تم، مساء يوم الإثنين، بمنطقة »رهاونة« بإفليسن (دائرة تيڤزيرت) بولاية تيزي وزو، تحرير تاجر اختطفته جماعة إرهابية، الليلة الفاصلة ما بين الخميس والجمعة، بهدف ابتزاز عائلته، مطالبة مقابل الافراج عنه فدية قدرها 700 مليون سنتيم قبل تخفيضها إلى 200 مليون سنتيم، وهو ما تم بالفعل في النهاية دون دفع سنتيم واحد. والواقع أن كلمة التحرير تفرض ذاتها هنا بقوة بدلا من كلمة إطلاق سراح، والفضل في تحرير الرهينة يعود بالدرجة الأولى الى سكان المنطقة، الذين تجندوا كلهم ووقفوا وقفة رجل واحد بعد أن صمموا على إحباط هذه العملية الشنيعة، والتصدي للإرهاب، قاطعين الطريق على الجماعات الارهابية، التي تتخذ من مثل هذا العمل الدنيء والمرفوض من طرف الشرع، والقانون والانسانية سواء كان أسلوبا أو منهجا للوصول الى أهدافها. وليس ذلك بغريب على جماعات تنتمي لتنظيم مسلح خارج عن القانون وعن الشرع وعن أعراف المجتمع وتقاليده، حيث أضاف الى قاموسه الملطخ بدماء المواطنين الأبرياء، وعمليات التخريب والحرق، والنهب، والإغتصاب، إختطاف المواطنين وحجزهم كرهائن لمقايضتهم بالمال من أجل ديمومة نشاطاتهم، الذي حصر إلى أقصى درجاته بفعل الصرامة وعدم الرضوخ لمطالبه مهما كانت، والتي عرفت إنكسارا تلو الانكسار طيلة السنوات الماضية. إن هذا العمل البطولي الكبير الذي مارسه أبناء منطقة »رهاونة« بضغطهم على الجماعات الارهابية المسلحة من أجل اطلاق سراح الرهينة هو بالتأكيد عمل ينم عن مدى الوعي والشعور بالمسؤولية، ويقيم الدليل على تجذر روح المواطنة لديهم، وما كان في الواقع لينجح لولا تجندهم واصرارهم من جهة، ومساعدة القوات المسلحة المرابطة بالمنطقة ليل نهار للسهر على أمن المواطن وممتلكاته، ومطاردة فلول الارهاب أينما حل وارتحل. صحيح أن عملية التحرير هذه لها أهمية بالغة من جميع الجوانب، الا أن أهم ما فيها ليس النهاية السعيدة التي توجت بها بقدر ما هي سابقة تمثل نقلة نوعية في التصدي للارهاب الذي يتطلب منا جميعا مكافحته بشتى الطرق والوسائل بعد ان بات الشعب شريكا فعالا ومطلوبا في التصدي للظاهرة ولا يمكن الاستغناء عنه أبدا، وما قام به ابناء منطقة »رهاونة« الأبطال يقيم الدليل على مدى تعاضد المواطنين وقوات الأمن وسلامة العلاقة الوثيقة التي لا تنفصم بينهما، وهو ما يعني وضع العربة في طريقها الصحيح، بحيث يجعل مثل هذه الجماعات الإجرامية تفكر ألف مرة قبل الاقدام على أية عملية إختطاف جديدة، ذلك أن المواطنين سيتصدون لها منذ البداية، وبالتالي لن تتمكن من النجاح مستقبلا مثلما قدر لها في عمليات محدودة سابقة ووقتها فقط يتحرك المواطن بكل حرية وأمان في أي مكان وكما يشاء