أسفرت الأمطار المتهاطلة على مناطق واسعة من العاصمة، عن تشكُل سيول وفيضانات عارمة، حوّلت الشوارع إلى بحيرات وبرك ومسابح مفتوحة، لم يكن ينقصها سوى معلمو السباحة، بسبب عدم استيعاب قنوات الصرف الصحي لكمية المياه المتساقطة، والاختناقات الناجمة عن تقصير المسؤولين في تنقية شبكات التطهير التي تسببت في حالة من الفوضى، وإصابة حركة المرور بالشلل التام، لاجتياح المياه لعدد من منازل المواطنين مع غرق العديد من الشوارع، بما فيها من محال تجارية وسيارات وهو ما أثار سخط المواطنين وغضبهم . مرت أمس، شوارع العاصمة بيوم عصيب بعد أن غمرت مياه الأمطار الأحياء والأزقة والمناطق الرئيسية والدور السكنية حتى الرُّكب، نتيجة اجتياح مياه الأمطار للبيوت ومحاصرة الأحياء والسيارات، بسبب انسداد البالوعات التي تم إهمالها من طرف الجهات الوصية، التي اقتصرت وظيفتها على مُجرد استخلاص إتاوات التطهير من المواطنين ضمن فواتير الماء، ليبقى المواطن وجها لوجه أمام السيول الجارفة، وارتفاع منسوب قنوات الصرف الصحي والبالوعات التي انفجرت بفعل قوة المياه داخل المجاري، فوصل ارتفاع المياه المتفجرة من البالوعات إلى حوالي مترين في بعض المناطق. وفي ظل غياب المسؤولين لحل مشاكل مجاري المياه، تولى المواطن أمره بنفسه، حيث تحول معظم المواطنين إلى عمال البلدية المعنيين بتنقية المجاري وتنظيف قنوات الصرف الصحي، فترى أبناء الجيران يبعدون ما يمكن إبعاده من مياه ليتمكن الباقي من فتح البالوعات في حين يتطوع المارة في مساعدة أعوان الحماية المدنية. كما شوهد في بعض الأحياء المتضررة مجموعة من السكان وقد صعدوا الطوابق العلوية يبحثون عن النجدة، بعد أن تسربت المياه إلى طوابقهم السفلية، ولم يجدوا من مغيث سوى بعض المتطوعين الذين اعتمدوا على إمكانياتهم البسيطة والبدائية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أثاث وأفرشه، كما اضطر السائقين إلى تغيير مساراتهم، بسبب شلل حركة السير ببعض المحاور الطرقية، وانقطاع بعض الطرق نتيجة فيضانات، وظهور انشقاقات وأخاديد وحفر عميقة وسط الطرق، كما جرفت الأمطار إسفلت بعض الشوارع المُزفتة حديثا. وتسببت كميات الأمطار في غرق الكثير من الشوارع الرئيسية والفرعية ببلدية الحراش التي تأذى قاطنوها كما لم يسلم المارين على طريق المحمدية، من مياه الفيضان بمعظم المناطق علاوة على عرقلتها لحركة السير في الطرق السريعة والمحاور الرئيسية، وكل ذلك يعود حسب الأشخاص ممن عاشوا اللحظات الحرجة للفيضان الى نفس السبب وهو انسداد البالوعات وغياب قنوات الصرف الصحي. ولعل ما زاد الطين بلة هو تشكيل الحفر والبرك المائية عبر الأزقة وهو ما صَعّب من مرور أعوان الحماية المدنية التي سارعت إلى الأماكن التي مسّها الفيضان بشدة، اضافة الى عرقلة سير الراجلين الذين استعانوا بالطوب والألواح الخشبية للمرور فوقها أما بأماكن أخرى من الشوارع فقد شلت الحركة التجارية نهائيا لاستحالة الوصول إلى بعض الاماكن، بالإضافة إلى انتشار كبير للأوساخ والقاذورات التي يخلفها باعة المحلات يوميا، زادها في ذلك غياب حملات النظافة والتطهير وقد شكلت هذه الحالة كابوسا حقيقيا لدى المواطنين على حد سواء، فالوضع بالعاصمة أصبح لا يطاق حسب شهادات المواطنين الذين اتهموا سلطات البلدية بالتهاون واللامبالاة بسبب غياب التهيئة. وقد أبدى المواطنون ببلدية الحراش، امتعاضهم من المسؤولين لعدم التكفل بوضعيتهم بعد أن غمرت المياه محلاتهم جراء تساقط كميات كبيرة من الأمطار، مؤكدين أن السلطات لم تعرهم أدنى اهتمام خلال التقلبات الجوية الأخيرة، ولم تتدخل لتسوية وضعيتهم، مبدين تخوفهم من انفلات الأمر وعدم القدرة على السيطرة، خاصة مع تراكم القمامات على مستوى البالوعات التي من شأنها أن تسد جميع مخارج الصرف الصحي. ويشكو المواطنون من الإهمال الدائم للمسؤولين في كل سنة يتكرر فيه المشهد نفسه، ناهيك عن ظاهرة المجاري التي تعيق حركة المارين وخاصة البيوت المجاورة لها، وهو الأمر الذي جعل العائلات تخاف على خروج الأطفال ووقوعهم فيها، أو حتى فتح أي نافذة خوفا من البعوض والروائح الكريهة، على حد قولهم، مطالبين المسؤولين بالإسراع في تدارك الأمر، وزيادة عدد البالوعات والاعتناء بقنوات الصرف الصحي.