأسهر في كل الظروف على استمرارية المرفق العام وجعله في متناول المواطنين دون تمييز والله على ما أقوله شهيد«، ويعد هذا القسم بمثابة التزام أخلاقي ومعنوي لرئيس البلدية كما يمنحه مكانة رمزية ضمن هرم مؤسسات الدولة الدستورية. من حق الوالي عزل الأميار وإلغاء قرارات المجلس وتفتح مسودة قانون البلدية المجال أمام إشراك المواطنين في اتخاذ القرار على المستوى المحلي في إطار العمل على تعزيز الممارسة الديمقراطية المحلية والتسيير الشفاف لشؤون الجماعة المحلية، حيث تلزم المادة 15 من القانون المجالس المحلية ب»السهر على تطوير ومباشرة استشارة والاتصال مع الحركة الجمعوية والزعامات التقليدية والشخصيات المعروفة بحكمتها وسمعتها الطيبة لتحديد الطلبات الاجتماعية"«. كما نصت المادة ال 16 على إمكانية إقامة مجالس بلدية موسعة أي بمشاركة المواطنين ويمكن أن تخرج بقرار بمعد مصادقة المجلس البلدي عليها وبعد تصديق الوالي. كما عزز القانون سلطة الوالي على المجالس المنتخبة وإطلاق يده على الأميار في كثير من المجالات، حيث أصبح الولاة أصحاب القرار في ما يتعلق بعزل رؤساء البلديات أو وقف تنفيذ أي قرار قد يعتبر تهديدا للأمن العمومي، كما يمكن للوالي أن يوجه لرئيس البلدية إنذارا في حالة رفض تنفيذ أو إهمال تنفيذ بعض الأعمال المنصوص عليها في القانون، وفي حال الإصرار على الرفض يجمده لمدة 30 يوما، وفي حال العود يمكنه عزله نهائيا، كما رخص القانون للوالي تنفيذ الميزانية في حال رفض المجلس البلدي تنفيذها. وبإمكان الوالي أيضا إلغاء القرارات التي تصدر عن المجالس المحلية في حال عدم شرعية المداولات الصادرة عنها أو في حال انتهاك الدستور والمساس برموز وصلاحيات الدولة.