دعت من جديد وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت النقابات الوطنية إلى »تغليب لغة الحوار، وتفعيل ميثاق أخلاقيات المهنة« الذي ترى فيه المخرج الوحيد من الورطة المتواصلة ، التي تقع فيها وزارة التربية كل سنة، وعلى أن تكون النقابات عاملا إيجابيا وشريكا فعالا في تحسين المستوى البيداغوجي للتلاميذ، الذي هو مشروط بتحسين تكوين الأساتذة ومديري المؤسسات التربوية، وفي هذا الإطار أعلنت السيدة بن غبريت عن أن دائرتها الوزارية تسعى لأن يكون لكل ولاية مركز خاص للتكوين. تحرص من الآن وزيرة التربية الوطنية السيدة نورية بن غبريت على أن يكون في السنة القادمة مركز خاص لتكوين الأساتذة في كل ولاية ، وعلى أن يكون الموسم الدراسي القادم موسما دراسيا هادئا ومستقرا، وهي ترى في أن هذا لن يتحقق إلا من خلال تفعيل الحوار مع نقابات القطاع، ولذلك تراها تعود من جديد للدعوة إلى »تغليب لغة الحوار« على سلوكات الإحتجاج والإضراب من قبل النقابات، التي واظبت لسنوات على تعكير مجرى الدراسة الطبيعية والعادية من أجل مطالبها المهنية والاجتماعية المعروفة. وأبرز ما تراهن عليه وزيرة التربية الوطنية من أجل تحقيق استقرار حقيقي وفعلي لضمان دراسة طبيعية وعادية للتلاميذ على مدار السنوات هو أن تنتهي وزارتها إلى استحداث ميثاق شرف لمهنة التدريس، توضح فيه حقوق الأستاذ، وحقوق التلميذ، وعلى أن تُضبط بدقة حدود وامتدادات هذه الحقوق، ذلك أن السيدة بن غبريت وخلية التفكير التي تعتمدها ترى في أن »العدو اللدود لمصلحة التلميذ هو الإضراب، وتوقّف الأستاذ عن تلقينه الدروس المقررة للتلميذ«، وهذا الأمر المتكرر سنويا ليس بالإمكان معالجته معالجة صائبة ودائمة إلا بوضع ضوابط جديدة لحق الأستاذ في الإضراب، على أساس متى يضرب، وكيف، وعلى ماذا يضرب، وأين هي حدود هذا الإضراب زمانا ومكانا، ويكون هذا طبعا ضمن الضوابط والحدود المشروطة للنشاطات الاجتماعية والمهنية ضمن الأطر النقابية المعتمدة قانونا. ومثلما يعلم الجميع، فإن السيدة بن غبريت كانت انتابتها فكرة ضرورة وحتمية إحداث »ميثاق شرف الأستاذية« في عزّ الاحتجاجات والإضرابات السابقة التي شهدتها السنة الدراسية الماضية والسنوات التي سبقتها، التي كانت في كل مرة تنتهي إلى المعضلة الكبيرة المعروفة، التي يواجهها التلاميذ وتواجهها وزارة التربية، وهي معضلة »العتبة التي تغيرت هذه السنة شكلا وظلت قائمة مضمونا«، وهذه العتبة معناها بدقة بعيدا عن أية سفسطة كلامية أن تلاميذ كل الأقسام الدراسية من أول سنة دراسية في التعليم التحضيري إلى آخر سنة في التعليم الثانوي تُنزع من مقرراتهم الدراسية وفي كل المواد »حزمة« من الدروس لا يُمتحنون فيها، لأنهم لم يدرسوها، أو يكونون مرّوا عليها مرور الكرام. ولأن وزيرة التربية في عزّ الاحتجاجات والإضرابات السابقة خافت من أن يكون لإلحاحها على استحداث هذا الميثاق مفعول عكسي لما هي تتمناه من سير طبيعي وعادي للمنظومة التربوية، فإنها فضلت إرجاء طرحه بقوة إلى وقت لاحق، وهي وحتى يومنا هذا مازالت متمسكة به، ويساندها في ذلك أولياء التلاميذ، بالرغم من حالة الامتعاض وشبه الرفض القطعي الذي أبانت عنه بعض التصريحات النقابية بهذا الخصوص، التي ترى في أن السيدة بن غبريت بمسعاها ومُبتغاها هذا تريد فرض تكبيل النقابات، وإعادة النظر في الحق في الاحتجاج، والحق في الإضراب، والحق في الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للعمال والموظفين. ويبدو من خلال تصريحها أول أمس على هامش زيارتها لولاية برج بوعريريج أنها عازمة على طرحه، وستطرحه بقوة في الندوة الوطنية المقرر عقدها يوم 22 جويلية الجاري، وعلى أن تسعى لتجسيده على أرض الواقع بسرعة في السنة الدراسية القادمة. ومن الآن أعلنت الوزيرة بن غبريت أنها ملتزمة ببلوغ هدفها المنشود، الذي حددته في تلقين الدروس للتلاميذ على امتداد 32 أسبوع، وهو ما يعادل بحساب بسيط دراسة مدة ثمانية أشهر، أو مجموع 160 ساعة على مدار السنة، وفي حال ما إذا كانت هناك إضرابات من شهرين أو ثلاثة أشهر، مماثلة لما كانت عليه في السنة الماضية وسنوات سابقة، فإن مدة الدراسة السنوية الإجمالية للتلاميذ ستتقلّص إلى ستة أو خمسة أشهر، وهي مدة غير كافية بالمرّة، بل و »كارثية« إن على المستوى التحصيلي للتلميذ، أو على المستوى التعليمي في الجزائر عموما.