ا يستبعد المتتبعون للملف الأمني أن تكون انتفاضة سكان قرية آيت رهاونة مطلع الأسبوع الجاري ضد بقايا الجماعات المسلحة التي تحترف الإرهاب والاختطاف لابتزاز المواطنين ونهب أموالهم، مؤشرا لمحطة جديدة في مسار محاربة الإرهاب في الجزائر، كما تنذر بنهاية باتت وشيكة لهذه الجماعات التي وجدت نفسها محاصرة من قبل مواطني هذه المنطقة الثائرة الذين نجحوا في فرض قانونهم وتحرير الرهينة المختطف دون دفع سنتيما واحدا، بعدما زرعوا الرعب في نفوس عناصر الجماعة الإرهابية. يذهب أصحاب هذا الطرح إلى أن بقايا الجماعات المسلحة في الجزائر التي ما فتئت تتلقى الضربة تلو الأخرى في الأشهر الأخيرة من قبل قوات الجيش الوطني الشعبي وأجهزة الأمن، تكون قد دخلت مرحلة الاحتضار واقتربت من نقطة النهاية، بعدما وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع جموع المواطنين الثائرين في بلدية آيت رهاونة بولاية تيزي وزو والذين ضاقوا ذرعا بالاعتداءات المتكررة لهذه الجماعات التي اتخذت من اختطاف المواطنين وابتزاز ذويهم سبيلا مفضلا لتمويل العمليات الإجرامية وزهق أرواح الأبرياء، حيث تشير الأرقام إلى أن عدد عمليات الاختطاف بالمنطقة تقدر بالعشرات وتستهدف عادة رجال الأعمال والمستثمرين، لجأ إليها الإرهابيون كبديل لكسر الحصار الذي فرضته عليهم قوات الأمن. وقد كانت رسالة مواطني آيت رهاونة واضحة ولم يستغرق المختطفون وقتا طويلا لاستيعابها، وبعد ساعات فقط اضطرت الجماعة التي نفذت عملية الاختطاف التراجع عن مطلب الفدية والمقدر ب700 مليون سنتيم وتسارع إلى تحرير المختطف، فقد واثقة أن جموع المواطنين الغاضبين قادرة على تنفيذ التهديد وأن لاشيء يمكن ساعتها أن يقف أمامها، هذا الشجاعة والإرادة التي عبر عنها مواطنو آيت رهاونة واستعدادهم للدخول في مواجهة مباشرة مع الجماعة المسلحة التي تنشط في المنطقة سيجعل عناصر هذه الأخيرة يعيدون حساباتهم أكثر من مرة قبل أن يتجرؤوا مستقبلا على معاودة الكرة، خاصة وأن السلطات الأمنية تكون بصدد دراسة الطلب الذي رفعه مواطنو هذه المنطقة الذين عبروا عن رغبتهم في التسلح للمساهمة في مكافحة الجماعات الإرهابية. ومن وجهة نظر المتتبعين للشأن الأمني فإن انتفاضة منطقة آيت رهاونة تعكس بوضوح المأزق الذي توجد فيه حاليا الجماعات المسلحة والتي باتت معزولة ولا تملك أي سند أو دعم شعبي، ومن المرجح في رأي المحللين أن أغلب المناطق التي ما تزال عرضة من وقت لآخر لاعتداءات الجماعات المسلحة، ستحذو حذو مواطني آيت رهاونة الذين كسروا حاجز الخوف وأثبتوا قدرة كبيرة في التحدي والصمود أمام تهديدات المختطفين، وهو ما سيضع هذه الجماعات التي تحترف الإرهاب والاختطاف لترويع الآمنين مستقبلا ليس في مواجهة مع قوات الأمن وعناصر الجيش فحسب بل في مواجهة مع المواطنين وهي المواجهة الأصعب لأن اتجاه الكفة فيها محسوم مسبقا.